أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Jul-2018

رحلة الأسواق المالية أكثر جموحا مما تبدو* محمد العريان
فايننشال تايمز -
للوهلة الأولى، لم تحقق الأسواق المالية الأمريكية أي تقدم حتى الآن هذا العام. المستوى الذي وصل إليه مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لا يبتعد كثيرا عن المستوى الذي وصل إليه في نهاية عام 2017.
مع ذلك تلك الرحلة، وما حدث في أسواق أخرى، كانت أبعد ما تكون عن الهدوء. بدلا من ذلك يذكرنا الوضع بشكل أكبر بالفقرة الافتتاحية الواردة في رواية تشارلز ديكنز "قصة مدينتين": "كانت تلك أفضل الأوقات، وكانت أسوأ الأوقات، كان ذلك عصر الحكمة، وكان عصر الحماقة".
هذا التشتت في الأداء هو علامة على التباعد المتزايد، وفي إحدى الحالات، هو علامة على عوامل اللبس في قوى أربع تشكل حجم ومسار العائدات، يمكن إلى حد كبير أن تصبح أكثر وضوحا خلال النصف الثاني من العام.
هذه صورة تشير إلى ارتفاع في قيمة الدولار، واستمرار في تفوق أداء الأسهم الأمريكية، وزيادات عرضية في التقلبات. إنه عالم ينبغي أن يشهد طلبا على الشركات ذات الميزانيات العمومية القوية، والتباين المالي المحدود بين المطلوبات والموجودات، ونماذج الأعمال النشطة، في الوقت الذي يجد فيه مستثمرو المدى الطويل أن الفرص في الأسماء القوية تتعرض لضغط مؤقت ومن دون مبرر. وهي أيضًا بيئة يكون فيها المديرون النشطون في وضع أفضل للتفوق على أساليب الاستثمار السلبية.
إجراء مقارنة بسيطة للعائدات الخاصة بالمؤشرات الأمريكية الرئيسة خلال النصف الأول من العام يوضح ظاهرة التشتت. ففي حين لم يتغير مسار مؤشر ستاندرد آند بورز ومؤشر داو جونز الصناعي على نطاق واسع، ارتفع مؤشر ناسداك أكثر من 9 في المائة. في الوقت نفسه، انخفضت أسهم الأسواق الناشئة الممثلة في مؤشر EEM الذي يُستشهَد به على نطاق واسع بنسبة 9 في المائة، وانهار سعر البيتكوين الذي كان مرتفعا في الماضي، وفقد أكثر من نصف قيمته.
هذا التشتت في العائدات واضح أيضًا في العملات، حيث ارتفع مؤشر الدولار أكثر من 7 في المائة من أدنى مستوى له في شباط (فبراير). ويتناقض هذا بشكل صارخ مع الضعف في الأسواق الناشئة، بما في ذلك الانخفاضات غير المنتظمة في الأرجنتين وتركيا، وفي الصين التي شهدت في حزيران (يونيو) أكبر انخفاض شهري منذ إنشاء سوق صرف العملات لديها عام 1994. في غضون ذلك سجل سعر النفط أعلى مستوى له منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.
السندات الحكومية لم تكن محصنة هي الأخرى. فالعائد على السندات الحكومية الأمريكية لمدة عشر سنوات في حدود بضع نقاط أساس من مستواه في بداية في الربع الثاني، لكن السوق أخذت المستثمرين في جولة أفعوانية. مع ذلك، إحساسهم بالتغيرات والانعطافات غير المتوقعة يتضاءل، مقارنة بما حدث لمالكي سندات الأسواق الناشئة والسندات الإيطالية. هناك أيضا التسطيح المستمر لمنحنى العائد في الولايات المتحدة، الذي يعد خطأ من وجهة نظري، بينما يراه بعضهم بمنزلة إشارة إلى تباطؤ اقتصادي أمريكي كبير.
ثمة أربعة عوامل تساعد في تفسير هذا التشتت:
أولا، العوامل الاقتصادية: بعد أن بدأ العام معتقدا حدوث تسارع متزامن في النمو العالمي، تحول إجماع السوق بشكل صحيح إلى قناعة بوجود تباعد متزايد في الأداء الاقتصادي، وبالتالي تباعد في السياسة النقدية. السبب بسيط: من بين الاقتصادات المتقدمة، الولايات المتحدة هي المستفيد الوحيد بصورة فعلية من السياسات الداعمة للنمو.
ثانيا، السيولة: مع وجود زيادتين أخريين في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، وتقلص ميزانيته العمومية بشكل بطيء، أخذ تيار السيولة العالمية في الانحسار. هذا هو الحال خاصة بالنسبة لأسواق الدولار. وتفاقم تأثير ذلك في الأسواق بسبب إحجام المصارف المركزية ذات الأهمية النظامية عن اللجوء إلى التدخل اللفظي لمواجهة الارتفاع الحاد في معدل التذبذب في أسعار الأصول. إنه اتجاه سيتم تضخيمه إذا تمكن البنك المركزي الأوروبي من إنهاء برنامج شراء السندات هذا العام.
ثالثا، العوامل الفنية: عندما تتراجع السيولة ويزداد تجنب المخاطرة على مستوى العالم، فإن الاختلافات الأساسية في القوة الفنية للأسواق تأتي في المقدمة. وهذا هو الحال على وجه الخصوص بالنسبة للأسواق الناشئة حيث قاعدة المستثمرين المتفانين (والأكثر استقرارًا) صغيرة بالنسبة إلى المضاربين الأكثر تهورًا في فئة الأصول. أضف إلى ذلك التكاثر الأخير في منتجات المؤشرات والنتيجة هي العدوى الفنية التي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات أكثر وضوحا مما تبرره الأساسيات.
رابعا، بيئة التشغيل: القلق المستمر من نشوب حرب تجارية عالمية تفاقم أكثر إثر حديث الولايات المتحدة عن الحد من دخول تدفقات استثمارية أجنبية معينة، وعن عمليات نقل التكنولوجيا. حتى أولئك، وأنا منهم، الذين يعتقدون أن هذا الخطاب هو في نهاية المطاف جزء من عملية تفاوض واتخاذ موقف وأن الأمر سينتهي إلى الحفاظ على التجارة الحرة لكن مع معالجة بعض أوجه القصور فيها مثل سرقة الملكية الفكرية والحواجز غير الجمركية، يقرون بأن خطر حدوث خطأ في السياسة أو وقوع حادث قد ارتفع.
من الصعب رؤية كل هذه العوامل الأربعة – أو في الواقع - أي واحد منها يتبدد في أي وقت قريب. وعلى هذا النحو، سيظل التباعد والتشتت هو النظام اليومي للاقتصاد العالمي وللأسواق العالمية أيضا، إلى جانب نوبات التقلب الحتمية.
*كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز ومؤلف “اللعبة الوحيدة في المدينة”