أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2018

ضريبة مقترحة على طريقة.. روبن هود !*د. زيد حمزة

 الراي-لم يخطر ببال أحد طوال التاريخ البشري مهما جنح خياله أو اشتط أن يتنبأ بيومٍ تتجمع فيه ثروة هائلة بايدي قلة من الاغنياء لا يزيد عددهم على اصابع اليدين! لكن هذا اليوم الخرافي قد اتى فعلاً ونحن نشهد الآن حقيقة غرائبية تكاد لا تُصدق لكنها تؤكد بأن ثمانية اشخاص فقط يملكون ثروات تعادل ما يملكه نصف سكان الكرة الارضية!! وقد أوردتْ هذه المعلومة في الاسبوع الماضي منظمة آفاز Aavaaz وهي منظمة غير حكومية تضم في صفوفها واحداً واربعين مليون عضو موجودين في جميع القارات وتعمل من خلال حملات عالمية بسبع عشرة لغة ويتوزع فريقها في ثماني عشرة دولة على ايصال قضايا وآراء ووجهات نظر الشعوب الى صنّاع القرار في أي بلد، وذلك في معرض حملتها الجديدة التي تسعى من ورائها لجمع اكبر عدد من التواقيع على عريضة موجهة لدول الاتحاد الاوروبي لاجبار شركات التكنولوجيا العملاقة فيها على دفع الضرائب مثل باقي المواطنين، وقد اختصت الحملة هذه المرة بشركة أمازون التي حققت خلال السنة الماضية فحسب ارباحاً قُدرت بمائتي مليار دولار، ورغم هذا الارتفاع الصاروخي فان ما دفعته من ضرائب في بعض الدول كان صفراً تقريباً! ومن المعروف ان شركات الانترنت عموماً تستغل ثغرات قانونية مختلفة لجني تلك المليارات وتحويلها الى الملاذات الضريبية (الآمنه !) بدلاً من ان تصرف الحكومات جزءًا منها على الأقل لإنشاء وصيانة المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات العامة، ومن اجل هذا الهدف النبيل فان آفاز في عريضتها الحالية تطالب الاتحاد الاوروبي بسن القوانين المناسبة لكي تدفع تلك الشركات ما يترتب عليها من ضرائب، إذ توشك حكوماته خلال التصويت الذي سيجري بعد ايام قليلة على اصدار قانون ثوري في هذا الشأن يتيح لها الحصول ولو على القليل من تلك المليارات لانفاقها على الصالح العام، تماماً مثلما فعل روبن هود في الزمن الماضي، وآفاز تدرك بالطبع ان هذه الشركات لن تقف مكتوفة الايدي بل سوف تبذل قصارى جهدها من اجل عرقلة القانون لانها تعرف جيداً ان اقراره في اوروبا سيؤدي الى إقرار قوانين مماثلة في مختلف دول العالم، لكن مصادر آفاز من داخل الاتحاد تفيد بأن حملتها التي تكبر يوما بعد يوم سوف تزيل هذه العراقيل، مع ادراكها في نفس الوقت أن الأمر لا يتعلق بشركة واحدة فحسب او بمدير تنفيذي بعينه بل بجميع شركات ((الخدمات الرقمية)) (فيسبوك وأبل وغوغل وغيرها) التي عليها ان تبدأ بدفع ضرائب في البلدان التي تجني فيها الاموال، وهذا لا يعني كما يُزعم تخريب تلك الشركات الناجحة فالضرائب المترتبة عليها سوف تنفق على التعليم والصحة العامة وتأهيل البنى التحتية التي تستعملها تلك الشركات نفسها لترويج بضائعها ومنتجاتها وخدماتها، وخلافاً لما فعل روبن هود فان الخطة لا تقضي بالسرقة بل بتغيير القانون من اجل رفع بعض الظلم وبهدف بناء اقتصاد عالمي يخدم جميع الناس وليس فقط اصحاب الشركات!

 
وبعد.. كم فرحنا حين كنا اطفالاً نشاهد في السينما انتصار روبن هود وهو يـأخذ من جيوب الاغنياء كي يعطي الفقراء وذلك قبل أن نعرف شيئاً عن علم الاقتصاد وفائض القيمة وملكية ادوات الانتاج ونظام السوق (المنفلت !) فكم سوف نفرح حين نحذو حذو الاتحاد الاوروبي فنفرض مثل هذه الضريبة التي تجني الدولة من ورائها ما يرفع ولو بعض العبء عن كاهل المواطن الاردني؟!