كانت مفاوضات الشراكة في صيف العام 1972 شاقة عسيرة ، استطاعت المملكة العربية السعودية من خلالها أن تقود العالم من طرف خفي لم يكن كثيرون حتى ذلك الحين قد تنبهوا له أو  لأهميته  أو لأثره  على حقائق العصر الحديث ، تاريخيا واقتصاديا وسياسيا ، خاصة أن وحدة منظمة الدول المصدرة للنفط ووحدة قرارها  لم يكن على ذلك القدر من القوة والتماسك.

 

كان العالم وهو يراقب المفاوضات بسحر جهاز التلفزيون وأثره الإعلامي الحديث آنذاك ، يتابع موقف المملكة العربية السعودية التي ترأست وفد المفاوضات مع أكبر كارتل اقتصادي في العالم ، كما كان يتابع تألق وزير النفط السعودي بإعجاب وتقدير لقدرته على شرح مواقف الوفد الذي يرأسه .

 

وآمنت المملكة العربية السعودية أن مشاركتها بملكية شركات النفط العاملة على أراضيها ‘يحمّلها مسوؤليات جسام ، داخلية وإقليمية وعالمية ، وكانت قد بدأت الإستعداد لتلك الخطوة وما يمكن أن يتبعها في المستقبل من ملكية تامة لتلك الشركات  ، فترجمت هذا الموقع الفريد إلى آلية  تنفيذ على أرض الواقع ، فأسست جامعة الملك فهد للنفط والمعادن الطبيعية في أواسط الستينات وأسست كذلك شركة النفط الوطنية ( بترومين) مما اعتبر لاحقا اللبنات الأساسية الأولى في صناعتها النفطية الوليدة وفي سيطرتها على مواردها الوطنية .

 

وخلال كل هذا ، بدأ يظهر تيار في  الديموقراطيات الصناعية المستهلكة للنفط ينادي بأهمية توحيد مواقفها في التعامل مع الدول المنتجة والمصدرة للنفط ، لكنه عجز عن ترجمته إلى واقع على الرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية   كانت أول من بدأ يطالب بذلك .

 

مقابل هذا التطور الملحوظ ، على جانب الدول المنتجة والمصدرة للنفط سواء على مستوى  هيكل صناعتها النفطية أو بما حققته منظمتها ( الأوبك) من نجاحات  ، فقد برز  ضعف موقف الدول المستهلكة من جانب آخر  ، كما ساهمت آلية عمل السوق الحر للنفط في إبقاء حكومات الدول المستهلكة بعيدة عن التفاوض مع حكومات الدول المنتجة واستمرت تاركة ذلك للشركات التي اتضح تماما ضعف الأرضية التي أصبحت تقف عليها.

 

وبذلك تكون بداية السبعينات قد شهدت العديد من التطورات ما جعل الحكومة الامريكية  ترفع القيود عن إنتاج نفطها الداخلي بحيث أصبح قطاعها النفطي في نهاية العام 1972 ينتج بكامل طاقته  ، وبدأ اهتمام الحكومة الأمريكية  يتزايد بملف الطاقة النفطي.