أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jul-2020

المعونات الأميركية للأردن: تضاعف في قطاعات.. وتقلص في خدمات المرأة والصحة الإنجابية

 الغد-هاني البرغوثي

 على الرغم من تضاعف المعونة الأميركية إلى الأردن منذ العام 2013، إلا أن التمويل الذي يستهدف خدمات الصحة الإنجابية قد تضاءل إلى النصف. بينما يذهب النصيب الأكبر من الدعم الذي يقدمه المتبرعون مباشرة إلى الحكومة الأردنية وقطاعات أخرى من بينها مثلا المياه والصرف الصحي.
الصحة الإنجابية (التي تشمل مشاريع لتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة والأقليات) كانت في السابق تحصل على نسبة ما، لكنها الآن تقلصت بشكل ملحوظ مؤخرا. وعلى الرغم من تضاعف التمويل الكلي إلى البلاد بين عامي 2013 و2014 واستمراره في الارتفاع إلا أن التمويل لهذا القطاع قد تضاءل إلى النصف ذلك العام ويستمر في التقلص منذ ذلك الحين.
ورغم الجهود الميدانية التي تبذلها الحكومة الأردنية في مجال الصحة الإنجابية، إلا أنه ليس هناك أي تقارير تفيد بارتفاع الإنفاق على الخدمات الإنجابية. ويحقق معد التقرير التالي في آثار ذلك على المواطنين الأردنيين.
انخفاض دعم صحة المرأة والأقليات رغم ارتفاع التمويل
خفض الدعم الخارجي الذي تقدمه الولايات المتحدة في مجال الصحة الإنجابية خاصة فيما يخص الإجهاض كان من أول القرارات التي اتخذها دونالد ترامب فور انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة العام 2017. وتشير البيانات التي تم تحليلها لهذا التقرير إلى انخفاض التمويل الذي يستهدف الخدمات الإنجابية في الأردن منذ عدة أعوام حتى قبل قرار ترامب.
وتظهر البيانات الشاملة التي تقدمها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن الأعوام 2009-2017، والتي تقدم تفصيلًا عن قيمة وأنواع المساعدات التي قدمتها الدول المانحة مثل الولايات المتحدة إلى الدول المستفيدة مثل الأردن، انخفاضا في تمويل نوعين من المشاريع من إجمالي ثلاثة أنواع تتلقى الدعم الأميركي في الأردن.
بشكل إجمالي انخفاض ما يحصل عليه قطاع الصحة الإنجابية من سبعة قروش لكل دينار تقدمه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للأردن في العام 2012 إلى قرش واحد فقط في عام 2014، ثم ارتفع إلى ثلاثة قروش في العام 2017.
كما انخفض التمويل في مجال الصحة الإنجابية في الأردن حتى قبل تولي الإدارة الحالية السلطة يتناقض مع الاتجاه العالمي لزيادة التمويل في هذا المجال بتخصيص 15 سنتا أميركيًا عن كل دولار من المعونة الأميركية العام 2009، مقابل 18 سنتا العام 2017 لدعم الصحة الإنجابية، فيما ينتظر أن تبدأ آثار قرار ترامب في الظهور في بيانات العام 2018. ، حال اكتمال تحليلها.
 
 
 
وعلى الرغم من تمويل عدد من الدول برامج الصحة الإنجابية في الأردن بنفس الفترة الزمنية إلا أن الولايات المتحدة تبقى الممول الأكبر لهذا القطاع فقد ساهمت بأكثر من 90 % من التمويل كل عام من 2009 إلى 2017، علاوة على كونها الدولة الوحيدة التي تمول مشاريع في هذا القطاع كل عام بشكل مستمر. الاستدامة ضرورية للبرامج المتعلقة بالصحة حيث تتطلب معظم الخدمات المتابعة على مدار عدة سنوات لضمان فعالية البرامج، حيث يتعلم المستفيدون من هذه الخدمات ممارسات عائلية وإنجابية وجنسية صحية ويعملون على المحافظة عليها.
تلقت قطاعات تنظيم الأسرة والرعاية الصحة الإنجابية ومكافحة الأمراض المنقولة جنسيًا 43 مليون دولار العام 2012 الذي يعد العام الأفضل من حيث التمويل. وتتبنى البرامج في هذه القطاعات أساليب مختلفة تهدف إلى تحسين صحة المرأة والطفل والأقليات.
وفي العام 2014 الذي شهد أكبر انخفاض في الدعم، وصولًا إلى 2017، العام الذي حصلت فيه القطاعات على تمويل كلي يبلغ 24 مليون دولار، كانت أكثر أنواع المشاريع تضررًا تلك التي تتعلق بقطاع تنظيم الأسرة الذي يكفل الرعاية الصحية للأم والطفل أثناء الحمل وعند الولادة.
صحة الأم والطفل الأكثر تضررا
بالرغم من تقلص التمويل تعرض الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قصة بسمة كقصة نجاح، تعمل بسمة قابلة في محافظة الطفيلة. وتتمكن بسمة بفضل التمويل الأميركي في الصحة الإنجابية من توعية مرضاها بشأن وسائل منع الحمل، وتعرف الحوامل بالمعلومات الضرورية للحفاظ على حملهن وولادة أطفالهن وتقدم لهن النصائح المتعلقة برعاية الطفل وتغذيته. كما أصبحت بسمة الآن قادرة على تركيب أكثر وسائل منع الحمل شيوعًا في الأردن، وهي اللولب، بفضل مشروع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وبهذا استطاعت بسمة تمكين النساء من الوصول إلى وسائل منع الحمل وتقليل النفقات والوقت اللازمين للتنقل.
تهدف المشاريع التي تندرج تحت هذه الفئة بشكل عام إلى توفير النفقات واستخدام الإجراءات/التدخلات التي أثبتت فاعليتها في إنقاذ الحياة، والتي تتصدى للمسببات الرئيسة لوفيات الأمهات والأطفال، وتعمل على تحسين وضعهم الصحي وحالتهم الغذائية”. منفذو هذه المشاريع هم جهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني. الجدير بالذكر أنه لا تتوفر بيانات حديثة حول معدل وفيات الأمهات وأسبابها لذلك من الصعب تقييم تأثير هذا الانخفاض في التمويل.
الدعم مع ازدياد الحاجة إلى وسائل منع الحمل
العناية بالصحة الإنجابية هي المشاريع الوحيدة التي تلقت تمويلًا أكبر في العام 2017 من نظيره العام 2013. وطبقًا لمسح حكومي رسمي أجري العام 2017 ، فإن واحدة من كل سبع سيدات متزوجات في حاجة ماسة إلى تنظيم الأسرة من حيث زيادة المدة الزمنية بين الولادة والأخرى أو تحديد النسل ومع ذلك لا يستخدمن وسائل منع الحمل. وبشكل عام استخدام وسائل منع الحمل في الأردن في انخفاض. نصف السيدات اللاتي يستخدمن وسائل منع الحمل الحديثة يحصلن عليها من خلال المؤسسات الصحية الحكومية.
ناضل مقدمو الخدمات الصحية المتعلقة بمكافحة الأمراض المنقولة جنسيًا من أجل نشر الوعي وتوفير الخدمات. ومع ذلك، لايزال قطاع مكافحة الأمراض المنقولة جنسيا يتلقى تمويلًا زهيدا يتذبذب على مدار السنوات. شخص واحد فقط من كل ثلاثة أشخاص (قد يكون العدد أقل في حالة البالغين الأصغر سنًا) قد سمع عن الأمراض المنقولة جنسيًا عدا متلازمة نقص المناعة المكتسبة، وذلك بالرغم من أن معدل الإبلاغ عن العدوى من المصابين أنفسهم يبلغ 1 لكل 10 مصابين طبقًا للمسح الحكومي، وكذلك فإن المعرفة الشاملة بمرض نقص المناعة المكتسبة منخفضة أيضًا.
تقدم منظمة سواعد التغيير خدمات متعلقة بالصحة الإنجابية خاصة تلك التي ترتبط بمكافحة الأمراض المنقولة جنسيًا، وقد تمكنت المنظمة من التجاوب مع احتياجات صحية ومجتمعية وبيئية منذ إنشائها في 2012 طبقًا لما أكده مدير المنظمة عبدالله حناطلة.
وتستهدف المنظمة الفئات المُهمشة من النساء والأطفال والشباب وأفراد مجتمع الميم. وتوفر خدمات متعلقة بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة/الإيدز، وتعاطي المخدرات، والعنف القائم على الجنس. وتشمل هذه الخدمات إجراء الفحص السريع لفيروس نقص المناعة المكتسبة وغيرها من الأمراض المنقولة جنسيًا، تقديم الدعم النفسي والمادي أحيانًا، خاصًة للناجيات والناجين من العنف القائم على الجنس وأفراد مجتمع الميم، بالإضافة إلى تقديم الخدمات القانونية من الخبراء المتطوعين وتوفير شبكة يُمكن إحالة الحالات إليها، وغيرها.
تلقت المنظمة العام 2015 تمويلًا لبرنامج مدته عام واحد (مُدد لاحقًا لعامين) من منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360 (أحد شركاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) ويهدف التمويل في الأساس لدعم الأنشطة المتعلقة بمرض نقص المناعة المكتسبة/الإيدز وكذلك دعم الفئات الأكثر عرضة للإصابة. قدمت منظمة سواعد التغيير خدمات متعددة منذ إنشائها لمساعدة ما يقرب من 1500 شخص سنويًا من المجموعات الأكثر عرضة للإصابة. وتشمل الخدمات نشر الوعي في هذا المجال، تقديم الاستشارات والفحوصات السريعة ومتابعة الحالات. كما تتضمن هذه الخدمات توزيع الأدوات التعليمية ووسائل الحماية من الأمراض المنقولة جنسيًا. وتقدم أيضًا إحالات إلى جهات توفر خدمات لا تستطيع سواعد التغيير توفيرها ومنها مثلا حالات ظهور النتيجة إيجابية عند إجراء الفحص للكشف عن الأمراض المنقولة جنسيًا أو عند ظهور أعراض المرض.
تقول أمينة الصندوق الخاص بالمنظمة سحر شمايلة “يُعد هذا المشروع محاولتنا الوحيدة والناجحة في الحصول على تمويل. فمنذ ذلك الحين لم يُعلن عن أي مشاريع جديدة تتعلق بالصحة الإنجابية فقد كان هناك صمت مطبق من منظمة صحة الأسرة الدولية”.
وكانت منظمة أخرى مشابهة لمنظمة سواعد التغيير في مدينة الزرقاء أغلقت أبوابها سابقًا هذا العام بسبب توقف التمويل. كما أكدت منظمات أخرى قلة فرص التمويل.
حاليًا، تتلقى منظمة سواعد التغيير تمويلًا من المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، وحول ذلك أوضح حناطلة (مدير المنظمة) أنها على اتصال مباشر بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية ويتطلعون إلى مشاريع مستدامة وطويلة الأمد. وأشار إلى أن هناك بعض الاستجابة لكن لم يصل شيئا حتى الآن.
مساعٍ حكومية لسد ثغرات خدمات الصحة الإنجابية
لم يتمكن معد التقرير من التواصل مع وزارة الصحة. ولكن طبقًا لمصادر متعددة اتخذت الوزارة بعض الخطوات لتقديم بعض الخدمات التي كانت تقدمها سابقًا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
يقول حناطلة “تقدم الحكومة عن طريق وزارة الصحة خدمات فعالة للصحة الإنجابية من خلال مئات المراكز الصحية عبر المملكة. ومع ذلك تُعد العملية برمتها ضعيفة في ظل قلة خدمات التوعية التي تعتمد على التمويل المحلي بالتزامن مع تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وصندوق الأمم المتحدة للسكان. وتتضمن خدمات التوعية بين حين وآخر الإعلانات التليفزيونية المعتادة والحملات الدعائية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد من جهود نشر التوعية.”
وعندما يتعلق الأمر بفيروس العوز المناعي البشري والخدمات المقدمة من وزارة الصحة، فإنه “لا يوجد فعليًا أي نوع من التوعية كما أن البيئة المحيطة لا تشجع أي شخص على إجراء الفحوصات اللازمة أو تلقي العلاج المناسب على الرغم من توفر العلاج المجاني للأردنيين”.
ويصعب تحديد معدل الإصابة الجديدة بفيروس العوز المناعي البشري (HIV). وفي ذلك يقول حناطلة “لا يعد فيروس العوز المناعي البشري والأمراض المنقولة جنسيًا من الأولويات، كما نعتقد أن هناك فارقا كبيرا بين الأعداد الفعلية للمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة والأعداد المُسجلة رسميًا، التي تُقدر بـ100 شخص. ولا تتوفر أي بيانات متعلقة بالأمراض الأخرى المنقولة جنسيًا”، وطبقًا لدراسة أجرتها منظمة الهجرة الدولية فإن معدلات المسح ضئيلة للغاية وتنحصر في الفئات الأكثر عرضة للإصابة.
استمرار فجوة تمويل
الفئات المهمشة
تقول المنظمات غير الربحية إن هناك فجوة مستمرة في تمويل قطاع مكافحة الأمراض المنقولة جنسيًا للفئات المهمشة، وخصوصا للاحتياجات التي لا تغطيها الخدمات الحكومية.
وتسعى منظمة سواعد التغيير، بحسب القائمين عليها، إلى سد الثغرات التي لا تحظى بالدعم الرسمي، خاصة الفئات التي تستهدفها المنظمة، وهي مجتمع الميم ومتعاطي المخدرات عن طريق الحقن. واستطاعت المنظمة، وفقا لمديرها، أثناء تنفيذ مشروع منظمة الصحة الدولية توفير خدمات إجراء الفحص السريع وتقديم خدمات النصح والإرشاد لأكثر من 2500.
وعند سؤاله عن المأوى الممكن توفيره لضحايا العنف المنزلي والمشردين المنتمين إلى الفئات المستهدفة، أجاب حناطلة بأنهم “يقدمون مساعدة مادية مباشرة أحيانا إلى هؤلاء ليتمكنوا من الاقامة في سكن ليوم أو يومين. بالطبع توفير سكن دائم لهؤلاء أفضل بكثير على المدى الطويل ولكن التمويل ببساطة غير متوفر.”
كما تعطي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أولوية للقطاعات الأخرى.
وفي إطار تقديم المساعدة إلى الأردن حصلت القطاعات الأخرى على تمويل أفضل بمعدل ثابت منذ 2011، إذ تتلقى المشاريع الخاصة بتحسين البنية التحتية للمياه والطاقة وكذلك خدمات الطوارئ دعم أكبر، ولكنه ضئيل إذا ما قورن بما تحصل عليه الحكومة من دعم مباشر للميزانية والمدرج ضمن مؤسسات “الحكومة والمجتمع المدني” التي تلقت في العام 2017 أكثر من 30 ضعف التمويل الذي تلقته في العام 2011.
ولم ترد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الصحة على الرسائل المتكررة على البريد الإلكتروني ولا على المكالمات الهاتفية للتعليق على ما جاء بالتقرير أو توضيح بعض النقاط.