أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Sep-2014

تعرفة الكهرباء وتنافسية الصناعة.. نحو قطاع صناعي ديناميكي
 
 
العرب اليوم - د. جمال الحمصي - ناقش مقال عبد المنعم الزعبي "القطاع الصناعي.. المشكلة ليست في الكهرباء" المنشور في صحيفة "العرب اليوم" بتاريخ 24 آب 2014 التداعيات المتوقعة لرفع التعرفة الكهربائية في الاردن على أداء قطاع رئيسي وواعد هو قطاع الصناعة "يشكل نحو 22 % من الناتج المحلي الاجمالي"، مؤكدا بأن "المشكلة ليست في الكهرباء" وانما في الترخيص الصناعي وغياب الحوافز الضريبية واتفاقيات التجارة الحرة وضعف مخرجات التعليم. المقال نوه بدراسة لصندوق النقد الدولي هونت من التأثير السلبي لرفع أسعار الكهرباء على تنافسية الاقتصاد الاردني بما فيها تنافسية الصناعة "دراسة الصندوق جاءت تحت عنوان "قضايا مختارة" ونشرت في منتصف العام الحالي". الهدف من مقالي هذا هو مراجعة منهجية دراسة الصندوق ونتيجتها العامة مع التركيز على تنافسية قطاع الصناعة وليس الاقتصاد ككل.
منهجية دراسة الصندوق قائمة على عدد من المحاور أبرزها تحديد وزن الطاقة الكهربائية ضمن اجمالي التكاليف التشغيلية للمنشأة من ناحية، وميزة المنشآت الاقتصادية الاردنية في الحصول على مدخل الكهرباء من دون انقطاع من ناحية اخرى. وقد توصل الصندوق بناء على ميزة عدم الانقطاع ومحدودية وزن الكهرباء في تكاليف القطاعات الاقتصادية "أقل من 2 % في معظم الصناعات التحويلية حسب أرقامه" الى ان تأثير رفع تعرفة الطاقة الكهربائية على تنافسية الاقتصاد "بما فيه قطاع الصناعة" من المتوقع ان يكون "محدودا". يمكن نقد تحليل التكاليف المستخدم بأنه تحليل جزئي ومحاسبي صرف يركز على بند واحد هو الكهرباء ويهمل الصورة الكاملة. فهو يتجاهل تداخل القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وتكامل سياسات رفع الأسعار وازالة الدعم، ويفترض "بقاء الأشياء الأخرى على حالها". وبصورة أكثر تفصيلا، فان منهجية دراسة الصندوق تتجاهل التالي: "1″ الأثر التراكمي والتجميعي لارتفاع أسعار الطاقة "الكهرباء والوقود الصناعي" وسياسة ازالة الدعم عموما على التنافسية الصناعية "وهذا يحتاج الى دراسة مستقلة واسعة"، (2) أثر ارتفاع أسعار الطاقة في تكاليف الانتاج الصناعي بمجملها وليس فاتورة الطاقة فقط، أي الأثر في القطاعات والأنشطة الخدمية والسلعية الداعمة للصناعة كالنقل والمواد الخام والعمالة والمياه، و(3) تأثير رفع أسعار الطاقة وازالة الدعم عموما في القدرة الشرائية والطلب المحلي على المنتجات الصناعية الوطنية.
ساركز في هذا المقال على البند الثاني أعلاه لأهميته ولأنه يحتاج الى توضيح. من المعلوم للمختصين في الاقتصاد الصناعي ان فاتورة الكهرباء لا تشكل سوى نسبة محدودة من اجمالي هيكل تكاليف المنشأة الصناعية عموما، وأن البنود الأهم هي المواد الخام والوسيطة وتكاليف الخدمات الوسيطة مجتمعة "كالنقل والايجارات" وتكاليف العمالة. التساؤل المركزي هو: هل حركة هذه البنود الرئيسية في هيكل التكاليف الصناعية مستقلة عن قرارات رفع أسعار الطاقة وسياسة رفع الدعم عموما؟ الاجابة البدهية هي بالنفي كما أراها. لأن الطاقة هي أساس عمل الاقتصاد ككل، ورفع أسعار الطاقة لا ينحصر تأثيره في فاتورة الكهرباء أو الوقود في قطاع الصناعة، بل يؤثر – بدرجات متفاوتة – في أسعار مختلف القطاعات والأنشطة والخدمات المرتبطة بالصناعة. إذن "التأثيرات الديناميكية غير المباشرة" لرفع أسعار الطاقة على تكاليف انتاج مختلف القطاعات المساندة للأنشطة الصناعية يجب عدم تجاهلها رغم صعوبة تقديرها.
وبأخذ نظرة شمولية وتجميعية، وبالاعتماد على نتائج المسوحات الصناعية لدائرة الاحصاءات العامة، ولعوامل متداخلة منها التدابير الحكومية وزيادة الأسعار العالمية في المنشأ وتراجع الاجور الحقيقية، فقد زادت اجور العاملين الاسمية في القطاع الصناعي خلال السنوات 2010-2012 بنسب عالية بلغت في المتوسط 10 % وزاد الاستهلاك الوسيط "نفقات الانتاج السلعية والخدمية" في قطاع الصناعة بمعدل أعلى من ذلك، رغم ان القطاع نما بنسبة تقارب 3 % بالأسعار الثابتة في المتوسط خلال الفترة ذاتها.
هذا الارتفاع الملموس في نفقات الانتاج الصناعي يحتاج الى تفسير مقنع، وبغض النظر عن أسبابه المتداخلة فانه يشكل عبئا على التنافسية الصناعية في الاردن المعتمدة أكثر على التكلفة والأسعار وليس التطوير والابتكار. باختصار، أعتقد أننا بحاجة الى صياغة استراتيجية صناعية متسقة وشمولية جديدة، تنسجم مع الإطار المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للعقد القادم، وتحل محل السياسة الصناعية الوطنية القائمة للفترة 2010-2014، وتهدف الى تحسين بيئة عمل المنشآت الصناعية الجديدة والقائمة، الصغيرة منها والكبيرة، عوضا عن النظرة الجزئية والمنهج المجتزأ في تناول تحديات القطاع الصناعي.