أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2017

ريادة الأعمال ومستقبل الاقتصاد*د. مأمون نورالدين

الراي-نفخر دوماً بخاماتنا الشبابية الأردنية التي أخرجها نظامنا التعليمي أو التي تعلّمت في الخارج وعادت لتبني وطنها. وقد إستطاع بالفعل شباب أردنيون أن يكسروا حاجز الخوف ومحدودية الإمكانات والدعم ماديّاً كان أم معنوياً. شباب رياديون وصلوا إلى البعيد البعيد ويستحقوا منّا الإحترام والتقدير. إلّا أن ما يحزننا دوماً هو عندما نسمع عن شباب وصلوا إلى دروب مسدودة أو دروب عقدّتها كثرة المعوقّات، فمنهم من إستسلم ووضع فكرته في الأدراج، ومنهم من حزموا حقائبهم وغادروا الى بيئات أكثر إستقطاباً للرياديين ليكتبوا قصص نجاحهم في بلاد الغربة.
 
قبل سنوات ومع بداية ثورة الإنترنت في العالم إستطاع شباب أردنيون أن يبنوا بأيديهم أول موقع الكتروني يقدّم خدمة البريد الإلكتروني باللغة العربية، وتوّجوا هذا العمل بصفقة بيع لهذا المشروع بملايين الدولارات لشركة ياهو الأميركية عام 2009 بعد أن أبدعوا في بناء نموذج أعمال ناجح جداً كان مركزه الأردن. لكن للأسف حتّى شركة ياهو(مكتوب) غادرت عمّان مغلقة مكاتبها في عام 2014. ومن الأمثلة الأخرى أيضاً شركة أرامكس ذات النشأة الأردنية والتي أيضاً قامت بنقل مقرها الرئيسي إلى دبي بعد سنوات من إدارة هذا المشروع الضخم من عمّان. والعديد العديد من الأمثلة التي غادرتنا وأضاعت علينا فرص تنمية إقتصادية نحن بأمسّ الحاجة إليها. ولازال لدينا اليوم مشاريع ريادية مهمّة جداً قائمة في الأردن علينا أن نرعاها ونحافظ عليها في الوقت التي تواجه صعوبات عديدة، حيث أنّها حوربت بسبب نجاحها من جهات عدّة منها من تعتبر أنّها قد تضررت من نشوء مؤسسة منافسة لها وعلى سبيل المثال لا الحصر مشروع طقس العرب الذي أثبت ريادته في المنطقة وهو المشروع القائم بكفاءات أردنية رهيبة. اليوم وجب علينا مراجعة عملية تحفيز ريادة الأعمال من مرحلة الصفر وحتى مرحلة المحافظة على الشركات الناشئة والإبقاء على إستمراريتها وديمومتها في بيئة أعمال مستقرة ليس لشهر ولا لسنة بل لعقود وعقود. تبدأ هذه العملية من البحث عن المواهب وإحتضانها وتنميتها منذ المراحل الأولى، وهذا بحدّ ذاته بحاجة إلى إستراتيجية تشاركية من المؤسسات المعنية برعاية فئة الشباب والمؤسسات المعنية بالإستثمار وتشجيعه. حيث يكون الهدف الأول الإعداد لتحفيز هذه الفئة على إخراج ما لديها من خلال برامج تبدأ من المناهج الدراسية وتتعدّاها إلى النشاطات اللامنهجية وإستغلال وقت الفراغ في العطل لكافة المراحل الدراسية من المدارس إلى الجامعات. أما الهدف الثاني؛ فيكون في خلق حواضن مدعومة من كافة الأطراف للرياديين ومشاريعهم؛ لإستقبالهم ومساعدتهم في بناء مشاريعهم حتى يشتدّ عودها. وعن الهدف الثالث؛ فهو توفير الدعم الكافي للبحث العلمي، فالبحث العلمي هو أساس أغلب التكنولوجيات التي نستخدمها بيومنا هذا، وبدون توفر الدعم اللازم سوف تقف الفكرة في مكان ما ولن تستمر، أو قد تهاجر كما هاجر غيرها. والهدف الرابع والأهمّ؛ فهو تأسيس بيئة جاذبة ومحافظة على الأعمال والإستثمار، وهو ما نفتقره فعلاً في وجود غياب للتكاملية بين المؤسسات المعنية بالإجراءات كافّة، تشريعاً ومتابعةً ورقابة. التكاملية بين المؤسسات المعنية هي الضامن لإستقرار وإستمرارية الأعمال، فالمستثمرون يبحثون دوماً عن الإستقرار وسهولة الإجراءات. في حين أن أكبر منفّر لهم هو عدم إستقرار البيئة التشريعية والرقابية للأعمال وما يرافقها من كثرة التعقيدات. إضافةً إلى وجوب الإستعداد تشريعياً لكل ما يستجدّ من المشاريع الإستثمارية لتسهيل تنشئتها بدلاً من التخبط عند بروز حاجة إلى خلق تشريع من أجل نوع معين من المشاريع الريادية. إقتصادات عدّة تمكّنت من بناء ذاتها إعتماداً على قطاع الخدمات والتكنولوجيا، وأبرز هذه الإقتصادات وأهمها هو بالتأكيد إقتصاد منطقة خليج سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية. المكان الذي تزدحم فيه كبرى شركات التكنولوجيا في العالم نشأةً وتواجداً وفيه أيضاً ما يعرف بمنطقة «وادي السيليكون» التي إستطاعت ومنذ تسعينات القرن الماضي أن تستقطب الرياديين في مجال التكنولوجيا من داخل أميركا ومن كافة أنحاء العالم حتى أصبحت عاصمة لهم لتكَوّن إقتصاد هو اليوم من الأقوى. منطقة بعدد سكّان لا يصل الخمسة ملايين نسمة، إلّا أن إقتصادها يصنّف من أكبر عشرين إقتصاد في العالم إذا ما تمّ مقارنته مع إقتصادات الدول!
 
نحن نعاني من وضع إقتصادي حرج، نعزّيه إلى إضطرابات المنطقة والتحديّات المحيطة. إلّا أنّ علينا أن نعي أننا فعلاً نملك ما يكمن أن ينمّي إقتصادنا ويطوّره من طاقات قادرة على تسريع العجلة الإقتصادية ما أن تزال منها العصي وتمهّد لها الطرق الصالحة لمسير الإستثمار. موقعنا الجغرافيّ ممتاز، أمننا وإستقرارنا فخرنا، ونظامنا التعليمي بتطور مستمر، وعمالتنا الكفؤة متوفرة؛ فلا ينقصنا إلّا مأسسة العملية وثباتها.