أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Jun-2019

تَراجع الصادِرات للعِراق*سلامة الدرعاوي

 الدستور-تُشير أرقام التِّجارة الخارجيّة إلى تَراجع الصادِرات الوطنيّة في الربع الأول إلى العِراق بما نِسبته 10 بالمئة، وهي نِسب على غير المتوقّع ويشكّل انخفاض كبير عكس التوقّعات السائدة من أنها سَتنموّ إلى الشريك التاريخيّ للمملكة.

التَراجع في الصادِرات الوطنيّة للعِراق في الربع الأول من هذا العام جاء رغم قيام الحُكومة بتوقيع عدد من اتفاقيات التنشيط والتحفيز الاقتصاديّ مع الجانب العراقيّ وإعادة فتح المعابر الحدوديّة وتنظيم التنقلات للأفراد وللشاحنات على حدٍ سواء، ناهيك من حصول الأردن على قائمة سِلع مُعفاة من أيّة رسوم جمركيّة عراقيّة تَبلغ 340 سلعة تقريباً، ورغم كُلّ ذلك تتراجع الصادِرات الوطنيّة للعِراق، فما هي الأسباب؟
لا شكّ أن أسباب التَراجع للصادِرات الأردنيّة للسوق العراقيّة في الربع الأول من هذا العام مُتعددة منها خارجيّ ومنها ما هو داخليّ.
أما الأسباب الخارجيّة فهي مُتنوعة، فالعِراق أولا لم يعدّ كما كان في السابق مُغلقا ويحتاج لِكُلّ شي من الخارج، فالعِراق اليوم مُنفتح على العالم بأسره وباستطاعته تلبية كافة احتياجاته من السِلع والخدمات بأقل الأسعار وبأعلى جودة، وبالتالي فأن الأمر أدى إلى تقليل تنافسيّة الموقع الجغرافيّ للمملكة أمام الحركة الاقتصاديّة للعِراق بعد عقود من حصريّتها لتجارة العِراق الذي كان مُحاصرا إضافة إلى الأعمال العسكريّة التي تعرضت لها في السنوات الماضيّة والتي جعلت الأردن المنفذ الوحيد لتلبية احتياجاته الاقتصاديّة.
ثانيا: بات في العِراق اليوم وبعد القضاء على المنظمات الإرهابيّة مؤسسات اقتصاديّة وطبقة رجال أعمال ومستثمرين عراقيين لهم استثمارات صناعيّة كُبرى في العِراق وأحدث التكنولوجيات لتصّنيع السلع على اختلافها، وبالتالي باتَ العِراق يمتلك قاعدة صناعيّة مُتطورة في صناعات المواد الغذائيّة والبلاستيكيّة وغيرها من القطاعات التي كان الأردن في السابق المصدر والمورد الرئيسيّ للعِراق.
لاشك أيضا أن العامل السياسيّ يلعب هو الآخر دوراً خفيّاً في الحدّ من نُمُوّ صادرات الأردن للسوق العراقيّة التي يتدخل في قراراتها مجموعة من القوى والمرجعيّات المُختلفة والتي تؤثر فعليّاً على استقلاليّة القرار الاقتصاديّ الحكوميّ العراقيّ، وتدفع بتغيير اتجاهاته نحو أسواق دول أخرى غير الأردن.
اما عن الأسباب الداخليّة، فالأوضاع الاقتصاديّة في المملكة لمّ تعدّ كما كانت في السابق، ولمّ تعدّ الصناعات الاردنيّة اللاعب الوحيد في السوق العراقيّة التي باتت مُنفتحة على الجميع، والكُلّ يعلم أن هُناك صناعات كثيرة في المملكة أُنشئت للسوق العِراقية تحديداً في ظل ظروف وسياسات مُحددة جعلت من من الصادرات الأردنيّة تنحصّر في مواصفات محددة لا تتلاءم حتى مع الأسواق الأخرى، فهي موجّهة للعِراق فقط.
القضية الأكبر التي تحدّ من صادِرات الأردن للعِراق هي تنافسيّة الصادرات الأردنيّة وكُلّف الإنتاج المُرتفعة على القطاع الصناعيّ والتي تعدّ من أعلى الدول في المنطقة في ذلك، وهذه مشكلة كبيرة اليوم تلقي بِثقلها على القطاع الصناعيّ خاصة والقطاع الخاص عامة في المملكة، فالكُلّف خاصة في مجال الطاقة باتت تستحوذ لوحدها على أكثر من 40 بالمئة من كُلّف الإنتاج، الأمر الذي جعل الكثير من الصناعات الأردنية تُقللّ أعمالها وأنشطتها لمواجهة الخسائر الفادحة التي مُنيت بها في ظل ارتفاع التكاليف وتراجع تنافسيتها بالتالي، وهو أمر في الحقيقة يُشكّل تحدّيا أمام الجهود الحكوميّة لِفتح الأسواق أمام الصادرات الوطنيّة، إذن أن ما حدث في العِراق كفيل للحُكومة بإعادة النظر في ملف الطاقة حتى تكتمل الجهود وتثمر الدبلوماسيّة الاقتصاديّة عن انفراج في الصادِرات الوطنيّة لدول العالم المُختلفة ومنها العودة إلى السوق العراقيّة الشريك الاقتصاديّ الأبرز للمملكة.