أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Feb-2017

تدفق السائحين على كوبا بعد تغيرها

د ب أ: يحدق فيكتور ليوناردو من خلال نافذة حافلة سياحية تشق طريقها المتعرج عبر شوارع تصطف أشجار النخيل على جانبيها في بلدة فاراديرو،المنتجع الساحلي الشهير في كوباK ويقول «لقد تغيرت كوبا سريعا خلال العقد الأخير».
وينحدر ليوناردو (50 عاما) من إقليم غرانما الواقع في شرق البلاد. وكان يعمل معلما للغة الاسبانية لعقود من الزمان، إلا أن تلبيته لاحتياجات المعيشة من خلال راتبه الشهري الذي تبلغ قيمته 25 دولار، أصبحت أمرا صعبا على نحو متزايد بالنسبة له.
يقول «نحصل على حصص غذائية ولدينا نظام رعاية صحية وتعليم مجاني من الدولة، إلا أن كل شهر بالنسبة لي كان بمثابة معركة صغيرة من أجل البقاء». لذا قرر أن ينتقل إلى بلدة فاراديرو الساحلية – حيث تنتشر مجمعات الفنادق واحدا تلو الآخر – ليصبح مرشدا سياحيا. ويحصل ليوناردو الان على مال يفوق حجم راتبه السابق عدة مرات.
وتعج العاصمة هافانا النابضة بالحياة – والتي تقع على بعد ساعتين بالسيارة – بالسائحين الذين يحتسون مشروبات الموهيتو والدايكيري المعروفة، في أشهر الحانات مثل فلوريديتا ولو بوديجيتا، ويقومون برحلات في سيارات كلاسيكية بألوان جذابة أو يتجولون في أزقة البلدة القديمة، مرورا بالمباني العتيقة التي تعود لعهد الاستعمار الاسباني السابق.
وتزدهر السياحة في كوبا التي سجلت العام الماضي رقما قياسيا، باستقبال أربعة ملايين زائر، بزيادة قدرها 13 في المئة عن عام 2015.
تقول نيكول تامر من ألمانيا «هناك عدد كبير جدا من السائحين أكثر مما كنت أتوقع». وتضيف «يود الكثير من الناس أن يأتوا إلى كوبا قبل فوات الأوان، ولكن قد يبدو ذلك إهانة بالنسبة للسكان المحليين، كما لو كانت الدولة من بقايا الزمن الماضي». وتوضح أن «كوبا ليست معزولة عن باقي العالم، ولاسيما نتيجة للثورة الرقمية، والسكان على وعي بالتقدم». وقد أصبحت السياحة شريان حياة بالنسبة للجزيرة الشيوعية الواقعة في البحر الكاريبي، حيث تسجل عائداتها من السياحة حاليا ما يصل إلى 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
من ناحية أخرى يقول ريكاردو توريس، أستاذ الاقتصاد في جامعة هافانا « السياحة أصبحت صناعة رئيسية بالنسبة لكوبا منذ مطلع التسعينات». ويضيف أن «السياحة تخلق العديد من فرص العمل، كما يستفيد العمال المحليين من الاكراميات».
إلا أن ازدهار السياحة أصبح بمثابة اختبارمجهد، فغرف الفنادق باهظة الثمن وتصل إلى 270 دولار لليلة الواحدة – وعادة ما يتم حجزها مقدما قبل شهر من التاريخ المحدد.
ولكن الدولة التي يعيش فيها 12 مليون نسمة تستعد لذلك. فمن المقرر الانتهاء من بناء 108 آلاف غرفة فندقية جديدة بحلول عام 2030، كما أنه من المقرر تحديث المطار الدولي في هافانا.
وكان راؤول كاسترو، الذي تولى منصب رئيس البلاد في عام 2008، قد قام منذ ذلك الحين بتخفيف العديد من القيود الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن الدولة مازالت تسيطر على السياحة إلى حد كبير، إلا أن التنشيط السياحي أدى إلى استفادة القطاع الخاص على وجه الخصوص. ومنذ أن سمحت الحكومة الشيوعية بتشغيل المطاعم التي يديرها القطاع الخاص، والمعروفة باسم «بالاداريس»، والسكن الخاص، أو «كاسا بارتيكيولارس»، صار أصحاب الاعمال الحرة من بين أكبر المستفيدين.
يشار إلى أن الأوروبيين ليسوا هم فقط من يشاركون في ازدهار السياحة في كوبا، حيث أنه بعد فترة طويلة من تجمد العلاقات مع واشنطن، جددت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع عدوها السابق، في ظل رئاسة باراك أوباما في تموز/يوليو من عام 2015 .
وبفضل ذوبان الجليد السياسي، زار 284 ألف و937 من الأمريكيين كوبا في العام الماضي، وفقا لجوزفينا فيدال، كبيرة المفاوضين الكوبيين. وهذا العدد يشكل زيادة قياسية بنسبة 74 في المئة، بالمقارنة مع عام 2015. ومع ذلك، مازال الحظر التجاري المفروض منذ عقود ساريا، ولا يسمح لمواطني الولايات المتحدة بزيارة كوبا إلا في إطار سبب من بين 12 سببا للسفر، من بينها التعليم أو لاسباب دينية.
ويقول توريس «لا أعتقد أن أيا من الطرفين يأمل في حدوث تغييرات دراماتيكية بين عشية وضحاها»، مضيفا «مازال هناك طريق طويل يجب قطعه من أجل (توطيد) العلاقات وتحول بلادنا».
وكان الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، هدد بإنهاء سياسة الوفاق إذا لم تقدم كوبا المزيد من التنازلات السياسية، دون أن يحدد بالضبط ما يعنيه بذلك. كما حذر أيضا وزير خارجيته المعين، ريكس تيلرسون، من أنه من المقرر إعادة النظر في السياسة التي كان يتبعها أوباما مع كوبا.
ويقول توريس «لا يعلم أحد ما الذي سيفعله ترامب، ولكنني أعتقد أن العلاقات الدبلوماسية (بين البلدين) لن تنتهي»، مضيفا «نأمل أن تهيمن البراغماتية في نهاية المطاف على جدول الأعمال (الامريكي) مع كوبا، لكون ترامب رجل أعمال يحيط به العديد من رجال الأعمال في مجلس الوزراء».
ومع ميل الشمس إلى المغيب ، تمر الحافلة بصور للبطلين الثوريين إرنستو «تشي» غيفارا وفيدل كاسترو، كما تمر على مزارعين وعربات تجرها البغال تحرث الحقول ببطء، وتمر بحافلات مكتظة تنقل العمال المنهكين إلى منازلهم.
هناك عدد كبير من مواطني كوبا المتحمسين للتغيير. يقول ليوناردو «هناك الكثير من التغييرات منذ تولى راؤول (الرئاسة)، فنحن بإمكاننا أن نسافر وأن نعمل بشكل مستقل، كما تتمتع الصحافة بمزيد من الحرية، ولكن التغيير لم يأتي سريعا كما كنا نأمل».
إلا أنه لا يعتقد أن بلاده سوف تخضع للأمركة، حيث يقول إن «الكوبيين وطنيون جدا وفخورون بذلك».