أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Jun-2018

بناء على حراك الشارع...! *حسين الرواشدة

 الدستور-أن يحلم هؤلاء الشباب الذين خرجوا للاحتجاج في الشارع من اجل وطن مزدهر وعادل وخال من الفساد فهذا حقهم المشروع، أما الواقع وما أصاب الأردنيين على مدى السنوات الماضية فله حديثٌ آخر...ضروري ولكن موجع أيضاً.

بين هذا الحلم الجميل وذلك الواقع المليء بالغبار، لابدّ ان ندقق في الصورة بمزيد من العقلانية والهدوء ثم الإنصاف– لبلدنا لا  لغيره -ذلك ان الاستمرار في الحلم والحماسة يمكن ان يأخذنا بعيدا فنخسر ما حققناه من إنجازات على مدى العقود الماضية من تاريخ بلدنا، واهمها «الحفاظ على البلد»، لا أبالغ هنا إذا قلت بأن ما يريده أعداؤنا في الداخل والخارج على حد سواء هو «تصفية الأردن»، وبالتالي فأفضل لنا ان نكتفي مرحليا بما حققناه من مكاسب ونعض على جراحنا ونؤجل جزءاً من احلامنا من ان نعطي هؤلاء الفرصة للانقضاض على ما تبقى من وطن واحلام وانجازات صنعها الأردنيون بدمهم وعرقهم وصبرهم أيضاً.
أعرف ان بعض القراء الأعزّاء سيرددون مع الشباب المحتجين «مطالبهم» المشروعة، وسيردون عليّ بمنطق ما يتردد في الشارع من نقاشات، أعرف -أيضا- ان المسؤول عما وصلنا اليه ليس الناس ولا احتجاجاتهم، أعرف ثالثاً اننا بحاجة الى لحظة « مصارحة حقيقية نتوافق فيها على انقاذ بلدنا من مأزق الخطر وأنها جاءت فلماذا نضيعها، اعرف رابعا ان تجربتنا في السنوات الماضية المنصرفة الني بحت فيها أصواتنا ونحن نطالب بالإصلاح كانت مرّة بعد ان تضافرت الجهود لإجهاضها وحرماننا من استعادة عافيتنا للوقوف على اقدامنا بقوة، ولو لم نفعل ذلك ولم نعاند التاريخ، لكان واقعنا اليوم أفضل مما هو عليه بكثير.
كل ذلك اعرفه واقدّره، لكن ما يهمني الإشارة اليه هو اننا وصلنا الى طريق مسدود واخشى ان أقول ان امامنا عنوانا واحدا هو «المجهول»، وبالتالي فإن أي خطاً نرتكبه في طوابق المسؤولين او في الشارع سيكون بمثابة «انتحار» لنا جميعا، ليس فقط لأسباب داخلية نعرفها سواء على صعيد موت السياسة او افلاس الاقتصاد او إحساس المجتمع بالخيبة وانعدام الثقة واليأس، وانما أيضا بسبب لعنة الجغرافيا التي أصبحت تحاصرنا من كل اتجاه، وضريبة التاريخ الذي يطالبنا بتسديد فواتيره البواهظ، وانحطاط اخلاق السياسة التي اصبحنا ضحية لها في منطقة تبدلت فيها الأدوار والتحالفات واستبدت أحلام «الامبراطوريات» ببعض مكوناتها، لدرجة أصبحنا فيه هدفاً مباشراً للأصدقاء والأعداء على حد سواء. 
ما العمل اذن؟ هل  يقبل الناس «النهاية» التي نهضوا لاستدراكها بالاحتجاج وأن يصمتوا ويعودوا الى بيوتهم سالمين؟ هل يدفن الشباب أحلامهم ويتكيفون مع الواقع انتظاراً للحظة المجهولة التي يخشون ان تكون قريبة؟ الإجابة بالطبع لا، فهذه «الخيارات» مغشوشة بامتياز، وهي وصفة للعجز والتنصل من المسؤولية والتوقيع على «الخراب» لكن يبقى الخيار العقلاني الذي يفترض ان نتوافق عليه جميعا، ونتعاهد على الالتزام به، وهو «وقف التدهور» أولا ثم الانطلاق لترتيب اولوياتنا وتأثيث داخلنا بمنتهى الجدية والعزيمة والإخلاص.
كيف يمكن ان نترجم هذا الهدف الى واقع؟ الإجابة بسيطة وصعبة في آنٍ واحد، لكنها هي «واجب الوقت»  اذ لا بدّ ان ينتهض «الخزان» الشعبي الذي استوفى مطالباته في الشارع بتقديم «رأس» يتبنى المهمة الجديدة، وسواء أكان هذا الرأس هو الكتلة التاريخية الأردنية التي اشرت اليها اكثر من مرة، او النقابات المهنية التي اطلقت صفارة «الاحتجاج» باعتبارها الكتلة المتماسكة والمؤهلة لهذا الدور، فإن النتيجة المطلوبة محددة في التوافق على هدف يكون بمثابة نقطة توقف لحالة التدهور التي اصابت مجتمعنا في السنوات الماضية للانطلاق نحو تحديد هدف آخر يكون عنواناً للدخول في مرحلة الإنقاذ والخروج من المأزق.
هل سيكون هذا الهدف هو «حكومة إنقاذ وطني» أم « برلمان ممثل للشعب الأردني» بقانون انتخاب جديد...أم هدف أوسع وهو «الديموقراطية والدولة المدنية» لا يهم ذلك، المهم هو ان يكون ثمة توافق على هدف واحد، وحشد كل الطاقات الوطنية لإنجاحه، وإبقاء عيون المجتمع والدولة مفتوحة على كل من يتجاوز او يخل به.