أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2018

ألمانيا تعاني لتحاشي سهام ترمب ونزوته الحمائية

فايننشال تايمز -

 
عندما أعلن البيت الأبيض في الأسبوع الماضي عن تحقيق حول تأثير واردات السيارات في الأمن القومي، ممهدا بذلك الطريق لفرض رسوم جمركية جديدة على السيارات الألمانية، رد وزير الخارجية الألماني مرتابا بنكتة لم تلق قبولا حسنا.
قال هايكو ماس لنظيره الأمريكي مايك بومبيو إن فكرة أن سيارات "أودي" و"مرسيدس" و"بي إم دبليو" تعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر هي فكرة غير معقولة "بل على العكس من ذلك، السيارات الألمانية تجعل شوارع أمريكا أكثر أمانا".
لكن بومبيو لم يضحك. ويعكس تعليق ماس مدى حيرة ألمانيا بشأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي أثار تساؤلات حول الحلف الأطلسي الذي يشكل حجر الأساس لسياسة برلين الخارجية بعد الحرب العالمية. ولا يبدو أن أحدا في برلين يعرف كيف يرد.
كان التهديد بشأن السيارات هو الأحدث في سلسلة من الضربات واللكمات التي تحملتها ألمانيا. وقوبل رفض ترمب للاتفاق النووي الإيراني وقراره بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس بالذعر في برلين. وقد يزداد الوضع سوءًا هذا الأسبوع إذا فشل الاتحاد الأوروبي في ضمان استثناؤه من التعرفة الجمركية التي حددها ترمب للفولاذ والألومنيوم.
لم يتم توجيه هذه الإجراءات إلى ألمانيا فقط، لكنها تلقت انتقادات ترمب أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي - على كل شيء، ابتداء من فائضها التجاري الضخم مع الولايات المتحدة وسياستها الليبرالية الخاصة باللاجئين وصولا إلى فشلها في الوفاء بأهداف الإنفاق الدفاعي الخاصة بحلف الناتو. وتأتي ألمانيا في المرتبة الثانية، بعد الصين، فيما تخسره من إجراءات الولايات المتحدة الحمائية الخاصة بالتجارة.
وأقرت المستشارة أنجيلا ميركل بالتحدي الاستراتيجي الذي يطرحه ترمب، قائلة إن أوروبا لم تعد قادرة على الاعتماد بشكل كامل على الولايات المتحدة، ويجب عليها أن تتحمل مزيدا من مسؤولية الدفاع عن نفسها وأن "تحدد مصيرها بيديها".
لكنها لم تستطع أن توضح رؤيتها بسهولة. ولا تزال ألمانيا تعتمد على الضمانات الأمنية لواشنطن، ولديها خيار محدود من الشركاء الدوليين الآخرين، وتشعر بالقلق من تطوير ذلك النوع من القوة الصلبة التي عززت مكانة أمريكا في العالم.
ولاحظ ثورستن بينر، رئيس المعهد العالمي للسياسات العامة في برلين، أن المستشارة تتجنب عمدا الخوض في مناقشة تحدد الآثار المترتبة على سياسات ترمب بالنسبة لألمانيا.
قال: "يجب أن تقود النقاش، لكن يبدو أنها تتجنب ذلك. يبدو الأمر كما لو أنها لا تريد إنفاق أي رأسمال سياسي في هذه القضية".
عوضا عن ذلك، عند تواصلها مع البيت الأبيض، تبنت نبرة يرى بعض النقاد أنها استرضائية. فبعد تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية على الصلب، كانت ألمانيا أكثر تصالحية من بعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، إذ دعت إلى إجراء محادثات تجارية مع الولايات المتحدة لتخفيض الرسوم الجمركية عبر مجموعة واسعة من المنتجات، خاصة في مجال الصناعة التحويلية.
إذا كان الغرض من ذلك تليين موقف ترمب، فإن الخطة قد فشلت. وستكون الرسوم التي يمكن أن تنتج عن التحقيق في واردات السيارات التي أعلن عنها الأسبوع الماضي مؤلمة بشكل خاص لألمانيا، ويمكن أن تكلف البلاد خمسة مليارات يورو - أي 0.16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لمعهد إيفو ifo للبحوث الاقتصادية.
وحث بعضهم ميركل على وضع القفازات وقيادة هجوم مضاد أوروبي مشترك. لقد "حان الوقت لأوروبا للانضمام إلى المقاومة"، كما جاء في عنوان مقال افتتاحي في مجلة "دير شبيجل".
وبالفعل، شدد عدد من المسؤولين الألمان على الحاجة إلى الوحدة والتضامن في رد الاتحاد الأوروبي على ترمب. وقال يورجن هارت، المتحدث باسم السياسة الخارجية في كتلة ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي تقود ميركل: "بشأن كل هذه الأسئلة - الرسوم الجمركية، وإيران، والسياسة الحمائية - يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتحدث بصوت واحد".
ولهذا السبب كان من المهم تعزيز الاتحاد الأوروبي، كما قال هارت، من خلال زيادة التعاون الدفاعي والأمني، مثلا.
لكن تم إضعاف الكتلة بسبب عدم الاستقرار السياسي في إيطاليا. وسيخيب أمل كل شخص ظن أن انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا العام الماضي سيكون المحرك الفرنسي ـ الألماني لتكامل أوروبي أوثق، وبالتالي تعزيز الاتحاد الأوروبي في مواجهة الولايات المتحدة. ولا يزال رد برلين على اقتراحات ماكرون الطموحة لإصلاح الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو فاترا.
دانييلا شوارزر، مديرة المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، قالت إن هذا الأمر "فتح مجالا يشغله الآن منتقدو ماكرون" مثل المناهضين للتكامل الأوروبي، والحزب الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا". وأضافت: "أضاعت ألمانيا فرصة إعادة صياغة الدور القيادي الإيجابي للاتحاد الأوروبي".
وبخلاف أوروبا، فإن خيارات ألمانيا محدودة. ويعتقد بعض الخبراء أنها يجب أن تعمل بشكل قريب مع البلدان متوسطة الحجم ذات التفكير المماثل كالهند واليابان وكندا والمكسيك والبرازيل، التي تدعم هي كذلك التجارة الحرة والمؤسسات متعددة الأطراف التي تتعرض للهجوم من ترمب.
وقال أولريتش سبيك، وهو زميل زائر أول في صندوق مارشال الألماني: "إذا استطاعت ألمانيا أن توجد (...) كتلة حاسمة لصالح النظام الليبرالي الدولي، يمكن أن تحدث فرقا، فنحن بحاجة إلى ذلك (...) إلى زيادة وزننا".
لكن آخرين يساورهم الشك. قالت شوارتزر "الولايات المتحدة هي الضامنة للنظام بعد الحرب، ولا يمكنك تعويض ذلك من خلال التحدث إلى الكنديين واليابانيين".
في الوقت نفسه، استطلاعات الرأي لا تشير إلى أن الشعب الألماني يدعم زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري من النوع الذي يمنح ألمانيا مزيدا من "الاستقلال الذاتي الاستراتيجي" الذي طالب به بعضهم في برلين. وقال سبيك: "الواقع هو أننا سنواصل الاعتماد على الولايات المتحدة من أجل أمننا. مثلا، لا يمكن تصور أن يكون لدى ألمانيا رادع نووي خاص بها".
ولا يزال بعضهم متفائلا بأن ترمب سيعترف بالضرر الذي أحدثته سياسة "أمريكا أولا" وسيصلح العلاقات مع أقرب حلفائه، بما في ذلك ألمانيا.
قال هارت: "لو انفصلت أوروبا ستدرك أمريكا مدى عزلتها سياسيا. وأشك أن هذا في مصلحة الولايات المتحدة. ترمب يريد أن يجعل أمريكا أقوى، وليس أضعف".
لكن سبك قال إن ألمانيا ربما لا تملك سوى خيارات قليلة بخلاف الاستمرار في تهدئة الأمريكيين، ما يعني عمليا دفع ثمن أعلى لعلاقتها مع الولايات المتحدة أكثر مما كانت تفعل في الماضي. وقال: "تستطيع أن تسميه تخبطا".