أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2017

برنامج التوازن المالي .. ومبادرات التحفيز* عبدالله بن عبدالرحمن الربدي
الاقتصادية - خرج برنامج التوازن المالي في محاولة جادة للموازنة بين تحقيق واستدامة ميزانية دون عجز وبين تخفيف وتحسين الآثار الاجتماعية والاقتصادية سواء على الفرد أو على القطاع الخاص، وعليه تم إطلاق أربع مبادرات لزيادة الإيرادات للدولة ومبادرات لترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وإصلاحات أسعار الطاقة والمياه هذا في جانب تحقيق موازنة مستدامة للدولة، أما على الجانب الآخر فأطلقت الدولة برنامج «حساب المواطن» الذي يهدف إلى تخفيف آثار ارتفاع التكاليف عبر إعادة توجيه الدعم بشكل مباشر إلى حساب المواطن بدل إطلاقه بشكل عام للجميع، والبرنامج يميز بين المواطنين حسب حجم الأسرة وحسب الدخل، وبالنسبة للقطاع الخاص أعلنت وثيقة التوازن وجود خطة لمساعدته لينمو بما يتفق مع الرؤية، والتي تتلخص كالآتي: 1 - تحفيز نمو القطاع الخاص غير النفطي. 2 - زيادة المحتوى المحلي. 3 - تحسين ميزان المدفوعات، لذلك الدعم سيوجه بما يخدم الأهداف الثلاثة السابقة، وهنا أنا سأركز حديثي عن جانب (تنمية الاقتصاد وتحفيزه). لقد أشارت الوثيقة إلى واقع الاقتصاد اليوم وشخصت الاقتصاد بأنه يواجه عددا من التحديات منها تباطؤ النمو في أغلب المرافق والقطاعات مع تراجع ملحوظ لمعدل الاستهلاك الفعلي للفرد بسبب تراجع "القدرة الشرائية"، والأمر نفسه بالنسبة لحالة ميزان المدفوعات بسبب انخفاض الصادرات، كما أشارت الوثيقة إلى وجود قلق حول تخفيض الدعم وفرص العمل وارتفاع الأسعار ما أدى إلى انخفاض ثقة المستهلك وكذلك أشارت الوثيقة إلى ارتفاع البطالة بين السعوديين بسبب انخفاض معدل التوظيف. هذا التشخيص والاعتراف الذي تضمنته الوثيقة بما يواجهه القطاع الخاص والاقتصاد بشكل عام بسبب التغيرات الاقتصادية والتغيرات الضخمة في السياسة المالية السعودية خطوة صحيحة وسليمة ومرجع أساسي للحلول فيما بعد، حيث لا يمكن بناء حلول ما لم يتم الاعتراف بالمشاكل بشكل واضح. إن واقع الاقتصاد اليوم صعب على القطاع الخاص ويعاني تغيرات متعددة وبالذات ما يخص ارتفاع التكاليف وانخفاض الإيرادات وهما أخطر ما في ممارسة الأعمال حيث لا يمكن لشركة أن تستمر وهي لا ترى أن في استطاعتها معالجة هذه المشكلة، لذلك من المتوقع حدوث غربلة في الاقتصاد خلال العامين المقبلين يتم فيها خروج الكثير من المنشآت التي لم تستطع الصمود أو التكيف مع التغيرات وهذا الأمر نشاهده في الاقتصاد مع الدورات الاقتصادية في كل أنحاء العالم، لكن ما يزيد من صعوبة الأمر لدينا هو تداخل عدة عوامل في صنع هذه المشكلة وبالتالي تجعل من المعالجة أمرا صعبا ومعقدا فمثلا يواجه المستثمرون في القطاع الخاص مشكلة أزلية تتعلق بعدم سهولة ممارسة الأعمال وهي مشكلة مذكورة ضمنا في الوثيقة كما تم وضع مستهدف لتحسينها، في الوقت نفسه يواجه القطاع ارتفاع التكاليف من جميع النواحي سواء رفع الدعم أو التكاليف المتعلقة لزيادة إيرادات الدولة وكذلك يواجه ضعفا في الطلب من جهتين ضعف إنفاق المستهلكين وتوقف أو ترشيد ضخم في نفقات الدولة، تزامن وقوع هذه العوامل في وقت واحد في إيجاد ضغط غير مسبوق على الأعمال وبالتالي حدوث إرباك كبير بين المستثمرين، يتطلب سرعة معالجة القطاع الخاص كما أشارت الوثيقة إلى حزمة من المحفزات الاقتصادية على المدى القصير منها إنشاء صندوق لتوفير رأس مال لجذب استثمارات القطاع الخاص، حيث إنه سيعمل على دعم رفع كفاءة الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، ودعم تحويل الصناعات كثيفة الاستخدام للأيدي العاملة إلى التقنية، ودعم للصناعات كثيفة استخدام المياه للمحافظة على ربحيتها. على قدر ما كانت المبادرات في جانب دعم الميزانية واضحة وبالأرقام إلا أن مبادرات تحفيز القطاع الخاص (وإن كانت محددة بـ 200 مليار ريال) لم تتخذ الوضوح نفسه وهو أمر أعتقد أنه يجب إيضاحه وبسرعة حتى يتسنى للمستثمرين فهم الصورة وبالتالي بناء قرار سليم وإعادة الثقة لهم. من جانب آخر، ذكرت الوثيقة تنمية المحتوى المحلي وهو أمر حكيم وموفق إن تم كما هو مخطط له، حيث إن باستطاعة الدولة وبالشراكة الجيدة مع القطاع الخاص تنمية المحتوى وتوطين القطاعات المستهدفة وهو أمر يشكل الحجر الأساس للعمل الحكومي، حيث لا يمكن أن ينجح هذا المشروع دون تنسيق الحكومة بمختلف أجهزتها لإنجاحه. وكذلك ذكرت الوثيقة أن الحكومة تعمل على إجراء تعديلات هيكلية ذات تأثير لتمكين القطاع الخاص من النمو منها: سهولة ممارسة الأعمال، تعزيز الاستثمار المحلي، الاستثمار الأجنبي "جذب المزيد من رأس المال الأجنبي"، رفع كفاءة سوق العمل، إلغاء القيود والضوابط البيروقراطية وأخيرا تحسين تنافسية الشركات السعودية، كل هذه التعديلات جميلة ومبشرة لكن كما ذكرنا في المبادرات التي قبلها ينقصها الوضوح والربط فيما بينها وبين قرارات أخرى تبدو غير منسجمة معها مثل زيادة التكاليف ورفع الدعم التي لا تبدو متسقة مع هدف تعزيز الاستثمار المحلي أو جذب الاستثمارات الأجنبية. إن القطاع الخاص في حاجة ماسة إلى تفاصيل أكبر وبوضوح لا يقبل التأويل حول جميع هذه المبادرات وحزم لتحسين الاقتصاد مدعومة بالأرقام والجهات المشاركة وحجم التأثير في كل قطاع بما يعطي المستثمر صورة واضحة لما سيقدم عليه من استثمار مع تبيان حجم الدعم كما ذكرت الوثيقة. إن المستثمرين يشعرون اليوم جزئيا بعدم الوضوح وكذلك ارتفاع التكاليف التي قد تجعل بعض القطاعات غير مجزية استثماريا رغم كل المحفزات، وهو أمر يوضح توجه الدولة نحو تحويل الاقتصاد والاستثمارات إلى قطاعات تحقق الشروط الآتية: عالية الكفاءة في استخدام الطاقة، منخفضة الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة وذلك بإشراك التقنية بشكل فعال، وحسب الوثيقة، الدولة ستوجه دعما نحو هذا التحول وهذا في حد ذاته موضوع صعب وغير واضح عن حجم الدعم وكيفيته والشروط والالتزامات وما الجهة المسؤولة عنه، حيث إن هذه المبادرة تمس الكثير من المصانع والأعمال التي تعتمد سواء على الطاقة بشكل مكثف أو الأيدي العاملة. ختاما، وثيقة برنامج التوازن حملت تفاصيل جيدة وواضحة حول زيادة إيرادات الدولة ودعم المواطن عبر «حساب المواطن»، وفي المقابل تفاصيل أقل أو حتى رؤوس أقلام في دعم القطاع الخاص رغم أهميته وضخامة حجمه، وعليه أتمنى إصدار توضيح مفصل وبالاجتماع مع القطاع الخاص لوضع تصور واضح لما ستقدمه الدولة من دعم له.