أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Oct-2017

شركة مناجم الفوسفات.. وحرب الاستنزاف

 الراي-المهندس أحمد المبيضين

تعيش شركة مناجم الفوسفات الاردنية حالة (كارثية) لم تعشها من قبل.. اربع سنوات عجاف مرت عليها وكان اخرها العام الماضي 2016
حيث بلغت الخسائر حوالي 90 مليون دينار وهذا الرقم قد يزيد )اذا ما تم اظهاره على حقيقته). هذه الشركة التي كانت تعتبر الثالثة
على مستوى العالم من حيث التصدير والخامسة عالمياً من حيث كميات الانتاج بعد المغرب والولايات المتحدة الاميركية والصين وروسيا
حيث حققت في الاعوام 1989 وبعدها حوالي 1ر7 مليون طن انتاج و7 ملايين طن تصدير من افضل النوعيات العالمية حيث وصل
الفوسفات الاردني الى استراليا ونيوزلندا وجميع القارات والدول وحظيت الشركة (المناجم) بزيارات العديد من سفراء العالم وحتى
الوفود العسكرية التي كانت تزور الاردن وبعض القادة ورئيسة وزراء بريطانيا السيدة تاتشر (المرأة الحديدية) وكانت هذه الشركة مفخرة
اقتصادية للاردن حيث لديّ العديد من كتب الشكر من هؤلاء السفراء والوفود يشيدون في هذه الشركة وانجازاتها.
إن الزائر لمواقع الشركة حالياً للمناجم والمواقع (المصانع) يشعر بالصدمة والحزن العظيم لحالة التردي التي وصلت اليها هذه المواقع
والمناجم رغم التطور التكنولوجي العالمي الا ان هذا لم ينعكس على تطورها ابداً بل اصبحت في نقطة حرجة نقطة اللاعودة نتيجة
اختلالات مالية وفنية وادارية واهمها نفاد الاحتياطي من خامات الفوسفات في مناجم الحسا والابيض الا (القليل) وعلى اعماق كبيرة ولم
يؤخذ في خطط الشركة بناء مناجم جديدة في موقع الشيدية الذي يمثل اكبر احتياطي لخامات الفوسفات في الاردن.
حيث كانت الخطة منذ عام 2000 لبناء ثلاثة مناجم جديدة في الشيدية (الجنوب من معان) حيث يتركزاكبر احتياطي لخامات الفوسفات الا
ان الوضع بقي على حاله لا بل العكس تم تسليم اهم عنصر من مقومات الشركة وهو الانتاج والتعدين الى المتعهدين (حيث ان
عناصر مقومات الشركة هي الانتاج والنقل والتسويق) وجميعها تعتمد على الانتاج والتعدين.. وتم تسليم هؤلاء المتعهدين جميع
آليات ومعدات الشركة فكان هدفهم جني الارباح دون النظر الى المحافظة على طبقات الفوسفات التي بحاجة الى معالجة وتم طمرها
من اجل التخلص منها وجني ارباح كبيرة والغريب في الامر ان المتعهدين يجنون الارباح وشركة الفوسفات تخسر عاماً بعد عام.. هل
هذا منطق سليم وهل هي معادلة صحيحة في علم الاقتصاد؟
اعتقد ان من الخطأ الكبير ان يتم تسليم رقبة شركة مناجم الفوسفات الى متعهدين بنسبة 100 %وعندما كانت الشركة في عصرها
الذهبي في الثمانينات والتسعينات كانت هناك نسبة وتناسب حيث ان الشركة تقوم بحوالي 70 – 75 %من عمليات التعدين بآلياتها
وموظفيها والباقي يقوم به المتعهدون وكانت الشركة تحقق ارباحاً خيالية وكانت الحكومة تتقاضى رسوم تعدين وانتاج وتصدير,
وصلت الى (5 (دنانير عن كل طن ينتج أو يباع, مع العلم أن اسعار الفوسفات ليست كما هي عليه اليوم حيث كانت الاسعار تتراوح ما
بين 35 – 45 دولاراً للطن الخام, ويزيد او ينقص احياناً حسب نوعيته بل كان هناك انتماء وتفان في خدمة المصلحة العامة فكان العامل
والمهندس والمدير على قلب رجل واحد لأنه ليس همهم الا العمل, ولا تدفع لهم ساعات اضافية مهما بلغت ساعات العمل (الا في
الحالات الطارئة) ولا يوجد رواتب 15 و16 كما هو الحال اليوم والتعويضات لهم في نهاية الخدمة قليلة جداً ولا تسد رمق المنتهية خدمته,
بالرغم من الظروف الصعبة لهم التي عاشوها وقدموها للشركة بعكس ما هو الحال عليه اليوم حيث يحصل الموظف المحال للتقاعد
على تعويضات خيالية تصل الى مئات الالوف من الدنانير ورواتب تقاعدية بالآف رغم ان الجهد الذي يقدم من طرفهم (وليس الجميع) لا
يقارن بالمقاعدين القدامى الذين افنوا حياتهم في خدمة الشركة, وهذا الظلم الذي وقع على الشركة بسبب تسليمها الى ادارات غير
متخصصة لا همّ لها الا الحصول على رواتب خيالية وعضويات مجالس ادارة في الشركات الحليفة (الخاسرة) والسفر والمياومات حيث
بلغت للشخص الواحد اكثر من مئة الف دينار ويتجاوز هذا الرقم اضعافاً مضاعفة والتقارير السنوية تبين جزءاً من هذه الرواتب
والمكافآت, وللاسف أن بعض اعضاء مجلس الادارة غير ملمّين بظروف الشركة وليس لديهم اي تصور لانقاذها.
ان الشركة بحاجة الى عمليات جراحية سريعة ويمكن اصلاحها ان وجدت الدعم من الحكومة واعادة هيكلتها وفتح مناجم جديدة في
منطقة الشيدية وان تتم معالجة طبقات الفوسفات من A3 وA1 بالغسيل والتعويم لانتاج نوعيات عالية كما كان سابقاً حيث وصلت
نسبة الفوسفات من اعلى النسب في العالم 77/75 في الشيدية بعد الغسيل والتعويم, حيث تم توقيف هذه العملية دون مبرر, وتم
الاعتماد على الخلط لجني ارباح سريعة للمتعهدين.
لقد حظيت الشركة في نهاية 1999 وبداية عام 2000 بزيارة كريمة لجلالة الملك عبداالله الثاني المفاجئة الى مناجم الشيدية والتي كلفت
حوالي 300 مليون دولار وكانت في حالة متردية بسبب سوء الادارة وبعدها قام جلالته بالاجتماع مع مجلس ادارة شركة الفوسفات وتم
اتخاذ قرار بتغيير الادارات في مناجم الشيدية والحسا والابيض, حيث تم ذلك واخذت الشركة تعود لعافيتها نتيجة الاجراءات الادارية
الناجحة في تلك المواقع والكل يشهد بذلك.
حيث تم رفع الانتاج وتصليح الامور وتم تزويد شركة مصانع الهندية الاردنية بفوسفات من منجم الشيدية خلال شهر من تسليمي
الموقع بدلاً من مما كان ينقل اليه الفوسفات من منجم الابيض على مسافة 200 كم بمقدار3000 طن يومياً من الفوسفات المغسول
وبكلفة مقدارها 10000 دينار يومياً وتم اختصار مسافة النقل من 200 كم الى 5 كم وبنوعيات افضل مما حقق ارباحاً لهذه الشركة ورفع
مستواها.
الألم الكبير والحديث يطول وعلى الحكومة أن تتخذ اجراءات سريعة لانقاذ هذه الشركة الوطنية العملاقة التي يعتاش من ورائها الالاف
من العائلات بشكل مباشر وغير مباشر.
متمنياً لبلدنا التقدم والازدهار والبعد عن مواطن الفساد في ظل صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبداالله الثاني ابن الحسين حفظه االله
ورعاه.
مدير الانتاج ومدير النقل ومدير مناجم الحسا والابيض والشيدية سابقاً