بعد فترة وجيزة من لقاءي القمة اللذين عُقدا بين جلالة الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الامريكي جو بايدن وبعدها لقاء القمة مع الرئيس الروسي فلديمير بوتين، ظهرت النتائج جلية على ارض الواقع فالمباحثات لم تقتصر فقط على المساعدات للاردن او بحث مشاكل المنطقة سياسيا، انما كان اساسها الاستفادة المُثلى من الموقع الجغرافي والسياسي الخاص والمميز للاردن في المنطقة، حيث كانت اولى نجاحات هذه القمة العمل فعليا على مساعدة لبنان لحل المشكلة الكبرى لديه في قطاع الطاقة، خاصة وانه يوصف بالمظلم في ظل توفر الكهرباء لمدة ساعتين يوميا في الوقت الراهن.

 

تجاوزا لكل المعطيات على ارض الواقع تمكنت دبلوماسية القيادة الاردنية من استثناء الاردن من قانون قيصر والسماح بمرور الطاقة الكهربائية عبر الاراضي السورية الى لبنان بعد موافقة الحكومة السورية على ذلك، كما تمكنت هذه الدبلوماسية من الحصول على موافقة روسيا مالكة خط الغاز المار بالاراضي السورية على تمرير الغاز المصري عبر الاردن وسوريا الى لبنان.

 

اربع دول عربية مثلت تعاونا مشتركا لحل المشاكل التي يعاني منها لبنان وخاصة في قطاع الطاقة وتأثيراته السلبية اجتماعيا واقتصاديا، فكان موقف الأردن الوقوف كما هو معتاد مع الاشقاء فكانت المشكلة اللبنانية اساسية في المباحثات، لتوافق الولايات المتحدة على الاستثناء ولتسمح روسيا بمرور الغاز.

 

هذا الانجاز على الصعيد العربي، له ردات فعل ايجابية للغاية على الاقتصاد الاردني وماليته التي تعاني الامرين بسبب العجز المتنامي في ميزانيته العامة والتي تُعزى الى عجز شركة الكهرباء الوطنية (الناقل) والذي تجاوز 5.5 مليار دينار، وتصل تكلفة خدمة الديون والفوائد المترتبة على الشركة 120 مليون دينار سنويا، ذلك عدا عن التكاليف التشغيلية، وتاثيراتها المباشر على القطاعات الاقتصادية واسعار الطاقة محليا.

 

على صعيد شركة الكهرباء الوطنية فان هذا المشروع الكبير سيساهم في تخفيض مديونية الشركة في وقت قياسيا، والجميع يعلم ان حجم التوليد لدينا فائض عن حاجتنا بنسبة 10% الى 15 % وهذه الزيادة لها الاثر الكبير على مديونية الشركة والتزامات الحكومة اتجاه الشركات المولدة للطاقة، اما عن استفادتنا من تمرير الغاز المصري عبر الاراضي الاردنية، فلا بد ان يكون هناك بدل مرور خط الغاز عبر اراضي المملكة، مع استعداد مانحين لتقديم المساعدات المالية لبنان لضمان توفير الطاقة الكهربائية له.

 

هذا المشروع الكبير وضع الاردن على خارطة الدول المصدرة للطاقة في منطقة الشرق الاوسط، وهو الحل المثالي للكثير من مشاكلنا، ونأمل انعكاس ايجابياته على اقتصادنا بشكل واضح من خلال الاستغلال الامثل محليا له.