أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2017

اقتصادنا إلى أين؟ - محمد بشير أبو عزة
 
 
الغد- سؤال يراودنا عند كل أزمة اقتصادية خانقة وضغوط مالية على الموازنة: اقتصادنا إلى أين اتجاهاته، وإلى متى يبقى الحل عند الحكومات المتتالية هو جيوب المواطن فقط، بتفكير المسؤولين في فرض ضرائب جديدة ورفع الأسعار؟ ونتساءل: لماذا لا يفكر القائمون على الاقتصاد بحلول أكثر جدية للخروج من هذه الأزمات بحسب الإمكانات المتوافرة؟
نعم، الأردن يعاني من نقص الموارد الطبيعية، وبالأخص ما يتعلق بقطاع الطاقة، ما يرتب على الأردن أعباء اقتصادية بسبب استيراد موارد الطاقة. وقد واجه الأردن الكثير من التحديات المتعلقة بإمداد الطاقة التي تشكل عبئا على الحكومة وعائقاً في وجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية. فارتفاع الطلب على الطاقة والاستهلاك المتزايد لها نتيجة النمو السكاني وشح مصادرها، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على التنمية الاقتصادية، دفع الحكومة إلى البحث عن بدائل لمصادر الطاقة، وإجراء تحول بهدف التوجه إلى الطاقة البديلة بشكل أكبر. وبحكم التطور المتسارع لتكنولوجيا الطاقة البديلة، وبدراسة عملية بسيطة، نجد أن الأردن يمتلك أكبر مقومات لإنتاج الطاقة المتجددة، ما يجعله في فترة قصيرة من العمل الجاد، بلدا مصدراً للطاقة.
علينا في الاردن أن نقتنع أن اسم البلد لا يوضع على خريطة العالم الاقتصادية منذ اللحظة الأولى لولادته؛ فللنهضة الاقتصادية أسباب نجاح ومقومات يجب العمل عليها.
ويمكن النظر هنا إلى التجربة السنغافورية في النهضة الاقتصادية بقيادة "لي كوان يو" الذي جاء من أكسفورد إلى المستعمرة البريطانية السابقة، يحلم بأن يبني وطناً للناس. لذلك بنى المصانع لا الإذاعات، وأمر الناس بالعمل بدل الإصغاء للإذاعة. وأغلق السجون ليفتح المدارس، ولم يسمح للمذابح لدى الجارة أندونيسيا بالتسرب إلى بلاده. وطبق حكم القانون لكنه لم يحول بلاده إلى سجن تطعم فيه الفئران كوجبات دسمة كما لدى جارته بورما.
وكانت عملية بناء الجيش والشرطة من أشد الأولويات التي فرضت نفسها على حكومة لي كوان يو بعد انسحاب القوات البريطانية. إذ خسرت سنغافورة الكثير بسبب هذا القرار، لأن وجود هذه القوات كان يوفر 30 ألف فرصة عمل، أي ما يعادل 20 % من الناتج القومي الإجمالي. كما وجدت نفسها مضطرة إلى التعجيل في تنفيذ برامج التسليح المكلفة.
وبسبب السياسات الاقتصادية الذكية الناجحة التي اتبعها لي كوان يو، قفز دخل الفرد السنوي من 435 دولارا إلى 22 ألف دولار. وأصبحت سنغافورة من أكثر بلدان العالم أمنا. كما أنها نموذج في المحافظة على البيئة.
وبمقارنة بسيطة، نجد أن الأردن لديه مقومات أكثر للبدء بمسيرة الإصلاح الاقتصادي. فأولا، قطاع التعليم في الأردن في مراحل متطورة، ولدينا خريجون في الاختصاصات والمجالات كافة. وثانياً، حكم القانون سار على الجميع من دون استثناء، والمؤسسة القضائية في أحسن حالاتها. وثالثا، لدى الأردن أقوى الجيوش في المنطقة، ولا أحد ينكر الدور الجبار لنشامى الجيش في حماية الحدود من الأخطار القادمة من دول الجوار الملتهبة، كما الدور الكبير للأجهزة الأمنية في المحافظة على الأمن والأمان داخل الأردن. ورابعا، المؤسسة المصرفية والمالية وقطاع الفنادق والخدمات  مزدهرة ومتطورة بمراحل عن دول الجوار.
إذاً، ما الذي يمنع الأردن من التقدم الاقتصادي والخروج من هذه الأزمات المالية المتتالية التي ترهق المواطن قبل الحكومة؟
بدراسة بسيطة لتاريخ الدول المتقدمة، نجد أن سبب ازدهارها الاقتصادي هو التحول إلى الثورة الصناعية. فالتغيرات في الزراعة والتصنيع والتعدين والنقل والتكنولوجيا كان لها تأثير عميق في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. 
الثورة الصناعية تمثل تقطة تحول في النمو الاقتصادي للدول المتقدمة. وبالنظر الى عجلة التطور الصناعي في الأردن، نجده غائبا تماما باستثناء بعض الصناعات التحويلية وصناعات الأدوية. وبجولة سريعة على السوق الاستهلاكية في الأردن من جميع التصنيفات، نجد البضاعة الأردنية شبه غائبة، مقابل انتشار كبير للصناعات التركية والصينية.
للوصول الى استقرار اقتصادي في الأردن، يجب العمل على خطة تنموية صناعية على مراحل، والاستفادة من الظروف المتاحة؛ من توفر مشاريع للطاقة البديلة، واستثمار موقع الأردن الجغرافي المهم وخروج مصانع  مهمة في المنطقة من السوق الدولية بسبب الصراعات في دول الجوار، كما وجود كوادر بشرية مؤهلة، والأهم من ذلك الأمن والأمان في المملكة، كما علاقات الأردن الدبلوماسية الجيدة مع الدول المتقدمة، ووجود مؤسسات مصرفية وتمويلية متطورة. كل ذلك يجعل الأردن، بقليل من العمل، أرضا خصبة لجذب استثمارات صناعية وإقامة مدن صناعية، وبما يساهم في إدارة عجلة تطور الاقتصاد الأردني وازدهاره.