أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Jan-2019

هل بلغنا ذروة الفضائح المالية؟ التاريخ يقول لا
فايننشال تايمز - 
مع حلول عام 2019، بعض المسؤولين في جولدمان ساكس لن يستمتعوا بما يمكن أن يجلبه العام الجديد. الحكومة الماليزية تدعي أن مليارات الدولارات اختفت من صندوق الثروة السيادية 1MDB التابع لها، بعد أن عمل جولدمان على ترتيب تمويل للصندوق.
في الشهر الماضي قال وزير المالية الماليزي إن الصندوق سيسعى للحصول على تعويضات كبيرة تصل إلى 7.5 مليار دولار من جولدمان بسبب هذه القضية – وهو طلب من المحتمل أن يجعل هذه واحدة من أكبر الفضائح المالية في الأعوام الأخيرة. نحن في غنى عن القول إن المسؤولين في جولدمان ينفون بشدة ارتكاب أي مخالفة (بالتالي الحاجة إلى الدفع)، ويلقون باللوم على المسؤولين الماليزيين بدلا من ذلك. لكن مع تصاعد المعركة يجدر بنا أن نفكر في سؤال أكبر: هل عدد الفضائح المالية في ازدياد؟
إذا سألنا المستثمرين العاديين، كثيرون منهم ربما يقولون "نعم". حتى قبل أن تتكشف قصة صندوق 1MDB، العقد الماضي قدم سلسلة من الفضائح، راوحت من تسريبات عام 2018 عن مخالفات محاسبية في شركات بريطانية، مثل كاريليون وباتيسيري فاليري، مرورا إلى توشيبا في اليابان في عام 2015. ودعونا لا ننسى التحايل الاستثماري الذي مارسه بيرني مادوف، والتلاعب بمؤشر ليبور، وفضائح القروض العقارية قبل ذلك.
لكن ستيف تومز، أستاذ المحاسبة في جامعة ليدز، يشير إلى أن هذا التصور عن التواتر ليس صحيحا تماما. درس تومز تاريخ الفضائح المالية بطريقة منهجية، وأعد فهرسة لأمثلة حدثت خلال الفترة من عام 1800 إلى عام 2009. بحثه الذي تم تقديمه إلى معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز الشهر الماضي، يؤكد أن التواتر في الاحتيال المالي المعلن في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالتأكيد تصاعد منذ السبعينيات، لكن هذا الارتفاع جاء بعد فترة طويلة من الانخفاض. إذا أردت العثور على الفترة الأكثر ابتلاء بالفضائح بشكل مستمر، فإن تومز يجادل بأن القرن الـ19 يتفوق بسهولة على القصص الدرامية في عصرنا الحالي.
جزئيا، توصل تومز إلى استنتاجه من خلال النظر في تواتر ظهور كلمات مثل "احتيال"، أو "فساد" أو "فضيحة" في الصحف المحلية. هذا النهج له حدود واضحة. من ناحية، تغيرت اللغة مع مرور الوقت: كلمة "محتال" كانت مصطلحا شائعا في القرن الـ18، لكنها لا تستخدم كثيرا الآن. مع ذلك، الأنماط التي عثر عليها تدعو للتفكر. خلال القرن الـ18، حجم الفضائح المعلن عنها تذبذب بشكل كبير، قبل أن يرتفع خلال دراما فقاعة بحر الجنوب في عام 1720. نمو مفهوم الشركة المساهمة ساعد على تخفيف هذا الاتجاه – لكن بشكل ضئيل فقط.
في منتصف القرن الـ19، تخمة الادخار لدى الطبقة المتوسطة دفعت المستثمرين إلى مجالات جديدة حماسية مثل سندات السكك الحديدية – وأصبح المساهمون أكثر تنوعا وأقل اطلاعا. مؤشر الفضائح ارتفع مرة أخرى، حين كانت هناك أزمات تجتاح مخططات الاستثمار في السكك الحديدية والمصارف، وهي وقائع تم تخليدها في أعمال المؤلفين في العصر الفيكتوري، مثل أنتوني ترولوب وتشارلز ديكنز.
هذا في النهاية أدى إلى رد فعل عنيف: انبثقت مهنة المحاسبة إلى الحياة وتم تكليفها بإجراء عمليات تدقيق منتظمة. على مدى ثمانية عقود، تراجع مؤشر الفضائح بثبات في المملكة المتحدة، إلى أن استقر عند مستوى منخفض بين الأربعينيات والسبعينيات. (نمط مماثل حدث في الولايات المتحدة، مع ارتفاع إبان أزمة عام 1929). لكن منذ السبعينيات بدأت "الفضائح" ترتفع مرة أخرى، على الرغم من أنها كانت بمستويات أقل مما كانت عليه في القرن الـ19. لماذا؟ يشير تومز إلى أن التأرجح ربما يكون علامة على التحرير المالي في الثمانينيات، عندما بدأت المملكة المتحدة في تخفيف القيود على التمويل، مع مبادرات مثل إصلاحات "الانفجار الكبير" في الحي المالي في لندن.
التضخم في حجم القطاع المالي ربما لعب دورا أيضا. قبل بضعة أعوام، توماس فيليبون، خبير اقتصاد يعمل في نيويورك، حلل الأرقام الخاصة به لمعرفة كيف تقلبت الأرباح والأجور في القطاع المالي خلال الـ130 عاما الماضية. البحث (الذي أجري بشكل منفصل تماما عن عمل تومز) أنتج رسما بيانيا يشبه مؤشر الفضائح؛ بدءا من السبعينيات ارتفع حجم القطاع المالي وحزم الأجور للخبراء الماليين.
يشير تومز إلى عامل حاسم آخر: التعقيد المتزايد للشركات العالمية الكبيرة. مع انتقال الأموال عبر الحدود بطريقة غامضة، أصبح من الصعب بشكل متزايد تتبعها.
هل هناك حل لإيقاف مثل هذه الفضائح؟ ليس سهلا. يأمل بعض المحاسبين ومسؤولي إنفاذ القانون في أن يؤدي صعود التكنولوجيا الرقمية إلى أدوات جديدة لمحاربة الفضائح. قبل كل شيء، السجلات السيبرانية تستطيع توفير مستويات جديدة بالكامل من الشفافية، وأدوات تعلم الآلة تستطيع ملاحقة المخالفات بشكل أسرع من البشر، وتكنولوجيات البلوكتشين ستجعل التحويلات المالية أكثر أمانا. في الواقع، إذا أردنا أن نكون متفائلين فعلا، من الممكن أن نأمل أنه مثلما أدت فضائح القرن الـ19 إلى رد فعل عنيف – من خلال إطلاق صناعة التدقيق – فإن فضائح القرن الـ21 قد تؤدي إلى موجة هيكلية جديدة من الإصلاح.
ما يثير الأسى هو أننا لم نصل حتى الآن إلى هذا العالم الخالي من الفضائح. هذا يمكن أن يكون عاما آخر مليئا بالعمل للمحاسبين المختصين بالأمور الجنائية، بصرف النظر عما يمكن أن ينفجر (أو لا ينفجر) من قضية جولدمان ساكس.