أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2018

لا تأخذونا إلى هناك؟ *باسم الطويسي

 الغد-خطان متقاطعان من التطورات والأحداث السريعة؛ فالمتوقع إذا ما استمر هذا التقاطع بين سلوك الحكومة وردود الأفعال الشعبية أن تشكل هذه الأحداث حالة غير مسبوقة، فأي حكمة سياسية وأي منطق عاقل أن تذهب الحكومة الى رفع جديد لأسعار المشتقات النفطية ونحن نشهد زخما متصاعدا من الاحتجاجات والإضرابات على قانون ضريبة تنظر إليه أغلبية المجتمع بأنه قانون غير عادل.

وفي الوقت الذي ينتظر الناس كلاما هادئا موزونا من الطبقة السياسية الرسمية تخرج أصوات بعضها يتلاعب بتفسير الدستور ويعيد تقييفه على مقياسه، وبعضها يصدر الأزمة الى الخارج والأكثر مرارة استمرار لغة الاستعلاء على الناس والاستخفاف بمطالبهم ومواقفهم.
إضراب الأربعاء أوصل رسالة قوية برفض شعبي واسع لمشروع قانون الضريبة، ولم يكن الإضراب مجرد تحريض من قطاع الأعمال الذي زج بموظفيه الى الشارع، بل مثل بالفعل الطبقة الوسطى الأردنية بكل شرائحها، والحركة الاحتجاجية التي بدأتها 33 نقابة مهنية ساوت في خطابها وشعاراتها بين رفض السياسات الرسمية وبين التنديد بفساد بعض أطراف القطاع الخاص وبين ضعف المؤسسات التمثيلية وعلى رأسها النواب.
ولا يوجد ما يبرر رفض الإصغاء للناس ومطالبهم وحتى المناورة السياسية في إدارة الأزمات إلا حينما تتحول ممارسة السياسة الى هواية يمارسها هواة؛ فالتحولات القاسية والأحداث المتسارعة وغير المتوقعة تجعلان المجتمعات أكثر حساسية وانفعالا وترقبا، ولديها قابلية عالية للتعبئة والتحشيد، وقد تنسحب هذه الحساسيات على التضييق على الحريات العامة وعلى إعادة تفسير الأحداث وخطابات الآخرين، فما بالنا حينما ترتبط الأحداث بمصالح الناس ومعاشهم وبقوت أطفالهم.
لقد أثبت الأردن على مدى قرن من السياسة العاصفة بأن صوت الحكمة والعقل هو الغالب، ولا يوجد بلد عربي آخر شهد ظروف الأردن وما واجهه من أزمات وتحديات استطاع التكيف مع أزماته وتحدياته كما فعل الأردن وقياداته، فلا تأخذونا الى درب الخطر، فحينما نراجع الأزمات الكبرى منذ ثلاثة عقود نجد الكثير من الأخطاء والسياسات المتهورة، ولكن كانت الدولة قادرة في لحظة فارقة على تصحيح نفسها والمراجعة ولم تصل الطبقة السياسية الى هذا المستوى من العناد، وحينما نراجع الخطابات الرسمية في إدارة الأزمات منذ العام 1989، نجد أن نفرا من الساسة قد مارس الاستعلاء على الناس ولكن الدولة كانت قادرة على رفضهم وإخراجهم.
نحن بأمس الحاجة اليوم الى مراجعات عميقة للنهج الاقتصادي وللاقتصاد السياسي أيضا مراجعات مختلفة تماما عما عهدناه وإلى فتح حوارات مسؤولة وحقيقية عما يجري في الاقتصاد والسياسية، ما الذي يضير الحكومة إن سحبت مشروع القانون ومنحت المزيد من الوقت للتفكير والحوار الوطني وخلق التوافقات الاجتماعية والسياسية، وما يضيرها إن رحل قانون الضريبة الى الدورة العادية المقبلة للبرلمان ومنحت نفسها الوقت للخروج بحزمة متكاملة من الإصلاحات الاقتصادية ومنحت سلطات الدولة الأخرى أن تكون أكثر فعالية ومسؤولية في صياغة مرحلة جديدة.
الدولة بكل مؤسساتها وإمكانياتها ورجالها ونسائها بحاجة اليوم لإعادة التفكير بمعنى الاستقرار؛ إن الطبقة السياسية الرسمية وقبل الأمنية وقبل المجتمع هي المعنية بصيانة الاستقرار وإن عجزت هذه الطبقة عن الحفاظ على الاستقرار فإنها لا تستحق الاستمرار.