أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-May-2019

العمالة الفقيرة .. سبل المواجهة* أحمد عوض

 الغد-في خضم تراجع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الماضية، برزت الى السطح ظاهرة العمالة الفقيرة في الأردن، وهم فئة جديدة من الفقراء غير القادرين على تلبية متطلبات حاجاتهم وحاجات أسرهم الأساسية، بالرغم من أنهم منخرطون في سوق العمل ويعملون في الاقتصاد المنظم أو غير المنظم.

وهي ظاهرة جديدة، باعتبار أن الفقراء الذين كانت وما زالت تتعامل معهم شبكات الحماية الاجتماعية في الأردن، هم المواطنون غير القادرين على العمل، ولا يوجد لديهم أي مصدر للدخل مثل كبار السن والمرضى والأشخاص من ذوي الإعاقة وأسر السجناء وغيرهم من الفئات الاجتماعية غير القادرة على العمل لأي سبب كان.
والعمالة الفقيرة تعد تحديا إضافيا إلى جانب التحديات الاجتماعية الأخرى التي نعيشها يوميا، ويتطلب مواجهتها تطوير و/أو تعديل سياسات اجتماعية واقتصادية قادرة على تمكين هذه الفئات الاجتماعية المتنامية من الخروج من دائرة الفقر، وتمكينها من مواجهة متطلبات الحياة وتغطية النفقات الأساسية اللازمة لتمكينهم من الحياة الكريمة.
تنامت هذه الظاهرة بشكل ملفت، بعد مضي الحكومات المتعاقبة وغالبية القطاع الخاص قدما في عدم رفع أجور العاملين بما يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة المعبر عنها بمؤشري أسعار المستهلك والتضخم. الى جانب إصرار الحكومات المتعاقبة بما فيها الحكومة الحالية على عدم رفع الحد الأدنى للأجور.
وبالرغم من انخفاض الحد الأدنى للأجور بشكل فاضح (220) دينارا شهريا، فإن الحكومة ممثلة بوزارة العمل غير قادرة على تطبيقه، إذ هنالك عشرات آلاف العاملين والعاملات في الاقتصادين المنظم وغير المنظم لا تصل رواتبهم إلى الحد الأدنى للأجور، وهم يتركزون في قطاعات اقتصادية ومهن معروفة، مثل الزراعة وصالونات التجميل والعاملات بمهن السكرتارية في مكاتب المهنيين من أطباء ومحامين ومهندسين ومعلمات المدارس الخاصة، إلى جانب العديد من المهن الأخرى.
وإضافة إلى انخفاض الحد الأدنى للأجور، وعدم ربطه بمستويات المعيشة وخط الفقر المطلق، وعجز الحكومة عن تطبيقه، فإن مستويات الأجور بشكل عام في الأردن منخفضة، إذ تشير أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2017 إلى أن ما نسبته 31.5 % من العاملين المسجلين فيها (عمالة منظمة) رواتبهم الشهرية 300 دينار فما دون (مع العلم أن خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية في الأردن يقارب 400 دينار شهريا).
ودلالة هذا المؤشر تتفاقم إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن مستويات أجور العاملين في الاقتصاد غير المنظم – غير المسجلين في الضمان الاجتماعي- أقل منها في الاقتصاد المنظم، وهم يشكلون ما يقارب 50 بالمائة من القوى العاملة في الأردن.
هذا التحدي الجديد في طريقه إلى التفاقم في ظل إصرار الحكومة على عدم مراجعة سياسات الأجور والحد الأدنى لها، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة الى اتساع مساحة الفقراء في الأردن أكثر فأكثر، وبالتالي مزيد من الضغوط على مخصصات شبكات الحماية الاجتماعية.
يبدو أن التوجه العام لدى الحكومة يذهب باتجاه تقديم مساعدات نقدية إلى الأسر التي تحصل على دخول لا تكفي لتغطية نفقاتها الأساسية، الى جانب دعم الأجور، والذي نرى أنه مدخل غير فعال وغير مستدام لمواجهة هذه المشكلة، حيث يبقي على جذر المشكلة المتمثلة في انخفاض الدخول مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة.
السياسة الأكثر فاعلية واستدامة لمواجهة تحدي العمالة الفقيرة والحد من الفقر بشكل عام، يتطلب إجراء مراجعات جريئة لسياسات الأجور باتجاه زيادتها، وتفعيل أساليب الرقابة والتفتيش لوزارة العمل والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، لضمان احترام معايير العمل وعلى رأسها الأجور، والحد من كافة أشكال التهرب التأميني الذي تمارسه آلاف المؤسسات بعدم تسجيل العاملين لديها في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.