أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Mar-2017

الناخب الجزائري والأزمة الاقتصادية* عدنان كريمة

الحياة-تستعد الجزائر لإجراء انتخابات نيابية في الرابع من أيار (مايو) المقبل، في ظل قلق كبير في أوساط الناخبين على مستوى معيشــتهم التي تتعرض لتداعيات خطة تقشف شديدة بدأت منذ أكثر من سنــتين نتيجة شح الموارد المالية، بعد تراجع أسعار الــنفط وعائــدات الدولة من صادراته، وتراكم العجز المالي للخزينة، وفشل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في تنويع مصادر الدخل على رغم بقائه في الحكم 17 سنة متتالية، ما سيساهم في عزوف عدد كبير من الجزائريين عن المشاركة في الانتخاب، لأنهم لا يرون في «صندوق الاقتراع» أداة تغيير إيجابي لإنقاذ اقتصادهم المتدهور.
 
لقد سبق للحكومة الجزائرية أن أعلنت مع بدء تدهور أسعار النفط، وبالتحديد في آب (اغسطس) 2014، أنها ستطلق خطة استثمارية جديدة مدتها خمس سنوات من 2015 الى 2019، بقيمة 260 بليون دولار لتعزيز الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الدخل بهدف خفض نسبة الاعتماد على إيرادات النفط والغاز والبالغة 95 في المئة. ولكن على رغم أهمية هذه الخطة، فقد تعرقل تنفيذها بسبب صعوبات تمويلها، ما يؤكد أن الجزائر لم تتعلم طوال 31 سنة من «صدمة» انهيار أسعار النفط عام 1986، وما نتج منها من آثار سلبية على الاقتصاد الجزائري، خصوصاً في تدهور المستوى المعيشي وارتفاع نسبة البطالة. حتى أن تلك الصدمة كشفت عن هشاشة وضعف المنظومة الاقتصادية التي أصابتها اختلالات هيكلية سواء في الميزان التجاري أو في ميزان المدفوعات، ووصل حجم التضخم الى 42 في المئة، وكذلك انخفض معدل النمو الاقتصادي في 1986 - 1987 الى واحد في المئة، بعدما كان 3.5 في المئة عام 1985. وساهم كل ذلك في ارتفاع حجم الدَين الى مستويات عالية، وقفزت نسبة خدمة هذا الدَين من الناتج المحلي من 8.27 في المئة عام 1986 الى 21.7 في المئة في 1991، واضطرت الجزائر في ذلك الوقت الى الاقتراض من المؤسسات الدولية.
 
ولكن مع عودة أسعار النفط الى الارتفاع، استفادت الجزائر من عائدات مالية كبيرة، لا سيما في 2008 عندما ارتفع سعر البرميل الى 140 دولاراً، واستطاعت تسديد معظم ديونها التي كانت عام 2000 نحو 21 بليون دولار، وانخفضت تدريجاً حتى أصبحت لا تزيد على 375 مليون دولار بنهاية العام 2013. وبعدما كانت في التسعينات تسعى الى تسوية ديونها مع دول «نادي باريس»، ألغت عام 2010 ديوناً قيمتها نحو 1.6 بليون دولار مستحقة لها لدى دول عربية وأفريقية، ووصلت الى حال من «الغنى والرفاه المالي» مكنتها عام 2012 من الموافقة على الاكتتاب بخمسة بلايين دولار لدعم صندوق النقد الدولي وبفائدة أقل من واحد في المئة. ومع الإشارة الى تعبير رئيسة الصندوق كريستين لاغارد عن امتنانها، فقد تعرضت الحكومة الجزائرية لانتقادات شديدة من الاقتصاديين الذين وجدوا في تلك الخطوة «مثالاً فاقعاً» يعكس خطورة تبذير الاحتياطات النقدية المتراكمة بفضل الاستغلال المفرط للثروات الأحفورية.
 
وعلى هذا المنوال، تعود الأزمة المالية الى الجزائر مع تراجع أسعار النفط الذي أدى الى عجز كبير تراكم في موازنات الأعوام 2015 - 2016 - 2017، وتضمنت موازنة العام الحالي إجراءات تقشف واسعة شملت زيادة في الضرائب والرسوم على العقارات والوقود والتبغ، ورفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 17 في المئة الى 19 في المئة، واستحداث رسم على الأجهزة الكهربائية التي تستهلك الكثير من الطاقة، كما قررت الحكومة تجميد التوظيف في القطاع العام وعدم زيادة الأجور طوال السنوات الثلاث المقبلة.
 
ونظراً الى حاجتها للصرف من الاحتياطات النقدية لدى البنك المركزي لتغطية نفقاتها المتزايدة، خسرت الجزائر 76 بليون دولار، اذ تراجع حجم هذه الاحتياطات من 190 بليون دولار بنهاية 2013 الى 114 بليوناً بنهاية 2016، وهذا التراجع الكبير أقلق المؤسسات الدولية خصوصاً مع ترقب استمرار النزف لتغطية الواردات التي تزيد قيمتها على 50 بليون دولار سنوياً.
 
في ظل تفاقم كل هذه التطورات السلبية، حذرت مجموعة من الخبراء من انهيار الاقتصاد الجزائري مع منتصف العام الحالي، اذا استمرت الحكومة في عدم البحث عن الحلول الناجعة والكفيلة بالنهوض مما اعتبروه «المعضلة الحقيقية» التي ستؤدي بالجزائر الى الاستدانة مجدداً من صندوق النقد الدولي. ومع اعتراف رئيس الحكومة عبدالمالك سلال بأن العام الحالي صعب على الاقتصاد الجزائري، فإن الجزائر قد تتحول الى الاقتراض الخارجي لتمويل بعض المشاريع الضخمة. وأبدى تفاؤلاً بارتفاع ايرادات الجزائر من النفط، من 27.5 بليون دولار عام 2016 الى 35 بليوناً هذه السنة، ثم الى 45 بليون دولار عام 2019.
 
ولكن مقابل هذه النظرة المتفائلة، هناك مؤشرات اقتصادية سلبية على الصعيد الدولي، حيث حلت الجزائر في أسفل ترتيب الدول المغاربية لجهة «مناخ الأعمال والاستثمار لعام 2016» وفقاً لتصنيف مجلة «فوربس» الأميركية، واحتلت الترتيب 131 ضمن قائمة تضم 139 دولة، على رغم أنها دولة منتجة للنفط ومن أهم دول «أوبك»، وهي متخلفة عن كل من تونس (في المرتبة 87) وموريتانيا (125)، واحتلت المغرب وهي غير منتجة للنفط، الصدارة في المنطقة، والمرتبة 51 عالمياً. وأكد تقرير المجلة أن جهود الحكومة الجزائرية لم تثمر بعد في تنويع اقتصادها من خلال تطوير الصناعات غير النفطية، لتقليص العجز المالي ووضع حد للبطالة ولأزمة السكن.