أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2019

سياسات اقتصاديّة بَعيدة عن التنفيذ*سلامة الدرعاوي

 الدستور-بعيداً عن توصيات المؤسسات الاقتصاديّة الدوليّة والتي يرتبط الأردن باتفاقيات وتعاون معها، فإن الحكومات المُختلفة تفننت في إخراج سياسات وخطط اِقتصاديّة على مدار السنوات الماضيّة، وجعلتها عناوين رئيسيّة للمشهد الاقتصاديّ، وأعدت لها حملات إعلاميّة مُكثّفة كان واضحاً أن هذه السياسة أو الخطة ستكون أولويّة حكوميّة تنفيذيّة على رأس أجندة عَمَلَها.

المؤسف أن غالبية تلك الخطط والسياسات وضعت على الرف، إما من الحُكومة ذاتها أو من التي تليها، مما يؤكد على غياب العمليّة المؤسسيّة في التخطيط والعمل الرسميّ الحكوميّ في الشأن الاقتصاديّ.
حُكومة النسور جاءت مُتحمسة بعد أن تراجع الربيع العربيّ وتداعياته في المملكة، وأطلقت استراتيجيّة تقييم برنامج التخاصيّة برئاسة الرئيس الحالي الدكتور عمر الرزاز في اِحتفال إعلاميّ مَهيب حضره رئيس الوزراء النسور نفسه وغالبية أعضاء وزارته، وتعهّد حينها بأن لا يكون هذا التقرير على الرف، وأن يتم الأخذ بتوصياته، لكن كالعادة أيام وأشهر وسنوات من عمر حُكومة النسور التي أمضت أربعة سنوات في إدارة الدوار الرابع وتقرير التخاصيّة لم يحرك ساكناً من إدراج الحُكومة التي تبخرت وعود رئيسها بتنفيذه.
ذات الحُكومة أعدت أيضا رؤية الأردن 2025، وحينها أشغلت الرأي العام بأن هذه الخِطة هي المسار الاقتصاديّ المُنقذ للاقتصاد الوطنيّ، وأنها ستكون عابرة للحُكومات حتى تاريخ اِنتهاء أهدافها، وانشغل الرأي العام ببيانات الحُكومة وتصريحات وزرائها المُختلفة حول أهمية الرؤية وضرورة تنفيذها وسبل تنفيذها واِنسجامها مع الاتفاقيات الدوليّة للأردن وعلاقاته مع مجتمع المانحين والمؤسسات الاقتصاديّة العالميّة.
لكن حُكومة النسور رحلت قبل البدء بتنفيذ رؤيتها 2025، لتأتي بعدها حُكومة الملقي التي أوتوماتيكيا وضعتها على الرف من دون أي مُقدمات أو مُسببات، لتستعيض عنها بخطة التحفيز الاقتصاديّ لخمس سنوات مُقبلة، وشملت هذه الخطة كُلّ مناحي الاقتصاد الوطنيّ وقطاعاته المُختلفة، والسيناريوهات المُقترحة لِرفع مُعدّلات النُمُوّ وتوفير المزيد من فُرص العمل، والبحث عن تعزيز تنافسيّة الاقتصاد الأردنيّ وتسهيل بيئة الأعمال فيه بشكل يدعم عمليات جذب المستثمرين إلى المملكة.
ونفس الحملات الإعلاميّة للخطط وللسياسات السابقة، لحق بخطة التحفيز حزمة إشهار وترويج إعلاميّ كبير على مُختلف الوسائل، واحتلت جزءاً رئيسيّاً من خطاب الدولة الإعلاميّ باعتباره استراتيجيّة إصلاحيّة للاقتصاد الأردنيّ، والحكومة معنية بتنفيذها لما فيها من مَصلحة اِقتصاديّة عُليا للدولة وجب تنفيذها وتحقيقها.
لكن مرّة أخرى وكسابقاتها وضعت خطة التحفيز على الرف بجانب مثيلتها المُعدّة من الحُكومات السابقة بعد أن رحلت حُكومة الملقي وأتت حكومة الرزاز على وقع احتجاجات الشّارع ضد قانون الضَريبة.
حُكومة الرزاز لم تستكمل خطوات تنفيذ خطة التحفيز التي كانت حكومة الملقي بدأتها، ووضعتها على الرف واستحدثت بدلا منها خطة الأولويّات التنفيذيّة التي توضّح هي الأخرى مسار العمل الحكوميّ وأين يَسير، وماذا تحقق وما لم يتحقق، ووضع بداخلها عدد كبير من التغيير والتقييم لمختلف القطاعات وأهداف كُلّ إجراء تجاهه، ولاقت الخطة كذلك حملة إعلاميّة مُكثّفة قادها الرزاز بنفسه، وشكلت أولويّة في الخطاب الإعلاميّ الرسميّ.
لا أحد يستطيع أن يعرف الأسباب التي تجعل الحكومات تلغي خطط الحُكومات السابقة، علماً أن جميع تلك الحكومات جاءت بذات الشكل في التعيين والاختبار، ولم تأتِ أيّ واحدة منهم عن طريق انتخابات، فجميعهم مُعينون، وبالتالي تنتفي الحاجة إلى قطع البرامج السابقة لأيّة حُكومة، فالمفروض هو استكمال تلك الخطط والبرامج والسياسات والبناء عليها.
للأسف لا أحد منا يستطيع أن يُقيّم السياسات السابقة من برنامج تقسيم التخاصيّة أو رؤية 2025 أو خطة التحفيز أو حتى برنامج الأولويّات التنفيذيّة الحالي لِحُكومة الرزاز، لأنه لا يوجد مسار تنفيذيّ لأيّ منهم يُمكّن المراقب أو المحلل من تقييم موضوعيّ ضمن معايير ذات جودة عالية.
هذا الانقطاع في تنفيذ السياسات من قبل الحُكومات المُتعاقبة هو مؤشر على عدم الاستقرار الفكريّ في المطبخ الرسميّ لِصانع القرار الاقتصاديّ من جهة، وغياب العمل المؤسسيّ في العمليّة الاقتصاديّة، وغلبة العامل الشخصيّ من جهة أخرى.