أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Feb-2020

العمال الغاضبون يهددون بإفشال الانتعاش الصناعي في إثيوبيا

 أ ف ب: ظن زمان زريهون لدى وصوله من مزرعته إلى حواسا في جنوب إثيوبيا أنه حظي بفرصة لتحسين مستواه المعيشي حين حصل على عمل في قطاع النسيج في المجمع الصناعي في المدينة.

لكن بعد بضعة أشهر تخلى الشاب البالغ من العمر 22 عاما عن عمله بعد أن سئم العمل في ظروف مرهقة ثماني ساعات في اليوم ستة أيام في الأسبوع لضمان إنتاجية المصنع لقاء أجر لا يتخطى 31 يورو في الشهر، لا يمكّنه من تأمين معيشة لائقة.
وقال في مقابلة أمس الثلاثاء «يعاملنا المشرفون في المصنع وكأننا حيوانات وينهرونا إذا ما تباطأت سلسلة الإنتاج صائحين: بطيء جدا وكسول جدا»
وأضاف ان المراقبين المشرفين على الانضباط كانوا متشددين إلى حد أنهم يتبعون العمال إلى الحمامات للتثبت من أنهم لا يهدرون وقتا أكثر مما ينبغي.
ويعكس هذا المثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها السلطات الإثيوبية في سعيها لانعاش القطاع الصناعي في البلاد لجعله أقل اعتمادا على الزراعة.
وتقضي الخطة باتباع نموذج الصين ودول آسيوية أخرى، ما يقضي باجتذاب استثمارات أجنبية بفضل يد عاملة متدنية الكلفة وبناء قطاع تصنيع حيوي قادر على تأمين وظائف للشبان.
والواقع أن النشاط في المجمعات الصناعية الـ12 القائمة حاليا ساهم في تأمين عشرات آلاف الوظائف.
لكن بالرغم من نسبة البطالة المرتفعة، يرفض الشبان العمل بأجور زهيدة وفي ظروف بائسة، ويفضل الآلاف منهم تقديم استقالتهم.
وكانت نسبة تبديل الموظفين في حواسا تقارب مئة في المئة في 2017-2018، وفق تقرير أصدره مركز «ستيرن» للعمل وحقوق الإنسان التابع لجامعة نيويورك في مايو/أيار من العام الماضي..
وتابع التقرير أن التكاليف الإضافية المتأتية من التوظيف وتدريب الموظفين الجدد كانت «أعلى بكثير مما تحدثت عنه الحكومة بالأساس».
ويرى رئيس الوزراء أبيي أحمد أن هذه المجمعات الصناعية هي بمثابة محرك للنمو قد يحول دون وقوع اضطرابات قبل الانتخابات المرتقبة في أغسطس/آب المقبل..
وأدركت الحكومة منذ 2014 أن القطاع الزراعي الذي يعتبر مصدر الوظائف الأول في البلاد، لا يمكنه إيجاد وظائف كافية لسكان في تزايد متواصل.
وحسب أرقام البنك الدولي، ينضم مليونا شخص جديد كل سنة إلى سوق العمل في إثيوبيا التي تسجل إحدى نسب النمو الاقتصادي الأسرع في القارة.
لكن بالرغم من الجهود المبذولة، فإن قطاع التصنيع لا يمثل حتى الآن سوى حوالي 10% من النشاط الاقتصادي الإجمالي في البلد.
وفي أبرز مشروع في مجمع حواسا الصناعي افتتح عام 2017، موقع يضم 52 مصنع نسيج أمريكيا وأوروبيا وآسيويا يوظف حوالي 30 ألف عامل يتناوبون ليل نهار على خياطة قمصان قطنية وملابس رياضية.
وكان من المقرر افتتاح 29 مجمعا صناعيا في جميع أنحاء البلد بحلول نهاية العام تنشط في قطاعات مختلفة مثل إنتاج الآلات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وأتت هذه السياسة بثمارها، إذ بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 4.3 مليار دولار (3.9 مليار يورو) عام 2017، ما يفوق بأربعة أضعاف مستواها قبل خمس سنوات.
لكن الأجور المتدنية تبقى محور المشكلة. فعمال حواسا هم عمال النسيج الأدنى أجرا في العالم، ولا يزيد أجرهم الأساسي على 23.4 يورو شهريا حسب مركز «ستيرن».
وليس من النادر كسب مثل هذا المبلغ الزهيد في بلد لم يقر حدا أدنى للأجور، لكن العمال يوضحون أنه بالكاد يمكنهم دفع تكاليف الطعام والتنقل وتسديد إيجاراتهم، حتى لو تقاسموا شققا ضيقة ينامون فيها بالتناوب حسب دوامات عملهم.
وبعد ثمانية أشهر على تقديم استقالته، لم يجد زمان زريهون عملا بعد، لكنه غير نادم، بل يفضل العودة إلى المزرعة العائلية وزراعة الأرض بدل أن يكدح في مصنع كان يأمل أن يساعده على تحسين أوضاعه.
والأمر نفسه ينطبق على مديهانت فيهيني، التي تخلت عن عملها في حواسا.
ولتبرير قرارها ترك العمل قالت في مقابلة «كان عليّ أن أنهض مبكرة جدا وأستقل الباص في الساعة الخامسة والنصف صباحا لأبدأ العمل في الساعة السادسة، وحين كان دوام عملي بعد الظهر، لم أكن أعود إلى البيت قبل الساعة الحادية عشرة ونصف ليلا، وهي ساعة لا تكون فيها النساء بأمان في الخارج».
ويشير توني كاو، المسؤول في شركة «جي بي للنسيج»، إلى أن الانتقال من الزراعة إلى الصناعة صعب على هؤلاء العمال موضحا «إنه فصل جديد في حياتهم».
وحاولت الحكومة إيجاد حلول لمشكلات الموظفين، فمنحت الشركات على سبيل المثال أراضي لإقامة مهاجع بإيجارات مدعومة، على ما وقال أركيبي، الذي يعمل مستشارا خاصا لرئيس الوزراء، والذي يدافع عن الأجور المتدنية معتبرا أنها تشجع الاستثمارات في إثيوبيا «إذا كانت الأجور مرتفعة ولم تأتِ الاستثمارات، لن يكون هناك استحداث وظائف». وأضاف أن «معيشة العمال يمكن أن تتحسن مع تحسن إنتاجيتهم».
وتصب الإجراءات القائمة في مصلحة أصحاب العمل في قطاع النسيج، ويقول راغافندرا باتار، مدير شركة «ناسا غارمنت» في حواسا «إثيوبيا هي مستقبل الملابس».
ولا تتولى أي جهة تمثيل العمال بشكل فعلي في حواسا، باستثناء مجالس العمال التي تعتبر أداة لأصحاب العمل للتحكم بالموظفين.
لكن نائب الرئيس أيالو أحمد أفاد أن اتحاد النقابات الإثيوبية يعتزم البدء بتنظيم العمال مطلع هذه السنة، وقال «سيكون أمرا جيدا إن وافق أصحاب العمل على ضم نقابات في الشركات».
وحذر وزير المالية أيوب تيكالين تولينا بأن الحكومة تؤيد حق العمال في تنظيم صفوفهم طالما أن ذلك لا يثير بلبلة كبيرة.
في هذه الأثناء، يتواصل توافد طالبي العمل إلى حواسا. ويشاهد العشرات منهم يقفون في صفوف انتظار في الصباح للحصول على وظائف.
وفي أحد المصانع، يتوقف تيكلي باراسو بونسا (22 عاما) لثانية عن صبغ خيطان الصوف ليشرح أنه يدخر حتى يتمكن من القيام بدراسات جامعية، وأن الأجر الضئيل الذي يكسبه في المصنع هو أفضل خيار متاح له. ويضيف «لو لم أكن أقوم بذلك، لكنت الآن ماسح أحذية».