أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Sep-2014

برنامج شبكة الألياف الضوئية الوطني: هل يصبح مشغل الاتصالات حكوميا مع احتكار؟*جواد جلال عباسي

  العرب اليوم -بدأ برنامج شبكة الألياف الضوئية الوطني في 2003 وباكورته كانت شبكة الجامعات التي تربط 8 جامعات حكومية، وهي تعمل منذ 30 حزيران 2004 "الآن أصبحت الشبكة تحت إدارة شركة شبكة الجامعات الأردنية".

وحسب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فان العام 2014 سيشهد انجاز التالي:

- البدء بمشروع اســتكمال شــبكة الألياف الضوئيــة الوطنية لربط المدارس ومديريات التربية والمؤسسات الحكومية و المستشفيات والمؤسسات الصحيـة فـــي مناطق الكرك ومعان والطفيلة وعمان والزرقاء ومادبا والبلقاء.

- البدء بمشروع توريد وتركيب وتشــغيل الأجهزة الخاصة باستكمال شـبكة الألياف الضوئية الوطنية لربط المدارس ومديريات التربية والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الصحية في مناطق الوسط والجنوب وفـــي مناطق الشمال المرحلة الثانية.

تلخيصا يهدف المشروع الى بناء شبكة واسعة من الالياف الضوئية لربط حوالي 5000 جهة حكومية "من مدارس ومستشفيات ومستوصفات" في الاردن. وقد رصدت الحكومة للمشروع حوالي 150 مليون دولار حسب تصريحات من الوزارة. وسيتم تشغيل الشبكة وتقديم الدعم الفني لها عبر تمويل من الحكومة المركزية بعد ان تختار جهة لادارة هذه الشبكة عبر عطاء.

لا شك ان الاستثمار في انشاء شبكات الالياف الضوئية في المدن والقرى الاردنية هو ايجابي بامتياز. فشبكات الالياف الضوئية هي الوسيلة المثلى لتقديم خدمات الانترنت عالية السرعة التي تشكل اساس الاقتصاد المعرفي.

لكن الرؤية الحالية تلغي المنافسة في تقديم خدمات الانترنت ونقل البيانات في القطاع الحكومي: خمسة الاف مؤسسة حكومية ستكون ملزمة بالحصول على خدمات الاتصالات من هذا المشغل الحكومي الجديد من دون وجود خيار للاعتماد على مشغلين آخرين مع ما قد يقدمونه من خيارات وتقنيات مضافة. كذلك فان هذا المشغل الجديد المملوك للحكومة سيولد وهو ضامن لسوق اسير "من 5000 جهة حكومية" لا تنافسه فيه اي شركة. صحيح ان هذا المشغل الحكومي الجديد سيكون مدارا من قبل جهة حصلت على حق الادارة بعطاء تنافسي لكن المشغل نفسه سيتمتع بالاحتكار.

بحجم استثمار رأسمالي نهائي قد يتجاوز 180 مليون دينار ستكون الكلفة التشغيلية السنوية لادارة الشبكة الحكومية "المشغل الحكومي" بين 9 ملايين دينار سنويا الى 13 مليون دينار سنويا "5 % الى 7 % من حجم الاستثمار"، حيث تشمل الكلفة التشغيلية رواتب الموظفين والكهرباء ومصاريف الصيانة ورسوم تراخيص البرمجيات الخ. وعلى فرض عمر افتراضي لاجهزة الشبكة بـ 15 سنة، فان الكلفة السنوية الشاملة لتشغيل الشبكة ستكون حوالي 23 مليون دينار سنويا. وعليه فان ربط 5000 جهة حكومية بشبكة الالياف الضوئية سيكلف الحكومة 23 مليون دينار سنويا. وبلا منافسة.

وبما ان المشغل الحكومي سيكون مدارا وممولا بشكل مركزي من ميزانية الحكومة فان خمسة الاف مؤسسة حكومية لن تشعر بكلفة ربطها بالانترنت عالي السرعة وستعتبرها مجانية وفي الوقت نفسه لن يكون لها حق الاعتراض على نوع الخدمة المقدمة لانه لا منافسة في الموضوع. وفي الوقت نفسه ان المشغل الحكومي الجديد _ المعفى من ضغوطات المنافسة _ سيعفى ايضا من ضغوطات تقديم الخدمة الفضلى. فزبائنه "مجبورون به" وهو "مجبور بهم"! كذلك من دون اي نوع من المنافسة من يضمن ان يكون المشغل الحكومي الجديد خيارا ذا جدوى اقتصادية طالما لا نعلم كم سيكلف ربط الجهات الحكومية نفسها في سوق تنافسي؟ خصوصا ان الحكومة "الحالية او حكومات مستقبلية"، قد تخضع لاغراءات توظيف موظفين في المشغل الحكومي لا على اساس الحاجة لهم بل بسبب ضغوطات مختلفة، فنصل مرحلة يكون فيها المشغل الحكومي _ المتمتع بالاحتكار والتمويل المضمونين _ بلا اي فعالية اقتصادية.

مرة اخرى، الموضوع ليس فرقا بين مشغل حكومي بقطاع عام او مشغل قطاع خاص. الاهم والاساس هو توفر المنافسة الفاعلة الحقيقية في كل قطاع اقتصادي. وضمان وجود المنافسة وديمومتها هو من اهم ادوار اي حكومة.

ولان الاستثمار في شبكات الالياف الضوئية هو شيء ايجابي بالمطلق، فلربما تكون المقترحات التالية هي الطريق نحو تعظيم منافع هذا الاستثمار وتفادي مشاكل الاحتكار:

- فتح باب المنافسة لاستخدام شبكة الالياف الضوئية الوطنية لمشغلي شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية بالاردن كافة مقابل دفع ايجار سنوي للحكومة من قبل اي مشغل يرغب في استخدامها كجزء من تقديم خدمات الاتصالات الخاصة به. ويكون تحديد الايجار للالياف الضوئية باسلوب العطاءات التنافسية.

- فتح باب المنافسة لخدمة وتوصيل الخمسة الاف مؤسسة حكومية عبر عطاءات تنافسية سنوية لضمانة ان تكون الكلفة السنوية هي الامثل. مع التفكير بضرورة ان يقدم خدمة الربط اكثر من مشغل اتصالات لكل جهة حكومية لضمان استمرارية الخدمة ومرونتها.

- ولا مانع طبعا ان اصرت الحكومة على وجود مشغل حكومي لشبكة الألياف الضوئية الوطني ان يشارك هذا المشغل الحكومي في المنافسة لتقديم الخدمة للجهات الحكومية.

ضمان المنافسة وديمومتها _ مع بقاء 5000 جهة حكومية في ديناميكة السوق التنافسية بدلا من تسويرهم باحتكار _ افضل من ضمان احتكار لمشغل حكومي ممول مركزيا بلا اي ضغوط تنافسية.

فلنتذكر: في قطاع الاتصالات استبدلنا فيه _ كبلد _ احتكار المؤسسة الحكومية بسوق تنافسية بالكامل فيها استثمارات خارجية مباشرة ومشغلين من القطاع خاص "يتحملون مخاطر الاستثمار كافة من دون اي ضمانة حكومية". وبسبب المنافسة استفاد المستخدمون من تخفيض اسعار الخدمات وتعدد الخيارات وانتشار الاستخدام بشكل واسع. واستفادت الخزينة من تحصيلات ضريبية كبيرة. ولنتذكر: ان الخصخصة في قطاع الاتصالات أتت بالتزامن مع ادخال المنافسة وضمان استمرارية المنافسة الفاعلة وبلا اي ضمان لربح اي مساهم. لان اساس قصة النجاح هي المنافسة وديمومتها.