أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jul-2018

التوتر القاتل للعمال الأميركيين

 الغد-ترجمة: ينال أبو زينة 

 
يمكن للوظيفة أن تتسبب بمرضك وأن تقصر العمر أيضاً وهذه هي المسألة الجدلية التي يثيرها كتاب جيفري فيفر، وهو بروفيسور في كلية "ستانفورد" لدراسات الأعمال التجارية العليا.
 
ويبدو هذا المزعم وأنه قد عفا عليه الزمان بشكل واضح، لاسيما وان قوانين الصحة والسلامة تساعد في تفسير سبب انخفاض حوادث الموت الناجمة في أماكن العمل بنسبة 65 % في الفترة الممتدة من العام 1970 إلى 2015.
 
ولكن هناك مشكلة لم تُحل بعد: وهي الضغوطات ومواطن التوتر. 
 
وبواقع الحال، يعاني ما تصل نسبتهم إلى 80 % من العمال الأميركيين من مستويات عالية من التوتر بسبب وظائفهم، وذلك وفقاً لدراسة استقصائية حملت عنوان "المواقف في أماكن العمل الأميركية". 
 
ويقول قرابة نصف من شملهم الاستطلاع أن الأمر ينهكهم إلى حد أصبحوا معه يحتاجون إلى مساعدة.
 
والشركات على دراية بهذه المسألة على الأقل. فقد وجدت دراسة أجرتها "واتسون وايت" في العام 2008 (وهي استشارية أصبحت الآن جزءا من "تاور واتسون") أن 48 % من المنظمات قالت إن التوتر المرتبط بالعمل أثر على الأداء ولكن 5 % فقط من الموظفين أوضحوا أنهم مستعدون للقيام بأي شيء من أجل التعامل مع هذه المسألة. 
 
وركز كتاب فيفر على أميركا، حيث تبدو المشكلة حادة وخطيرة بشكل خاص ووجدت إحدى الدراسات استطلاعية أن 55 % من الموظفين يدخلون بريدهم الإلكتروني بعد الساعة الحادية عشر مساءاً (وفي المقابل، يعطي قانون فرنسي جديد الموظفين حق تجاهل رسائل البريد الإلكترونية التي تصلهم عقب إنتهاء ساعات عملهم)؛ ويقوم 59 % في الحقيقية بالتحقق من بريدهم الإلكتروني في أيام العطلة. 
 
وهذا بالطبع إن كان بإمكانهم أن يأخذوا استراحةً في الأساس؛ وأكثر من نصف الأميركيين المؤهلين تماماً لقضاء العطلة لا يستخدمون كل الوقت المتاح لهم لأنفسهم وراحتهم. 
 
وبقول كل هذا، فقد احتسب فيفر أن المشاكل المرتبطة بالعمل قد تكون مسؤولة عن وفاة 120 أميركي كل عام.
 
وتقترح مقارنة هذه الأرقام بتلك في أوروبا أن قرابة نصف حالات الوفاة هذه يمكن الحد من وقوعها.
 
ويكمن أحد أسباب إمتلاك أوروبا لسجل أفضل على هذا الصعيد في توفير الرعاية الصحية الشاملة.
 
ويشير فيفر إلى أن غياب توفير التأمين الصحي للجميع، وطبيعته المحدودة في كثير من الأحيان عندما توفره الشركات، هي العوامل المساهمة في معدلات الوفاة الناجمة عن الوظائف الأعلى. وتقدر إحدى الدراسات الاستطلاعية أن غياب التأمين الصحي يزيد تهديد الوفاة بنسبة 25 % بين البالغين ممن هم في عمر مناسب للعمل. 
 
ويملك الكثير من العمال تأمين صحي إنما محدود وفي العام 2015، وجدت دراسة استطلاعية قامت عليها "غالوب" أن نسبة تناهز ثلث الأميركيين تقريباً أجلوا العلاج الطبي في العام السابق بسبب تكلفته المرتفعة.
 
وليس أي هذه الأمور جيداً للأعمال التجارية، بحيث أن العمالن الذين يعانون أحوالاً صحية سيئة أقل إنتاجية بطبيعة الحال؛ وهم يميلون أيضاً إلى ترك وظائفهم، مما يعني ارتفاع معدل تدوير الموظفين. 
 
وينتقد فيفر أيضاً ثقافة العمل في أميركا، حيث الشركات أسرع من نظيراتها في أماكن أخرى في خسارة العمال.
 
ويقول في هذا الصدد "كثيراً ما يؤدي ازدياد المخاوف لدى الموظفين وفك الارتباك وتخفيف الجهد قصراً إلى اضمحلال أية آثار إيجابية مباشرة يمكن أن تأتي من تخفيف التكاليف عبر تخفيض الرواتب".
 
وفي حال ضربت البطالة بيد من حديد، سوف يلحق بها إزدياد سوء الصحة مباشرةً، والأميركيون الذين يخسرون وظائفهم هم أكثر عرضة بنسبة 22 % لاختبار نوبة قلبية، لاسيما بعض سيطرة بعض العوامل عليهم ومنها التدخين والشرب والسمنة. 
 
ويعتقد فيفر أن نمو الاقتصاد المؤقت (حيث الوظائف مؤقتة والعقود محدودة المدة) يمكن أن يزيد الطين بلة.
 
ويقل احتمال تمتع العاملين بدوام جزئي أو (مستقل) بتأمين صحي. وربما يعانون أيضاً مستويات مرتفعة من التوتر، مما قد يعزى إلى دخولهم غير الموثوقة وساعات عملهم غير المنتظمة.
 
وبصفة عامة، فإن الوظائف التي تعطي الأفراد مزيداً من الاستقلال الذاتي والسيطرة تزيد الدوافع وتجعل الأفراد أكثر صحة، بحسب ما كتب  فيفر. 
 
وسوف يعتقد الكثيرون أن السيد فيفر يبالغ في طرح حجته، خاصةً وأن بعض المشاكل التي يصفها تتجذر في المجتمع ككل، وليس في الأعمال التجارية وحسب.
 
ويعد تصميم أنظمة الرعاية الصحية خياراً سياسياً، أكثر مما هو خيار تجاري.  وليس الارتفاع العام في معدلات البطالة، الناجم عن الإنهيار الاقتصادي، خطأ للأعمال التجارية الفردية.
 
ويضرب توتر العمال إزاء ثقافة التوظيف والتسريح بشكل أقل قوةً عندما تكون البطالة في مستويات منخفضة بشكل قياسي، كما هو الحال اليوم.
 
وبقدر ما يتسبب الاقتصاد المؤقت بانعدام الأمن الوظيفي للبعض، فهو يعني لآخرين أنهم يسيطرون على حياتهم المهنية. 
 
وتبقى بعض السلوكيات، مثل عدم رغبة الأميركيين بأخذ الإجزاءات، قديمة العهد. 
 
ولكن فيفر على حق في استرعائه الإنتباه إلى مشكل التوتر والإجهاد، وقوله بأن إنعدام الأمان الوظيفي وانتشار الاتصالات الإلكترونية قد زاد التوتر في السنوات العشرين الأخيرة قول مقنع أيضاً.
 
ومن غير المحتمل حدوث تغيير كبير في نظام الرعاية الصحية الأميركي ولذلك فإن الأمل الأكبر يكمن في تغيير سلوكيات الشركات.  ويشير مؤلف الكتاب إلى شركات مثل "آتنا"، وهي مجموعة تأمين، و"باري ويهميلر" المصنعة، اللواتي وفَّرن سياسات مثل برامج الصحة الجيدة ورفعت الحد الأدنى للأجور، دون التضحية بالأرباح. 
 
وقد نجح هذا النموذج في الماضي مع عدد من شركات الحلويات البريطانية مثل "كادبيري" و"راونتريز" ويعتبر كتاب فيفر حجة قوية ليتم النظر فيه عن كثب مرةً أخرى.
 
"الإيكونوميست"