أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Mar-2017

لماذا يلجأ الأردن للصندوق؟* سلامة الدرعاوي
المقر - 
لجوء الأردن إلى صندوق النقد هو الخيار الأخير أمامه لإعادة التعامل مع المجتمع المالي الدولي، فالدائنين يحتاجون إلى كفيل، والصندوق يجسد هذا الدور الخفي مع المانحين.
 
لماذا لجأ الأردن إلى صندوق النقد الدولي وهو يعلم علم اليقين أن جميع برامجه وتوصياته انكماشية وتقشفية على المواطنين وتؤثر سلبا على أمنهم المعيشي؟.
الحقيقة أن لجوء الأردن إلى صندوق النقد الدولي هو أمر قسري فرضته سوء الإدارة الرسمية للاقتصاد الوطني نهاية حقبة الثمانينات، والتي أظهرت الدولة حينها فشلها التام في ضبط الإنفاق الذي تجاوز حد اللامعقول، مما دفع الحكومات إلى اللجوء للاقتراض الخارجي الذي تجاوز حينها ما نسبته ال120 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ثم طرق باب اللجوء للاقتراض الداخلي الذي غطت نسبته حينها كامل الناتج المحلي، ومن ثم لجأت الحكومات إلى الاعتداء المباشر على احتياطات المركزي، وبدأ حينها ما يعرف بطباعة الدنانير التي لم تلبث آثارها إلى أن أدت بسرعة كبيرة إلى انهيار الدينار وفقدانه أكثر من 50 بالمائة من قيمته الحقيقية بين ليلة وضحاها.
هنا كانت البداية في العلاقة القسرية مع صندوق النقد الدولي الذي ذهبت إليه الحكومات الأردنية لمساعدته على استعادة ثقة المجتمع المالي الدولي بالاقتصاد الأردني، الذي بدأت ملامح الانهيار تحيط به من كل جانب، وبدأ الدائنون يحجزون على ممتلكات الأردن الخارجية واتخاذ خطوات مالية احترازية لضمان ديونهم على المملكة التي باتت غير قادرة على الوفاء بتسديد التزاماتها المالية، وكان هذا الأمر تحديدا في نيسان من سنة 1989.
كثرة اللجوء إلى الصندوق كان قرارا حتميا على الأردن الذي لا يستطيع العيش بمعزل عن المجتمع الدولي، وهنا كانت برامج التصحيح الاقتصادي التي امتد العمل بها منذ عام 1989 وحتى سنة 2004 والتي خرج منها بعجز نهائي يبلغ 280 مليون دينار أو ما نسبته 2.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
للأسف؛ الأردن لم يلتزم بمواصلة الإصلاح الاقتصادي وضبط النفقات وإصلاح هيكل المديونية عقب هذا التخرج من الصندوق، وبدأ عقب عام 2008 ظهور بوادر أزمة مالية لها ارتباطات داخلية وخارجية معا، أدت في النهاية إلى تبخر الإصلاحات الاقتصادية السابقة، مقابل نمو غير مسبوق في المديونية التي تجاوزت اليوم ما نسبته ال95 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو بلغة أخرى، فقد نما الدين العام للأردن إلى أكثر من 13 مليار دينار عما كان عليه في عام 2004 وقت تخرجه من الصندوق، وهو ما جعل بوادر أزمة اقتصادية جديدة تهدد استقرار المملكة من جديد.
في عام 2012 لم يكن أمام الحكومة حينها أي خيارات للتعامل مع المجتمع الدولي الذي أحجم عن تقديم المساعدات والمنح للمملكة، ناهيك عن تنامي الأعباء المالية على الأردن بسبب اللجوء السوري وتوقف الصادرات للعراق واستمرار تصاعد العنف في المنطقة وانخفاض دخل الأردن من السياحة والاستثمارات، كلها جعلت الحكومة تفكر باللجوء من جديد إلى صندوق النقد الدولي.
برامج التصحيح مع الصندوق ليست بالبرامج العبقرية أو أنها تملك مواصفات سحرية لإنقاذ الاقتصاد الأردني، ولكن كل ما في الأمر أن برامج الصندوق تمتلك صفة إلزامية في التنفيذ على كافة الحكومات أكثر بكثير من البرامج الوطنية الإصلاحية التي سرعان ما يحتفل بها المسؤولون ثم توضع على الرفوف للذكريات لا أكثر، أما برامج الصندوق فهي تمتلك أنيابا تخيف الحكومات ومجالس النواب معا الذين لا يستطيعون سوى الامتثال الكامل في تنفيذ هذه البرامج حتى ولو كان لها تداعيات على الأمن المعيشي للمواطنين.