أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-May-2017

أزمة الخلافة تلاحق الشركات العائلية في اليابان

فايننشال تايمز - 

في أواخر عام 2016، بعد ثمانية عقود من الأعمال، تخلّى هديكي إيشواتا أخيراً عن محل السوبرماركت الذي أسسه جدّه وأدارته ثلاثة أجيال من عائلته. ابنه لم يكن مهتما بأن يتولى الإدارة من بعده، ولم يكُن لديه خليفة آخر والزبائن كانوا يهجرونه إلى متاجر أخرى.

إغلاق سوبرماركت ماروكي بدا مؤكداً. لكن على نحو غير عادي بالنسبة إلى اليابان، كان هناك حل للأزمة: البيع لأحد العاملين في مجال الدمج، بواسطة سلالة جديدة من سماسرة الدمج والاستحواذ، تُركّز على الشركات الصغيرة والمتوسطة في اليابان.

بالنسبة إلى بعضهم هذه الصفقات تعطي بصيص أمل لقطاع تُخيّم عليه سُحب التركيبة السكانية، لكنه ذو أهمية حاسمة لصحة ثالث أكبر اقتصاد في العالم. الشركات الصغيرة والمتوسطة في اليابان تُمثّل نحو 99 في المائة من شركاتها وتوظّف نحو 70 في المائة من القوة العاملة في البلاد.

لكن متوسط عمر رؤسائها ارتفع دون توقف إلى 59 عاما ومعظم الشركات الصغيرة والمتوسطة لم تشعر بأي تأثير تقريباً من برنامج إحياء الاقتصاد الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام الذي ينفذه رئيس الوزراء، شينزو آبي.

لكن يُحذّر محللون وأكاديميون من أن الصفقات، مثل صفقة إيشواتا، يجب أن يُنظر إليها على أنها الاستثناء من القاعدة: توفّر صفقات تعتبر "لُقطة" دسمة لشركات الوساطة، لكنها لا تستطيع إيقاف موجة إغلاق الشركات الناتجة عن عمليات الخلافة. على مدى الأعوام الـ 20 المُقبلة، أزمة الخلافة في ماروكي ستتكرر في مئات الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث صاحب العمل المُسن غير قادر على إيجاد شخص لتولي المهام من بعده.

في تقرير عن صناعة الوساطة لعمليات الدمج والاستحواذ للشركات الصغيرة والمتوسطة، يُجادل ناروهيكو ساكاماكي، من "نومورا"، بأنه في حين إن حجم الصفقات ارتفع بسرعة، إلا أنه صغير مقارنة بقضايا الخلافة التي ستواجه الشركات اليابانية خلال العقدين المُقبلين: ووفقا لحساباته، نحو 40 ألف شركة ستعاني كل عام من أجل العثور على قائد جديد من الآن حتى عام 2040.

ومعظمها ستُغلق أبوابها ببساطة، كما يقول المحللون. وفي الوقت الذي يغلق فيه مزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة أبوابه، فإن فرص إغراء الخلفاء المحتلمين من المدن لتسلم الشركات العائلية تُصبح أكثر بُعداً.

وبحسب مايكل نيومان، رئيس شركة الأبحاث "أنالوجيكا" التي تُركّز على اليابان، حتى تلك التقديرات ربما كانت تُقلل من تداعيات القلق المتعلق بالخلافة. وتُشير أبحاث القطاع الخاص إلى أن آلاف الشركات التي تختار الإغلاق تندرج ضمن فئة "مُربحة" أو "ذات أرباح عالية"، بمعنى أنها شركات جيدة، لكن كل ما في الأمر أنها لا تستطيع العثور على قادة جُدد، كما تستنتج وزارة التجارة والاقتصاد والصناعة في اليابان.

يقول مصرفيون في مجال عمليات الدمج والاستحواذ "إن تلك الأرقام تُقلل من دور العمر". ووفقاً لدراسات حكومية، قبل عقد من الزمن اشتمل نحو 70 في المائة من عمليات الإغلاق على مالك تجاوز سن الـ 60. وبحلول عام 2016 ارتفعت النسبة إلى أعلى من 82 في المائة. وقال نصف الشركات الصغيرة والمتوسطة التي استطلعتها الحكومة التي تجاوز عمر الرئيس التنفيذي فيها 60 عاماً، "إنها تبحث عن خليفة، لكنها غير قادرة على العثور على واحد". ومن بين الشركات التي تجاوز عمر الرئيس التنفيذي فيها 70 عاماً، عدم القدرة على إيجاد بديل أثّر في نحو 70 في المائة منها.

يقول نيومان "يُمكنك التفكير فيما يحدث مع الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتباره مؤشرا على خطر مُحتمل بالنسبة إلى الاقتصاد الإقليمي في اليابان. لكن ضمن ذلك، نحن ننظر إلى لحظة محورية - النقطة التي يتحول عندها الانحدار الهابط التدريجي في خروج الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى توقف كامل".

في الوقت الراهن التركيز منصب على صناعة الصفقات. كانت أعمال الوساطة تنمو بثبات منذ أعوام، لكنها تضخمت - زادت ثلاثة أضعاف في بعض الحالات - منذ عام 2014، لأن جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية "أكبر المواليد في اليابان" لأصحاب الشركات الصغيرة وصلوا عمر 70 عاماً ويُدركون بصورة جماعية أنه لا يوجد أي شخص لتولي المهام من بعدهم.

ومنذ عام 2007 انخفض عدد الشركات التي تُعلن الإفلاس في اليابان بنسبة 40 في المائة. وعدد الشركات التي تُغلق طوعاً - نحو 30 ألف شركة في عام 2016 - ارتفع بالنسبة نفسها.

يقول توشيا ميازاكي، مختص الاقتصاد في جامعة توكوياما المختص في تأثير الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات الإقليمية في اليابان، "إن المجموعة الثانية هي المجموعة التي تجب مراقبتها".

في دراسة حكومية موسّعة للشركات التي تُغلق طوعاً، نُشرت في تقرير أصدرته وزارة التجارة والاقتصاد والصناعة في نيسان (أبريل) عن الشركات الصغيرة والمتوسطة، السبب الأكثر شيوعاً للإغلاق، الذي وصلت نسبته إلى 37 في المائة، كان مدى صعوبة الأوضاع التجارية. في المركز الثاني، بنسبة 33 في المائة، كان "عدم وجود خليفة".

يقول البروفيسور ميازاكي "إن تضخم عمليات إغلاق الشركات من الأعراض الواضحة لتعميق عدم الإيمان بمزايا برنامج "آبي الاقتصادي" للاقتصادات الإقليمية. "ففي حين إن برنامج آبي الاقتصادي يعمل في أجزاء أخرى من اليابان، إلا أن وتيرة النمو الاقتصادي بطيئة في المناطق الإقليمية. ويغلب على أصحاب الشركات التخلّي عن إدارة العمل وإغلاق الشركة عندما لا يرون مستقبلا للعمل، خاصة عندما لا يستطيعون العثور على خليفة".

التركيبة السكانية في اليابان تعد مشكلة خاصة. يقول محللون "إن عقودا من معدلات الولادة المنخفضة تلعب دورا واضحا: العدد القليل من الذرية يحد من مجموعة الخلفاء داخل كل عائلة. والورثة المتوافرون غالباً ما يكونون غير راغبين، أو غير قادرين على تولي المهام من بعد آبائهم. فهم إما تابعوا وظائف أخرى، أو انتقلوا إلى جزء آخر من اليابان، أو يواجهون التداعيات الضريبية المتعبة لنقل الملكية، أو خاصة في المناطق الريفية، لا يُمكنهم رؤية أي احتمال على الإطلاق لتحقيق نمو طويل الأمد من شركة العائلة الصغيرة".

يقول البروفيسور ميازاكي "رأى الأطفال كيف كافح آباؤهم لتحويل الشركة جذرياً، ولا يرغبون في خوض التجربة نفسها".

لكن بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما يعترف أصحابها، فشلت أيضاً في إرساء أُسس الخلافة خارج العائلة.

كان يوجي ناكازا حتى الآونة الأخيرة المالك لشركة في طوكيو تُصمم الخلفيات لألعاب الفيديو والرسوم المتحركة. وخاطب شركة الوساطة "نيهون إم آند آيه سنتر" للعثور على مشتر لشركته عندما أصبح واضحاً أن "احتمال تولي ابني المهام هو صفر" وقد فشل في إعداد قادة جُدد يتمتعون بالطموح اللازم لتولي المهام من بعده.

يقول ناكازا "الموظفون العاملون عندي لديهم مهارات مختلفة، لكن لا تشتمل أي من هذه المهارات على مهارة معرفة إدارة شركة".

الزيادة الكبيرة في الصفقات المدفوعة بالحاجة إلى الخلافة تنشئ منذ الآن ثلاثيا من الشركات المفضلة في البورصة.

المجموعات السكانية التي تشهد منذ فترة طويلة تراجعا في معدلات المواليد – وهم الفئة السكانية التي عادة ما ينظر إليها على أنها حجر الرحى الذي يحرك الاقتصاد – تدفع المال لأكبر ثلاث شركات سمسرة مختصة بصفقات الشركات الصغيرة والمتوسطة. فهي تبرم جماعيا في المتوسط عشر صفقات أسبوعيا. ومشكلة الخلافة ليست مقتصرة على صناعة محددة، بحسب ما تقول شركات الوساطة، لكن صناعات البناء، والبيع بالتجزئة، والبيع بالجملة، وقطاع الخدمات "بهذا الترتيب" تمثل معظم الرؤساء التنفيذيين الذين يأتون إلى شركات الوساطة بحثا عن حلول.

وفي عامها المالي الأحدث المنتهي في آب (أغسطس) من عام 2016، أعلنت شركة السمسرة "سترايك" عن زيادة نسبتها 46 في المائة على أساس سنوي في الأرباح التشغيلية. وأفادت أكبر منافسيها، مركز نيهون لعمليات الاندماج والاستحواذ، عن زيادة نسبتها 29 في المائة على أساس سنوي في الـ 12 شهرا التي انتهت في آذار (مارس) 2017. وتضاعفت تقريبا ثلاث مرات أسهم الشركة الثالثة المنافسة، كابيتال بارتنرز لعمليات الاندماج والاستحواذ، في غضون 12 شهرا بسبب ارتفاع توقعات الأرباح. ويقول كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة كابيتال بارتنرز "إن العامل المهم وراء ذلك تمثل في إقناع المالكين بأن عملية بيع شركاتهم لجهة موحدة، أو لشركة منافسة محلية أكبر هو أمر ممكن ومشرف على حد سواء".

وتقول شركة دايوا للأوراق المالية "إن عدد الصفقات الجديدة الآتية في الطريق "وافر" لكنها غير متأكدة من أن اللاعبين الرئيسيين الثلاثة يمكنهم الاحتفاظ بسيطرتهم إلى أجل غير مسمى". وتلاحظ شركات الوساطة نفسها وجود خطر "جدي" يتمثل في أن شركات الوساطة الأكبر حجما في اليابان والمصارف ربما تبدأ في محاولة استعراض عضلاتها في سوق كانت تعتبرها في الماضي ضئيلة على نحو يجعلها لا تعيرها أي اهتمام.