أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2019

تكلفة «المشاريع الصغيرة» - لما جمال العبسه

 

الدستور - مبادرة ملكية سامية لانقاذ الغارمات من غياهب السجن وسوء العاقبة، وكل الذنب الرغبة في توفير لقمة عيش لهن ولأسرهن، بادرت بها قيادة الدولة لتجد الجميع دون استثناء ملبين للنداء ومحققين لمفهوم التكافل الاجتماعي ثقة مطلقة بسيد البلاد، ولكن من اكثر ما يلفت النظر عدم تبرع الحكومة والبنك المركزي باجراءات لتخفيف المبالغ المطالبة بها هؤلاء السيدات.
مشكلة الغارمات قديمة، لم يلتفت اليها المسؤولون بجدية منذ سنوات الى ان تقدم جلالة الملك بهذه المبادرة، لكن السؤال المطروح هل ستبقى الحلول رهينة لمبادرات؟ ام هل سنصل الى مرحلة اعادة النظر والبحث في اسباب هذه المشكلات التي تبدأ صغيرة  لتتفاقم لحد عدم السيطرة عليها او ان تصبح مشكلة اجتماعية لا حل فوريا لها؟.
الغارمون والغارمات هم ارباب اسر ضاقت بهم السبل لتوفير حياة كريمة من خلال الخروج بمشروع صغير، ونظرا لحاجتهم الى المال اقترضوا من الجهات التمويلية بفوائد عالية جدا مقارنة مع المردود المالي من هذا المشروع الصغير، ناهيك عن شروط التمويل الصعبة، ليصل الامر بهم الى التعثر عن السداد وصولا الى مرحلة الغُرم، التي اودت بالعديد منهم وكثير من السيدات الى السجن تاركين وراءهم أسرا بلا معيل، لتتفاقم معها مشكلة الفقر التي نشأت عن البطالة ولنعود مرة اخرى الى ذات الدائرة وليس لنا خروج  منها.
ان المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر تعد ضمن منظومات التنمية العالمية احد ابرز العوامل المؤثرة في اقتصادات الدول واكثرها نجاعة وأضمنها سدادا، كما ان لها الدور الابرز في عملية التنمية المجتمعية، نظرا لان المقترضين في اغلب الاحيان عاطلين عن العمل او فقراء بحاجة الى دخول اضافية ترتقي بمستوى معيشتهم، وان الجهات الحكومية على رأسها البنك المركزي يعد من اهم الداعين لتنشيط ودعم مثل هذه المشاريع، فيما ترك المجال مفتوحا امام مقدمي القروض لتحديد سقوف الفائدة، وهنا مربط الفرس، فهذه المعدلات تعتبر مرتفعة عالميا، خاصة وان تمويل مثل هذه المشاريع يأتي في اطار الدعم المجتمعي، ما يعني فوائد بسيطة وقروض بشروط ميسرة لضمان استمرار المشروع.
ان ترك الباب مفتوحا على مصراعيه للمقرضين كي يتحكموا بالمقترض باسعار فائدة مرتفعة جدا وشروط سداد قاسية لمبالغ تتراوح ما بين 300 الى 5 ألاف دينار بالحد الاعلى، اوصلتنا اليوم الى عدد غير قليل من هؤلاء النسوة اللاتي يتجرعن مرارة السجن بعيدات عن اطفالهن واسرهن لذنب هو البحث عن لقمة عيش في ظل ظروف قاسية وقرارات حكومية لا ترحم ولا ترى انها ستزيد من نسبة الفقر والعوز، كي يضعن رقابهن طوعا تحت مقصلة الدين وفوائدها.
 الفقر هو اساس كل مشكلة ...وعدم الادارة الحصيفة لادوات تجاوز الفقراء لوضعهم ولو بالحد الادنى من خلال اجراءات سليمة تراعي احتياجات الناس نتيجتها وخيمة.