أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Jul-2020

البنوك المركزية وأسعار الفائدة السالبة بعد كورونا

 الراي-د. مروان الزعبي

عندما تفلس السياسة النقدية، تلجأ البنوك المركزية الى أسعار الفائدة السالبة، حدث ذلك لاول مرة في السويد في عام 2009 عندما خفض البنك المركزي سعر فائدة الودائع لديه الى (-0.25%)، وهذا يعني انه عندما تودع البنوك لديه، عليها ان تدفع (0.25%) على ودائعها، وتبع السويد كل من الدنمارك والمانيا واليابان وسويسرا والبنك المركزي الاوروبي الذي خفض سعر الفائدة الى (-0.1%) في عام 2017 وبلغ حجم السندات الحكومية التي تحمل عائد سالب ما قيمته (9.5) تريليون دولار في ذلك العام. وفي نهاية عام 2019 خفض البنك المركزي الاوروبي سعر فائدة الايداع لديه الى (-0.5%)، وفي المانيا فلقد انخفضت أسعار الفائدة الى (-0.31%) في حزيران من عام 2019. أما في الولايات المتحدة، فهناك خلاف على هذه الاستراتيجية، الا أن الفيدرال ريزيرف اقترب من منطقة السالب حيث خفض سعر فائدة الاموال الفيدرالية المستهدف، وهو السعر الاهم، الى ما بين (0-0.25%) في منتصف اذار من عام 2020. ان المكاسب التي حققتها تلك الدول لا تكاد تذكر في مقابل السلبيات التي تعرضت لها وباختصار فلقد كانت سياسة فاشلة. من المعروف ان البنوك المركزية تلجأ لهكذا اجراء لتحفيز الطلب الكلي بهدف مكافحة الركود الاقتصادي. والسؤال المطروح هو لماذا فشلت سياسة الفائدة السلبية؟
 
أولاً: ما تعنيه أسعار الفائدة السالبة ان على المودعين ان يدفعوا كلفة تخزين للبنوك (مثلها مثل أية بضاعة) بدلا من أن يحصلوا على عوائد وان المقترضين سيحصلون على عوائد مقابل اقتراضهم. وهذا عالم معاكس تماما لعالمنا الذي نعرفه لان النظام المالي العالمي مبني على أساس أسعار الفائدة الموجبة لان الاسعار السالبة مخالفة للطبيعة ولأعراف الاستثمار وتزيد من مخاطر الاستثمار.
 
ثانياً: بالنسبة للمودعين، فسوف ينشأ لديهم حافز لسحب ودائعهم هربا من كلفة التخزين ولذلك قد تجد البنوك نفسها مضطرة لرفع أسعار الفائدة لاعادة جلب الودائع الى صناديقها، وهذا بحد ذاته مخالف ومعاكس لأهداف هذه الاستراتيجية.
 
ثالثاً: وفي جانب الاقراض، ستفقد البنوك الحافز على الاقراض لانها لن تحصل على ايرادات وربما تجد نفسها مضطرة لدفع عوائد على هذه القروض.
 
رابعاً: تحتفظ البنوك عادة بمحفظة من القروض معوّمة الفائدة مثل قروض الرهن العقاري، وعندما تصل أسعار الفائدة الى منطقة السالب، ستنخفض ايرادات هذه القروض بعد اعادة تسعيرها، وهذا بحد ذاته يعتبر تهديداّ للجهاز المصرفي.
 
خامساً: ونتيجة لذلك، سينخفض هامش الفائدة وارباح البنوك ولذلك فان سياسة السالب تهدد النظام المصرفي بشكل كامل.
 
سادساً: عندما ينخفض هامش الفائدة، ستلجأ البنوك الى رفع الرسوم والعمولات لتعويض النقص الحاصل في دخل الفوائد وسيكون لذلك اثرا سلبيا على حجم الاقتراض.
 
سابعاً: في مثل هذه الظروف، فان الحكومات سوف تتشجع على زيادة الاقتراض لكن الطلب على السندات سيكون منخفضا لأن أسعار السندات سترتفع بشكل كبير،فكما هو معروف ان العلاقة عكسية بين سعر الفائدة وسعر السند. وهذا ما حصل في المانيا عندما أصدرت 2 مليار يورو من السندات الحكومية في آب 2019 لكنها لم تتمكن من بيع سوى 869 مليون يورو.
 
ثامناً: ستعاني الدول التي تحافظ على اسعار فائدة موجبة لان الاموال ستهرب اليها من دولالفائدة السالبة ولذلك ستبدأ أسعار الفائدة بالانخفاض في دولالفائدة الموجبة. وهذا ما حصل عندما انتقلت الاموال من اوروبا الى امريكا بحثا عن العوائد الموجبة.
 
وفي الخلاصة، صحيح ان انخفاض اسعار الفائدة يشجع على الاقتراض والاستثمار لكن لا ننصح البنوك المركزية في الدول العربية الى اللجوء لهذا الاجراء خصوصاً وان هذه السياسة تهدد النظام المالي وتربك المستثمرين وتزيد من المخاطر المالية بالاضافة الى أنها تعطي نظرة سلبية عن الاوضاع الاقتصادية المستقبلية. يضاف الى ذلك انه يصعب الخروج من هذه المنطقة بمجرد الدخول اليها وان نتائج هذه السياسة لم تكن بالمستوى المتوقع، وهذا ما بينته تجارب الدول التي استخدمت هذه السياسة.