أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2020

الخروج من فخ كورونا الاقتصادي*جمال الطاهات

 الدستور

الفخ الاقتصادي لكورونا يتمثل بالتداعي المتزامن للعرض والطلب، بفاعلية الكوابح غير المالية. صحيح أن هناك تشابها بين فاعلية كورونا وفاعلية الأزمات الاقتصادية الدورية التي تكبح الطلب، وتقود بدوامة الأثر المتبادل إلى تداعي العرض. ولكن المختلف، هو أن الأزمات الدورية والتي تَعلّم العالم أن يحولها من «تنين إلى حرذون» على حد تعبير الاقتصادي الأمريكي سام ويلسون، عبر تامين (محفزات وقواعد جديدة للأنشطة الاقتصادية لضمان عدم تكرار الأزمات). ولكن أزمة كورونا مختلفة، من حيث إن العامل غير الاقتصادي سبق الأزمة (مثل الزلازل والحروب)، ولكن تأثيرها النموذجي من حيث أنها عطلت وأضعفت سلسلة الطلب، هو شبيه بتأثير الأزمات الاقتصادية ومختلفة عن الفاعلية الاقتصادية للكوارث والحروب التي تكبح العرض وتحفز الطلب. 
 
الحروب والكوارث لها تأثير معاكس (تدمر سلسلة العرض بفاعلية أدوات غير اقتصادية) ولكنها ترفع الطلب لتعبئة الموارد بشكل شامل. المختلف أن كورونا كبحت الطلب (بفاعلية ادوات غير مالية واقتصادية)، وأربكت سلسلة العرض كذلك. تأثيره شامل وزمن تأثيره وفاعليته وقدرته على التطور غير محدد، وهذا مختلف عن (الزلازل والحروب) ذات التأثير المحدود زماناً ومكاناً. ومن غير العقلاني أن يتم الاستجابة لأزمة شاملة طويلة التأثير، وإدارتها بأدوات التعامل مع الأزمات المؤقتة والمحدودة مكانياً. فليس مطلوباً، ومن غير الممكن، العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل مطلع هذا العام.   
 
هذا التكوين غير النمطي لازمة الكورونا، يجدد الأسئلة حول مدى فاعلية الإجراء المتفق عليه بين كينز وخصمه فريدمان، والمتمثل بضخ المال في الأسواق لرفع الطلب. في حالة كورونا الانكماش ناشئ عن سبب غير مالي، وبالتالي ضخ المال بالأسواق عبر القنوات التقليدية (بما فيها خفض الفائدة)، حل ضروري آني لتجنب الأسوأ، ولكنه لن يعيد الامور إلى ما كانت عليه قبل مطلع العام. إذ أن كورونا، كما الحروب والأزمات الدورية، أطلقت بفاعلية الحلول التكنولوجية المتاحة الآن، مخاطر «الخروج السريع» لفئة من اللاعبين من السوق، ودخول لاعبين جدد، ولكن بمعدلات تشغيل وتوظيف مختلفة كلياً، وغير محسوبة. 
 
ولكن ما هو الحل؟ هذا السؤال يمكن أن نجد الإجابة عليه من التجارب الفريدة في التاريخ الاقتصادي، وهي إقدام البنوك على توظيف الفجوة المربحة الناشئة عن التحولات التكنولوجية (التي اكتشفها تشارلز متشل رئيس سيتي بنك في عشرينيات القرن الماضي)، بنموذج استثماري جديد يضمن توسيع السوق بتفعيل التكامل (وليس التوازن) بين الإنتاج والاستهلاك (عبر الطلب الفعال). فالطاقة المالية للبنوك، والتحولات التكنولوجية تقدم فرصة (الفجوة المربحة) المتجددة القابلة للتكرار، في ظل هامش معقول من الحرية الاقتصادية. وحتى تستطيع البنوك ردم الفجوة بين معدلات الادخار ومعدلات الائتمان، لا بد من البحث عن أفق جديد للاستثمار، بمنتجات بنكية جديدة، تعزز معدلات نمو رأس المال، وتحارب البطالة في ذات الوقت، عبر تصورات جديدة لتعبئة وتفعيل موارد وطنية ما تزال بانتظار تشغيلها.   
 
الانطلاق من نمط جديد من التفكير، يبدأ من تمكين البنوك، للقيام بتطوير منتجات بنكية جديدة تعيد تنشيط كل من سلسلتي العرض والطلب بشكل متزامن ومتكامل، مع تحرير متزامن لقطاعات التحفيز المركزية من قبل الحكومة بإنهاء كافة الامتيازات الاحتكارية، هو الذي سيمكن الأردن من احتواء متوسط المدى للأثر الاقتصادي للوباء. فكما انتصرنا إنسانياً بتقليل عدد الإصابات، سننتصر اقتصادياً بتطوير تصور اقتصادي لحل معضلة التداعي  المتزامن للعرض والطلب بفاعلية مؤثر غير مالي.