أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-May-2017

هجرة الشباب العربي*د. محمود عبابنة

الراي-الدراسة التي أوردتها صحيفة الرأي الأردنية بتاريخ 24/ 3/ 2017 وخلاصتها أن خمس الشباب العربي بمن فيهم حملة الشهادات يرغبون بالهجرة–وعلى الاغلب الى بلاد أوروبا وأميركا الشمالية ، والتي نطلق عليها بلاد الكفر أو الشيطان الأكبر- تستدعي التأمل والقلق والدراسة ، وتشيرالى ذروة الفصام الثقافي والاجتماعي الذي أصبح طابعا عاماً لمجتمع الشباب العربي المدجن بالقهر والإحباط والتهميش والاقصاء بمختلف الوانه.حالة التناقض التي يعيشها الشباب العربي هي حصيلة ما ينشأ عليه من واقع معاد لقيم الحرية والعدالة والمساواة وانعدام فرص العمل والرزوح تحت سيف التهديد بالتكفير او القتل او التجويع ، وبين اندفاعة الثقافة الغربية وما تصوره من حرية مطلقة للفرد وانحسار الممنوع وتوفر زخم المغريات المعيشية والمفاهيم الاجتماعية التي تحفظ استقلال الفرد وحقه في الاختيار ناهيك عن المشاهدة اليومية للجماليات كالحدائق ووسائل النقل الحديثة والمتيسرة والنظام والنظافة وكل وسائل الترفيه وتلبية الرغبات.
 
واقع الشباب العربي المؤسف لم ترصده لا الدول ولا المؤسسات ولا مراكز البحث والفكر واقتصر الامر على عقد مؤتمرات ونشر دراسات إحصائية تشير الى الظاهرة الا انه لم يجر أعداد أي خطة لمواجهة تنامي مؤشر هجرة الشباب خارج وطنهم ، ولم تجرؤ مؤسسات رسمية فاعلة على تشخيص واقع وأسباب إصابة الشباب العربي بداء انعدام الوزن والدخول في حالة ضياع واغتراب داخل وطنه وان ذلك يعود الى أزمة انهيار القيم وحلول قيم الحداثة الجديدة.
 
هذا الواقع المأزوم حد التخمة وأوصل الأمر بالشباب العربي للمقامرة بحياته وركوب قوارب الموت وبعضهم مصطحبا زوجته وأولاده، اختار احتمال قضاء نحبه غرقاً على ألا يعيش مهمشا محروما الا من تنفس هواء ممزوج بالغبار والسناج.
 
تضيق الأرض العربية بما رحبت وبشبابها خزان طاقتها المسّخر للبناء والنهوض والتقدم ، فإذا استشرفنا أن نسبة الراغبين بالهجرة هي بازدياد، أدركنا حجم الهوة السحيقة التي نهرول نحوها.في العشرين سنة الأخيرة، وبعد ان دخلنا عالم العولمة طائعين غير مختارين وغزا التلفاز والانترنت والفيس بوك منزل كل شاب عربي وفرض عليه قيم حداثية بدأت تأخذ حيزاً في حياته وتتعارض مع موروثه الثقافي الذي كبل عقله وحد من قدراته على التجديد والابداع مما قاده في كثير من الأحيان الى حالات من تقمص أدوار لا تنسجم مع مجموعة القيم المجتمعية الشمولية المفروضة عليه قسراً والتي لا يستطيع الجهربعدم اقتناعه بها لانعدام فضاء الحرية الشخصية بشكل عام.
 
وباحتدام هذا الصراع ينتقل الشباب العربي الى العيش بحالة اضطراب غربه داخل الوطن ويزيد من أوجاعه حالة الفراغ المفتوحة التي يعيشها، فلا أمل لفرصة عمل ولا تبديل لحالة الفقر والقمع الاجتماعي والسياسي المفروضة عليه.وتتسع الهوّة بين واقع بائس وطموح هلامي بتغيير الواقع الاجتماعي فيحاول العيش بمنظومتين من القيم لا تلبث ان تفتت شخصيته ونواتها المتناقضة فهو يحفظ ويستمع لمقولة النظافة من الايمان ، ولكنه يشهد يومياً رمي القاذورات من شبابيك السيارة ، ويستمع لمقولات التسامح والعيش المشترك ولكنه يستمع لخطابات خطيب الجمعة الذي قد تصيب وقد تخطئ ويستمع لمقولات التسامح والدعوة الى سعة الصدر ولكنه يشهد ضرب العصي والقناوي واطلاق النار في نزاع قد يكون على موقف سيارة او مشاجرة بين أطفال الروضة ويتوه بين مقولة «وقل اعملوا فسيرى الله اعمالكم...» واعقل وتوكل»...وبين الاكتفاء بدعاء الرزق ثم الرجوع الى النوم العميق لعل الله يفرجها ، وعندما لا تنفرج غمته او يزول كربه يفكراما بالتطرف وتفجير ذاته و من حوله او بالهجرة ولو على قارب مشبوه الصلاحية يقوده ان كتب الله له النجاة الى كراج او مزرعة او مطبخ مطعم في احدى الدول الأوروبية ، ويكون سعيداً؟!!.