أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Feb-2019

توفيق فاخوري.. رجل رسم الأحلام بالأرقام

 الغد-يوسف محمد ضمرة

تصنع الأقدار معظم الرجال، ويصنع بعض الرجال أقدارهم، وتوفيق شاكر فاخوري من خامة الرجال العصاميين الذين صنعوا أقدارهم، بلا صخب أو ضجيج.
وحكاية فاخوري رواية تختزل معاني الجلد والمثابرة والكفاح والنجاح، رغم أنه يزهد في الأضواء ويؤثر العزلة؛ حيث تمكن من قيادة سفينته والإبحار في وسط العواصف الجامحة، والرسو على بر الأمان.
ذلك الفتى الربّان صقلته الأيام الوعرة والدروب المتعرجة تحت أشعة الشمس الحارقة، فأصبح رجلا يشار إليه بالبنان.
فهو رجل برع في رسم الأحلام بالأرقام منذ نعومة أظفاره؛ حيث لم يكن يبلغ الـ17 ربيعا، فتجشم عبء سداد دين أبيه، تاركا مسقط رأسه في الأراضي المحتلة، إلى بلاد الاغتراب، مخلفا وراءه صف المدرسة الثانوية إلى مدرسة الحياة الأوسع، التي يعتد بالقول إنه أحد خريجيها.
فنتيجة لظروف النكبة التي حلت بفلسطين المحتلة، غادر فاخوري متوجها الى المملكة العربية السعودية ليعمل في المقاولات، مستهلا حياته العملية كمراقب للعمال، ولم يتجاوز أجره اليومي، حينها، 12 ريالا، أو ما يعادل دينارا، لا أكثر، لكنه غادر العمل لقلة الأجر بعد 20 يوما.
لكن الفاخوري كان صاحب طموح وجلد في العمل، فانتقل من فرصة لأخرى في مجال المقاولات وتوسّع حتى استطاع تأسيس أول شركة للمقاولات والتي سمّاها “إقبال” تيمنا بكاتب باكستاني كانت له كتب منتشرة في السعودية في الخمسينيات ـ-وقد استمر هذا الاسم يرافقه حتى هذا الوقت- وكان الفاخوري صادقا في عمله وكان يكره الليل لأن العمل يتوقف والناس نيام. ونجحت شركة الإقبال وحصلت على تعاقدات مهمّة حققت له أرباحا ممتازة كان أول ما صنع بها هو سداد دين والده الذي كان يعد معجزا من حيث القيمة في ذلك الوقت.
في العام 1979، وبعد أن عمل في السعودية لمدة 23 عاما، كان يصل النهار بالليل خلالها ليقدم ثمرة جهده في النهاية لمستقبل أفضل لأولاده، قرر توفيق فاخوري أن يعود للأردن بعد أن أصبح لديه 3 أولاد وبنتان واضعا نصب عينيه مستقبل أولاده وتعليمهم، وكان له مراده حيث ألحقهم بالمدارس الخاصة ومن ثم بأفضل الجامعات العالمية.
وبدأت مسيرة فاخوري العملية في الأردن، عبر شراء أغلبية حصص بنك الأردن باستثمار لا يقل عن 15 مليون دينار، وعمل على توسعة وتنمية البنك وزيادة فروعه من 19 فرعا في ذلك التاريخ الى 104 فروع في يومنا الحاضر ونقله من المحلية إلى الإقليمية وفتح فروع في فلسطين وسورية والبحرين.
وتوجه فاخوري الى الاستثمار في التصنيع والتجارة؛ حيث أسس مصنع الدخان في العام 1992، كما أسس شركات للتجارة والطباعة والتغليف في العام 1994 والتي أسهمت في رفد الاقتصاد الوطني بعوائد مادية ووظيفية تجاوزت عشرات الملايين على مدى السنوات. 
يصف فاخوري استثماراته في تلك المرحلة بـ”الناجحة بجدارة مع كبار الشركات العالمية مثل فيليب موريس، خصوصا في أوروبا الشرقية حتى قامت فيليب موريس بشراء مصنعنا للدخان واستمرت الى يومنا هذا بالمسيرة التي بدأناها منذ سنوات”.
بعدئذ قام فاخوري بتأسيس “الإقبال للاستثمار” كشركة مساهمة عامة، ويعد سهمها اليوم من أعلى أسهم سوق عمان المالي، وعادت الشركة بالفائدة على الخزينة والمساهمين على حد سواء؛ حيث بلغ إجمالي الضرائب المدفوعة عن هذه الشركة مبلغ 560 مليون دينار ووزعت أرباحا نقدية على المساهمين تجاوزت 213 مليون دينار عدا عن الأسهم المجانية، عبر سنوات إدارة عائلة (فاخوري) للشركة، وبدأت صناديق استثمار أوروبية بالاستثمار في الشركة حتى تجاوزت حصصها 70 % في نهاية العام 2018، لتستمر في مسيرة النجاح التي بدأها قبل 26 عاما.
وقام بتأسيس شركة استثمارية في إسبانيا تعنى باللوجستيات ونقل وتوزيع النفط.
لم يأل فاخوري جهدا في استكشاف فرص الاستثمار المختلفة، وذلك لما يعلمه من إيجابية الأثر لأي فرصة جديدة على المجتمع بما تخلقه من فرص عمل تغيّر من حياة عائلات بأكملها.
ورغم صعوبة حصر فرص العمل التي وفرتها استثمارات فاخوري عبر أربعة عقود من الزمن، إلا أنه يعمل معه ما لا يقل عن 3000 موظف في مختلف الشركات التابعة له، معتبرا هذا الرقم “فخرا لا يقل أهمية عن إنجازات شركاته الربحية”.
كما تبنّى فاخوري سياسة دعم التعليم بشكل خاص؛ حيث وفر برامج لدعم الطلبة وتغطية تكاليف دراستهم سواء في المدارس أو الجامعات، حتى بلغ عدد المستفيدين من هذا الدعم 125 طالبا تخرّج منهم 82 والباقي على مقاعد الدارسة، ولا يطلب من هؤلاء الطلبة سوى تمرير المعروف وتدريس طلبة من الأجيال المقبلة إن كان ذلك في استطاعتهم ومقدرتهم.
بعد تلك التجربة الاستثمارية الطويلة، يفيض فاخوري بالحكمة، واصفا الاستثمار في الأردن بالإيجابي ومبديا تفاؤله على الرغم من كل التحفظات التي تتردد بين حين وآخر لدى بعض المستثمرين، مؤكدا أن “التجربة أثبتت أن الاستقرار هو الحقيقة الوحيدة التي يجب أن يُبنى عليها قرار الاستثمار، والأردن بفضل الله وحكمة قيادته يصنف عالميا كبيئة آمنة وجاذبة للاستثمار”.
ويؤكد فاخوري أنه سيركز في خططه المستقبلية على التوسّع في المشاريع الحالية وإكمالها بمستوى متميز وإنجازها في الوقت المخطط له.
يقول أبوشاكر “لم تكن طريقنا سهلة ومعبدة، فقد واجهنا صعابا لم يكن من السهل تجاوزها، حالنا حال جميع رجال الأعمال الذين يعرفون أن بحر الاستثمار يملك من المنفّرات ما يكفي ليجعل المستثمر يستسلم ويحول وجهته لمحطات استثمارية أخرى سواء إقليمية أو عالمية تكون أكثر ترحيبا بالمستثمر الأردني”.
ويضيف “ولكن وجودنا في وطننا ومواجهة موج التنفير بروح وطنية صادقة ومخلصة هو الأهم، لأننا نعلم، عن تجربة، أن طعم النجاح مختلف في بلدك والحمد لله مرت التحديات وما نزال نخوض الاستثمار بإصرار”.
يقول “قمنا بتأسيس شركة الإقبال للتطوير العقاري في 2016، لتعمل على إنشاء مشروع استثماري عقاري متميز وفريد لنزيد في عق�'د استثمارنا جوهرة تلفت الأنظار في بلدنا الأردن، فوقع الاختيار على إنشاء برجين أحدهما فندق والآخر شقق سكنية تحت العلامة التجارية العالمية المعروفة (ريتز كارلتون-عمان)، كأكبر مشروع سياحي في الأردن تحت التنفيذ منذ عامين بقيمة استثمار تتجاوز 200 مليون دينار ليكونا محطة رئيسية في صناعة السياحة في المملكة”.
ويتابع “ويتجاوز ارتفاع البرج الأول “ريتزكارلتون ريزيدنس”، 20 طابقا، ويتألف المبنى من 90 شقة سكنية مخصصة للبيع، وتتنوع من حيث المساحة، ويتراوح عدد غرف النوم في كل شقة من غرفة إلى أربع غرف، إلى جانب شقتي دوبلكس “بنتهاوس” في أعلى المبنى”.
ويضيف “أما البرج الثاني فهو يمثل فندق “ريتز-كارلتون- عمّان” بارتفاع 19 طابقاً، ويشمل 228 غرفة، من بينها 34 جناحاً فاخراً، ويضم المبنى مطعمين راقيين؛ أحدهما يقع في أعلى الفندق، بالإضافة للعديد من المرافق الأخرى؛ بما فيها الحدائق الخارجية. وسيضم البرج مجموعة من القاعات الواسعة فائقة الفخامة، والتي تلائم مختلف المناسبات والفعاليات، بما يشمل قاعة مناسبات بمساحة 1000 متر مربع. كذلك سيضم المبنى مواقف لسيارات النزلاء والضيوف”.
وعن عائلته الصغيرة، يقول فاخوري: “لي ثلاثة أبناء وابنتان حذوا جميعهم توجّهي في العمل الجاد، ومواصلة مسيرة العطاء في الوطن الحبيب”.
وعن رؤيته المستقبلية التي يرى فيها ضمانة للتاريخ والإرث العائلي، يقول: “إيماناً بالقدرات والإمكانيات البشرية المحلية الكامنة في الشباب وأجيال المستقبل، ومن هنا جاء القرار الذي اتخذناه بنقل 81 مليون سهم من أسهمنا في بنك الأردن بين الشركات الخمس بإحدى الجزر بهدف الحفاظ على ملكية العائلة وعدم إمكانية بيع الأحفاد إلا فيما بينهم”، وكأنه يقول لأفراد عائلته: “القفز من خرائط العائلة محظور، ولن يُسمح بإهدار أعمار الأجيال، وأعمالها”.
ففاخوري يؤمن أن الذهاب إلى المستقبل ليس مجرد رغبة، فالمستقبل ليس بطاقة دعوة لزفاف، وإنما عمل مخطط ومدروس بعناية فائقة لتسمو فيه روح المؤسسية والديمومة، تلك هي إحدى بصمات فاخوري لهندسة مستقبل أفضل، والتي برع بها طوال سنين عمره المديد.