جواب الحكومة عن هذا التساؤل كان جاهزاً سلفاً، وهو المساواة بين المواطنين، فليس من العدل أن يدفع تجار هذه المواد في عمان ضرائب ثقيلة يحملونها على المستهلك، في حين يتمتع سكان العقبة والمناطق التنموية بالإعفاءات، ماذا عن تساوي الحقوق والواجبات كما ينص الدستور.

 

لا أحـد يحب أن يشـير إلى عملية التهريب القائمة على قدم وسـاق ليل نهار من العقبة إلى عمان، مما يسبب خسارة إضافية لتجار هذه المواد الذي يدفعون الضرائب.

 

كان أمام الحكومة خياران أولهما ما قامت به وهو إعفاء شامل للمواد الكمالية موضوع البحث بحيث يتساوى الموطنون والمنتجون من حيث الضريبة. وتقف شكاوى التجار والمستوردين في عمان، وثانيهما إلغاء الإعفاءات عن هذه الكماليات دون استثناء بعض المناطق.

 

ماذا عن غير الكماليات مثل إطارات السيارة التي يذهب بها صاحبها إلى العقبة ويعود في نفس اليوم بعد استبدال إطاراتها المهترئة بإطارات جديدة معفاة من الضرائب، مما يوفر عليه عشرات الدنانير.

 

الحكومة اختارت الطريق الأسهل وهو إعفاء الجميع!.

 

في الوقت ذاته، وتطبيقاً لنفس المبدأ تقريباً، خصصت الحكومة عشرات الملايين من الدنانير لدعم المؤسسات الاستهلاكية المدنية والعسكرية، شريطة أن تبيع كل شيء بأسعار السنة الماضية. وفي حين كنا نحاول الخروج من مستنقع الدعم الاستهلاكي للسلع نعود بقوة أكبر لتشجيع الدعم الاستهلاكي، ولو بالمال المقترض.

 

وهنا نلاحظ بأن وزارة التموين كانت قد خرجت من الباب لتدخل اليوم من الشباك، فهي مستورد وبائع وممول. وقد نسينا شعارنا وهو الدعم الشامل فساد شامل.

 

رئيس الحكومة تعهد تلقائياً أنه لن يسعى وراء الشعبوية، أو تبرير المشاكل والصعوبات التي تواجه الحكومة عن طريق ترحيلها إلى المستقبل، ولكن هذه الإجراءات وأمثالها تتناقض مع ذلك.

 

عبقرية النظام الرأسمالي والسوق الحرة تكمن في حرية تفاعل العرض والطلب لتحديد الأسعار والكميات المتبادلة، وإعادة تخصيص الموارد المالية المحدودة لأفضل الاستعمالات وأكثرها جدوى، ونحن ندّعي ان اقتصادنا حر، ولكن مع وقف التنفيذ.

 

تذكروا جيداً هذا الشعار: الدعم الشامل فساد شامل، فسوف نكرره في المستقبل، تماماً كما نكرر أن السلطة المطلقة فساد مطلق.