أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Sep-2017

إلى متى يستمر غياب صنّاع السوق في المنطقة؟*زياد الدباس

 الحياة-أشرنا في أكثر من مناسبة إلى الدور المهم جداً الذي يضطلع به صنّاع الأسواق المالیة في العالم. وبعضهم لا یتصور إمكان الاستغناء عنهم، من دون التسبب في تعطیل حركة التداول وتهمیش آلیات السوق وانخفاض كفاءتها. إذ لا یمكن في ظل وجود صناع للسوق، أن تتدفق عروض بیع من دون أن یقابلها طلبات شراء أو من دون أن يكون على الجانب الآخر طلبات بیع. بالتالي تحتفظ الأسواق دائماً بحالة من التوازن بین العرض والطلب وتضییق الفرق بین سعري البیع والشراء. ویتحقق في هذه الأسواق أهم وظائفها وهي القدرة على تسییل الأوراق المالیة بسرعة وسهولة، وایجاد توازن مستمر بین العرض والطلب، ما یحد من تقلبات الأسعار صعوداً أو هبوطاً، ویؤدي إلى استقرارها واقترابها من الثمن العادل. وتُضاف إلى ذلك، ضمانة استمرار السوق في واجباتها وتحقیق أهدافها.

واللافت غياب صنّاع الأسواق المالية في معظمها في المنطقة، بعدما فشل «بنك أبو ظبي الوطني» الذي حصل على ترخيص لمزاولة نشاط صانع السوق في الإمارات، مبرّراً إغلاق هذا النشاط بعدم ربحيته، إضافة إلى تركيزه على أسواق الديْن باعتبارها مناسِبة له أكثر من أسواق الأسهم.
لكن الواضح أن الضربات القوية التي تعرضت لها أسواق المنطقة ومنها الإمارات نتيجة انهيار سعر النفط، أدى إلى ارتفاع أخطار الأسواق بفعل التقلبات الشديدة في مؤشرات أدائها. بينما توافرت في تلك الفترة معلومات أيضاً عن سعي «بنك الامارات دبي الوطني»، إلى الحصول على ترخيص مماثل. إذ إن مزاولة هذه البنوك لهذه التراخيص ستساهم في استقطاب عدد كبير من الصناديق والمحافظ الاستثمارية المحلية والإقليمية والعالمية. فيما أعلن مجلس إدارة سوق دبي، أن ثلاثة بنوك أبدت اهتماماً بممارسة دور صانع السوق، لكن سوق دبي لم تصدر أي ترخيص لممارسة هذا النشاط.
وتكون غالبية صناع الأسواق العالمية والإقليمية، إما شركة مساهمة عامة يكون المساهمون فيها شركات وساطة وشركات وبنوك الاستثمار وشركات مساهمة عامة مدرجة للتداول في السوق المالية، أو تأسيس صندوق استثمار، ويعمل فقط كصانع لأسهم منتقاة وموافق عليها، كما هو معمول به في الأسواق العالمية.
واللافت حصول الترخيص يومياً في أسواق المنطقة لوسطاء بالعمولة، إذ أصبح عددهم في بعضها يشكل عبئاً على المتعاملين وعلى الأسواق. بينما تحتاج خلال هذه الفترة إلى صنّاع، في ظل تراجع سيولة معظم الأسواق والتقلب الشديد في مؤشراتها، بسبب حالة الخوف والحذر والترقب المسيطرة على قرارات المستثمرين، في وقت يهيمن المضاربون على الحركة.
ویتدخل صانع السوق عندما یجد عروض بیع مبالغاً فيها على أسهم الشركة كمشتري، والعكس صحیح یتدخل صانع السوق بالبیع عندما تتوافر طلبات شراء بكمیات كبیرة من الأسهم من دون وجود مبررات منطقیة لهذا الطلب.
ویُفترض بالاستثمار المؤسسي في الأسواق المالیة العربیة المكوّن من من المحافظ الاستثماریة الجماعیة (صنادیق الاستثمار المشتركة) وصنادیق التقاعد والمعاشات ومحافظ البنوك وشركات التأمین وتلك المساهمة العامة، بلعب دور مشابه لصانع السوق، من خلال الحفاظ على استقرار الأسواق المالیة العربیة، من حیث شراء أسهم الشركات المساهمة العامة المدرجة، لدى انخفاض الأسعار إلى ما دون قیمتها العادلة وبیع الأسهم عندما ترتفع فوق قيمتها العادلة. ولا يُغفل أيضاً أهميتها في تعزیز أداء الأسواق المالیة وارتفاع مستوى نشاطها، في ظل وجود مختصین محترفین یشرفون على إدارة هذه الصنادیق والمحافظ الاستثماریة وامتلاكها سیولة عالیة وحجماً كبیراً من الأسهم المتداولة. ويُلاحظ عموماً محدودیة الدور الذي لعبه الاستثمار المؤسسي خلال فترة تصاعد حدة المضاربات التي تعرضت لها الأسواق المالیة العربیة، ویعود ذلك إلى أسباب منها محدودیة حجم الاستثمار المؤسسي في مقابل حجم أموال المضاربین. وإذ وصلت قیمة أموالهم بعد الاتساع الكبیر في قاعدتهم إلى إضعاف حجم الاستثمار المؤسسي، فضلاً عن تحوّل مديري محافظ استثماریة للبنوك وشركات التأمین وصنادیق الاستثمار، إلى مضاربین لتحقیق أعلى مستوى من الأرباح، بغض النظر عن الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة والمتداولة وتجاهل مكررات الربحیة التي تجاوزت الحدود المقبولة في الأعراف الاستثماریة.
وما يشهده معظم الأسواق الخلیجیة والعربیة خلال هذه الفترة من تصحیح مؤلم، یرى بعض المحللین أنه نتاج طبیعي لمجموعة من التطورات السلبیة والأخطاء الفنیة التي ظلت تتراكم على هذه الأسواق طیلة الفترة الماضیة، ولم یلتفت أحد إليها في ظل ربحیة جمیع المستثمرین والمضاربین في الأسواق. وفي ظل غیاب الرؤیة الواضحة لدى المتعاملین بالأسهم واستمرار مفهوم المضاربة على الاستثمار، حتى بلغت هذه الظاهرة من العمق والحضور والانتشار، إذ باتت هي الأصل في التعامل ولیس الاستثناء، ما رتّب تشویهاً واضحاً لعملیة اتخاذ القرار الاستثماري.
وتحتاج الأسواق في المنطقة العربية إلى إضافة نوعية بدلاً من تلك الكمیة، إذ بات عدد الذين يُرخّص لهم يومياً یشكل عبئاً على المتعاملین والأسواق، التي تحتاج خلال هذه الفترة إلى صناع السوق في ظل تراجع سیولة الأسواق والتقلب الشدید في مؤشراتها.
وتطبق هيئة الأوراق المالية الإماراتية منذ عام 2012 ستة قوانين، بهدف تنشيط الاستثمار المؤسسي في أسواق المال الإماراتية، في ظل سيطرة سيولة المضاربين الأفراد على حركة السوق وضعف سيولة الاستثمار المؤسسي، ما ساهم في ارتفاع أخطار الأسواق وانخفاض كفاءتها. وتشمل تلك القوانين الأنظمة الخاصة بصناديق الاستثمار، و «صانع السوق» وإقراض الأوراق المالية واقتراضها، والبيع على المكشوف وتوفير السيولة والتداول عبر الإنترنت.