أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Sep-2021

الموارد البشرية الخامة المميزة*د. خالد واصف الوزني

 الراي 

تقرير المعرفة العالمي الذي يصدر عن مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي«UNDP»، يضع الأردن في مجالات المعرفة المختلفة، في العام 2020، في المرتبة 79، من أصل 138 دولة مشاركة في التقرير. ويغطي ذلك المؤشر ستة قطاعات معرفية مترابطة ومتداخلة ومُحدِّدَة للتراكم المعرفي في الدول، وهي: التعليم قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني، التعليم العالي، البحث والتطوير والابتكار، تكنولجيا المعلومات والاتصالات، والاقتصاد، إضافة إلى البيئات التمكينية التي تحكم تلك القطاعات. ويحتوي كلٌّ من القطاعات المشار إليها عدداً من المتغيرات التي تمَّ على أساسها قياس المؤشر الكلي للمعرفة لكل دولة.
 
ويشير قطاع التعليم العالي لمؤشر المعرفة في الأردن إلى أنَّ متغير الموارد البشرية يضع الأردن في المرتبة 7 عالمياً، بين 138 دولة مشاركة في المؤشر. أي إنَّ نوعية المورد البشري الأردني يقع في أعلى هرم الموارد البشرية في العالم، وهي إشارة تدعو للفخر بذلك المورد، وأنه بالفعل «أغلى ما نملك»، ما يعني أنَّ علينا حسن إدارته إذا ما أردنا الحصول على تنمية بشرية حقيقية تُسهم في تقدم البلاد. ويشير التقرير إلى أنَّ كفاءة الطلاب تضع الأردن في المرتبة 17 عالميًّا، ما يعني أنَّ العنصر البشري الأردني وخامته البشرية في مستوى متقدم على مستوى العالم. وهنا يأتي مستوى استخدام تلك الخامة، وتشكيلها، وصقلها بشكل يخدم التنمية الاقتصادية في الدولة. وهو ما يدعو للنظر إلى بعض المؤشرات الأخرى التي تصبُّ في خدمة تلك الغاية، أي تصبُّ في معرفة الدور الذي تلعبه سياسات التعليم المختلفة في تأهيل الخامات البشرية، وتشكيلها لتكون رافداً اقتصادياً تنموياً حقيقياً للبلاد.
 
وهنا فإنَّ مؤشرجودة التعليم العالي تضع الأردن في المرتبة 72 عالمياً، وتفصيلاً، نجد أنَّ مرتبة الأردن في خريجي درجة البكالوريوس هي 42، وفي خريجي درجة الماجستير هي 95، وفي خريجي درجة الدكتوراه هي 55، على صعيد آخر، نجد أنَّ الأردن في مؤشر جودة الجامعات يحتل المرتبة 55 بين 138 دولة مشاركة في المؤشر.
 
وبناءً على ذلك كله، نجد أنَّ المحصلة تظهر في موقع البلاد في مؤشر بطالة خريجي التعليم العالي، حيث يقبع الأردن في المرتبة 118 بين 138 دولة.
 
الشاهد من ذلك كله، أنَّ الخامة البشرية المميزة في الجامعات تحتل المرتبة 7 عالمياً، وكفاءتها تضعها في المرتبة 17 عالمياً، ولكن تشكيلها وصياغة مهارتها، وتجهيزها لسوق العمل تنحدر بها إلى المرتبة 118 عالمياً. والحوصلة مما تقدم تؤكد أنَّ البطالة الهيكلية التي نشهدها اليوم هي نتاج التعليم الذي يُخَرِّجُ حاملي شهادات غير مؤهلين للعمل، أي أننا نُخرِج حاملي شهادات ليس إلا، ما يعني أنَّ منتجات مصانع التعليم العاليلا يتناسبون ومتطلبات سوق العمل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، هناك ما نشهده من تدني مستوى الإنتاجية بين من يعمل من الخريجين، وبالتالي يتحوَّل الكثير منهم إلى بطالة مقنَّعة في القطاع العام، أو يفقدون وظائفهم في وقت مبكر لعدم رضا أصحاب العمل عنهم في القطاع الخاص.الخامة البشرية الأردنية تأتي إلى النظام التعليمي مجهزة للتأهيل ولاكتساب المهارات، ويتم تشكيلها بشكل مخالف تماماً لمتطلبات العمل والانتاج محلياً أو حتى إقليمياً، وقطعاً مع فروقات فردية، أو تخصُّصية، تحصر الإنتاجية والتميُّز في تخصُّصات محددة، ولدى أفراد اجتهدوا بشكل فردي في صقل مهاراتهم في اللغات، وفي الرقمنة، وفي مهارات التواصل والاتصال.
 
محصلة ما سبق كله هو في رسالة بسيطة واضحة، علينا بإصلاح التعليم بكافة مستوياته، إذا أراد الأردن أن يحقِّق معدلات تنمية حقيقية، وأن يعالج معضلة البطالة التراكمية المستمرة منذ عقود.
 
الأرقام والإحصاءات واضحة، والعمل على التحسين واضح وممكن، ولا يحتاج سوى قرارٍ حقيقيٍّ بتحسين مستويات التعليم بكافة مستوياته، وعلى مستوى البنية التحتية من مرافق، وشبكات اتصال وأجهزة، والبنية الفوقية من نوعية مدرسين، وأساتذة جامعيين، وبرامج، ومنهاج. وكل ذلك متاح عالمياً وهناك تجارب ناجحة، وجامعات ومدارس عالمية تَخَرَّجَ منها العديد من أبناء البلاد، وعليهم تطبيق ما شاهدوه بأعينهم في تعليم وتأهيل الخامات البشرية.
 
وختاماً، علينا أن نبدأ اليوم، وكلُّ عام من التأخير هو عامٌ إضافيٌّ في هدر أغلى ثرواتنا؛ أي في هدر الكوادر البشرية.