أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Jan-2020

مناقشات غير دستورية للموازنة العامة*د. ليث كمال نصراوين

 الراي

أقر مجلس النواب مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020، حيث أحيل المشروعان إلى مجلس الأعيان للسير في الإجراءات الخاصة بإصدارهما وفق أحكام الدستور. وكالعادة، فقد امتازت مناقشات النواب بالهجوم المباشر على الحكومة ممثلة برئيسها وأعضاء الفريق الوزاري، حيث تسابقوا في توجيه سيل من الاتهامات والعبارات الجارحة إلى شخوص الوزراء، والتي وصل حدها إلى التطرق لموضوعات شخصية خاصة بهم لا تمت بأي صلة لمشروعي القانونين. كما استغل النواب المتحدثون فرصة اعتلاء المنصبة للتطرق إلى مسائل لا تخص موضوع الموازنة العامة على الإطلاق، محاولين الاستعراض أمام قواعدهم الشعبية، خاصة وأن هذه هي الدورة العادية الأخيرة للمجلس، قبل أن يعود النواب إلى دوائرهم الانتخابية آملين أن يتم إعادة انتخابهم.
 
إن المشرع الدستوري قد خص مشروعي الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية بقواعد خاصة تتعلق بآلية مناقشتهما والتصويت عليهما من قبل مجلسي الأعيان والنواب. فالصلاحية التشريعية لأعضاء مجلس الأمة عند إقرار هذين المشروعين مختلفة عن باقي مشاريع القوانين الأخرى، حيث أجاز الدستور الأردني المطالبة بانقاص النفقات الواردة في فصول الموازنة بما يتوافق مع المصلحة العامة دون زيادتها. كما حظر الدستور أثناء مناقشة الموازنة العامة قبول أي اقتراح يتعلق بإلغاء ضريبة موجودة أو فرض ضريبة جديدة أو تعديل الضرائب المقررة زيادة أو نقصان.
 
إن هذه الأحكام الدستورية الخاصة بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة قد سها عنها معظم النواب في مناقشاتهم على مدار أربعة أيام، حيث طالب المتحدثون بإلغاء ضريبة المبيعات وزيادة الدعم المالي الموجه للمشاريع التنموية في مناطقهم الانتخابية، وزيادة رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين. وهذه المطالب جميعها تتطلب إما إلغاء ضريبة موجودة أو زيادة في النفقات العامة، وهذا ما يشكل تعارضا واضحا مع الأصول التشريعية المتعلقة بمناقشة مشروع الموازنة العامة كما حددتها المادة (112) من الدستور.
 
في المقابل، لم يحاول النواب المتحدثون مناقشة بنود مشروعي القانونين والجداول المحلقة بهما ومن ضمنها المشاريع الرأسمالية وموازنات المحافظات بشكل موضوعي سليم لغايات تخفيضها، ذلك على الرغم من وجود أحكام خاصة تتعلق بآلية مناقشة الموازنة العامة، والتي تختلف عن القواعد الإجرائية ذات الصلة بمناقشة مشاريع القوانين الأخرى. فقد أعطى النظام الداخلي لمجلس النواب المجلس نفسه وبالتنسيق مع رئيسه الحق على تحديد الوقت الذي يراه مناسبا لكل عضو أو كتلة أو ائتلاف نيابي لغايات مناقشة الموازنة العامة، كما اشترط النظام عدم جواز اقتراح اقفال باب النقاش في المواضيع المتعلقة بالموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية إلا بعد أن يتحدث جميع طالبي الكلام.
 
لذا، نجد أن ثمة حاجة ماسة لتوضيح القيود والمحددات التي فرضها الدستور الأردني على أعضاء السلطة التشريعية عند مناقشة وإقرار القوانين ذات الصبغة المالية، وفي مقدمتها قانونا الموازنة العامة والوحدات الحكومية.