أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Oct-2014

الرؤية المستقبلية للتحفيز الصيني
 
زانج يون
شنغهاي-الغد-  بدأت الجلسة الأولى لمجلس الشعب الصيني الثاني عشر في آذار (مارس) من العام الماضي بقيام رئيس الوزراء آنذاك وين جياباو بتقديم تقريره العاشر والاخير عن عمل الحكومة وعندما انتهى صفق الثلاثة آلاف مندوب الحاضرون بحرارة وهذا بالتأكيد لم يكن ردة فعل على مجرد تقرير بل كان تعبيرا عن الثناء والاحترام لانجازاته كرئيس للحكومة الصينية.
لكن منذ ذلك الحين فإن تقييمات قيادة وين- وخاصة ادارته للاقتصاد- تباينت بشكل كبير، فبينما يصر مؤيدو وين على انه أيد في الاساس التحول باتجاه الديمقراطية واقتصاد السوق بالنسبة للصين، تعرض وين للنقد الشديد من منتقديه بسبب فشله في الوفاء بوعوده المتعلقة بالاصلاح السياسي والاقتصادي، وبينما يقوم خليفة وين لي كيكيانج بمحاولة توجيه الاصلاحات المنهجية العميقة فإن فهم قرارات وين المتعلقة بالسياسات اصبحت من الامور المهمة للغاية.
ان أكثر السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل والتي قام بها وين هي حزمة التحفيز والبالغة 4 تريليون يوان صيني ( 586 بليون دولار أميركي )، بالرغم من نجاح السياسة في تدعيم النمو الاقتصادي الصيني فلقد تم انتقادها على نطاق واسع كردة فعل مبالغ فيها مما أدى الى توسع مالي زائد عن الحد.
وبالفعل، فإن الزيادة في القروض البنكية تسببت في زيادة مؤشر م 2 للصين (مؤشر عريض لقياس عرض النقد) من 150 % من الناتج المحلي الاجمالي سنة 2008 الى حوالي 200 % أو أكثر من 100 تريليون يوان صيني اليوم.
ان الضخ الهائل للسيولة في الاقتصاد الصيني ساهم في ارتفاع الدين وخاصة لدى الحكومات المحلية والشركات مما زاد من الفقاعات العقارية وأدى الى زيادة في الطاقة الانتاجية الفائضة.
لقد كانت حكومة لي تحاول خلال الثمانية عشر شهرا الماضية التعامل مع تلك التحديات عن طريق اصلاح الهيكل الصناعي وتخفيض الطاقة الانتاجية الفائضة وتقييد الاقراض واحتواء قطاع الظل المصرفي بالاضافة الى الحد من الاستثمار العقاري ولقد حققت بعض النجاح على حساب النمو الاقتصادي وبالرغم من ان المعدل الحالي وهو 7 % معدل مريح ، الا انه أقل بكثير من المعدلات التي زادت عن عشرة بالمائة والتي كانت سائدة قبل 2008. 
اذا اخذنا بعين الاعتبار الحاجة لمزيد من اعادة الهيكلة الاقتصادية ونظرا للتوجهات الديمغرافية طويلة المدى والتي سوف تقلل من عرض العمالة فإن من غير المرجح استعادة معدلات ما قبل سنة 2008 وهذا شيء طيب بالنسبة للي والذي يقر بإن التحول الهيكلي والتطور الصناعي -وليس نموذج النمو القائم على الائتمان وغير القابل للاستدامة- هي مفتاح تحقيق مرتبة الدخل المرتفع.
لكن عند تقييم التحفيز الذي قام به وين سوف نجد انه أكبر من كونه مجرد توازن بين النمو والاصلاح. لقد ساعدت تلك السياسة كذلك على توسيع التجارة الخارجية للصين وتعزيز نموها المالي الخارجي ( مع وضع قوي لميزان المدفوعات واحتياطات دولية كبيرة وعملة مستقرة) ما يعني خلق مساحة للي من اجل تنفيذ جدول الاصلاح الطموح الخاص به.
في الوقت نفسه فإن الازمة المالية العالمية قد ادت الى حدوث تحول في السعر النسبي للأصول حول العالم وبينما وقعت الدول المتقدمة في أزمات الديون مع تناقص قيمة الاصول وتناقص أسعار الصرف زادت القوه الشرائية العالمية للصين وهذا الى جانب تحفيز وين أدى الى تعزيز قدرات الصين الاستثمارية والتمويلية بشكل كبير.
ان دول مثل نيوزيلندا وبيرو والتي كانت غير قادرة على الاعتماد على الدول المتقدمة فيما يتعلق بالطلب الخاص بالتصدير وقعت اتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة مع الصين وكذلك عندما قامت الدول المتقدمة بتخفيض استثماراتها الاجنبية تدخلت الصين من اجل ضخ رؤوس اموال في الاقتصاد العالمي والتي كان في أمس الحاجة اليها.
في واقع الأمر فإن العديد من البلدان بدأت في السعي لعلاقات ثنائية افضل مع الصين من اجل القدرة على الوصول الى رؤوس اموالها فعلى سبيل المثال واجهت جامايكا سنة 2009 هبوطا بالعمله وارتفاع شديد في معدلات البطالة بالاضافة الى زيادة كبيرة في مخاطر القطاع المصرفي بسبب الانكشاف على الدين الحكومي وعندما رفض حلفاؤها التقليديون أي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة نداءات المساعدة تحولت الى الصين والتي قامت بتوفير 138 مليون دولار أميركي على شكل قروض من اجل دعم الاقتصاد.
بحلول العام القادم من المرجح ان يصل الاستثمار الخارجي الصيني الى أكثر من 100 بليون دولار أميركي سنويا مما يعني انها تقترب من تحقيق تساوي مع التدفقات اليها ولن يمضي وقت طويل حتى تشهد الصين تحول تاريخي من دولة مصدرة لصافي البضائع الى دولة مصدرة لصافي رأس المال.
كما ان نشاطات الصين التمويلية الخارجية لا تنتهي هناك فلقد قامت الصين كذلك سنة 2009-2010 بالاستثمار بشكل مكثف في صندوق النقد الدولي حيث أعلن بنك الشعب الصيني سنة 2009 انه سوف يشتري حوالي 32 بليونا من حقوق السحب الخاصة ( شبه عملة بالنسبة لصندوق النقد الدولي) أي ما يعادل حوالي 50 بليون دولار أميركي وخلال الفترة نفسها قامت الصين بالتوقيع على اتفاقيات ثنائية متعددة لتبادل العملات وقامت بعرض قروض البوليصة والمساعدة الخاصة وساهمت في صناديق الاستثمار الاقليمية.
ان ارتباط الصين بالعالم النامي سوف يستمر في الزيادة خلال السنوات القادمة ولقد ناقش مجلس الشعب الصيني استخدام جزء من احتياطات العملات الاجنبية الصيني لتمويل مشاريع البنية التحتية في الدول النامية. ان خطة مارشال الصينية هذه يمكن ان تقوي قدرة الدول النامية على استيعاب البضائع الصينيه أو احراز تقدم في اجندة التنمية بشكل اوسع كما حث بعض مسؤولي البنك المركزي على تأسيس صندوق سيادي ضخم للثروة من اجل الاستثمار في الدول النامية.
ان استمرار تطور الصين يتطلب ان تستمر في الاستثمار في توسيع قدراتها ونفوذها فيما يتعلق بالمساعدة الخارجية. ان الازمة الاقتصادية العالمية عملت على تسريع الجدول الزمني لهذه العملية بشكل كبير مما اجبر القادة الصينيين على متابعتها بشكل متزامن مع التحول الهيكلي للاقتصاد وفي هذا الخصوص فلقد اعطى وين لي عصا السبق بشكل لا يقدر بثمن.
زانغ يون هو استاذ في الاقتصاد ومدير مركز الصين للدراسات الاقتصادية في جامعة فودان في شنغهاي.
 
(خاص بـ _ بالتعاون مع بروجيكت سنديكت)