أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jul-2017

مكافحة فقر الطاقة ضرورة قصوى* وليد خدوري

الحياة-يعاني نحو 20 في المئة من سكان العالم من عدم توافر الطاقة خلال الربع الاول من القرن الحادي والعشرين. كما يعتمد حوالى 40 بالمئة من سكان العالم على طاقة الكتلة الحيوية، التي تستخدم الموارد المحلية وتحافظ على أشكال الطاقة التقليدية والبدائية، وفقاً لـ «صندوق أوبك للتنمية» (أوفيد).
 
ماذا يعني عدم التمكن من تأمين الطاقة لمئات الملايين من الأشخاص في هذه الأيام؟ معنى ذلك ليس فقط عدم حصولهم على الكهرباء لتعليم اطفالهم في المساء واستعمال وسائل الاتصالات الحديثة من هواتف وتلفزيونات وراديوات ومبردات للهواء وثلاجات، التي أصبحت أموراً ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها لمئات الملايين من سكان العالم. لكن يعني فقر الطاقة أيضاً اضطرار الملايين في الأرياف الى العيش في أكواخ مصنوعة من روث الحيوانات، كما هي الحال في عدد من الدول العربية، وما ينتج عنه من أمراض تصيب سكان هذه الأكواخ والمنتوجات الغذائية التي يستهلكونها أو يزودون بها أهالي المدن.
 
من ثم، فإن فقر الطاقة لا يعني فقط استمرار تدني مستوى المعيشة المحترمة والرفاهية لمئات الملايين من الأشخاص في أرياف الدول النامية، مقارنة بما هو متوافر لمواطنيهم في المدن من الخدمات المتقدمة وما ينتج عن هذا الأمر من جهل وعصبيات تقليدية وفقدان للتنمية المستدامة ومقومات الصحة العامة لنسبة مهمة من السكان. ففقر الطاقة جزء لا يتجزأ من مجمل عوامل التخلف التي تحيط بالمجتمعات غير النامية. هذه المجتمعات التي تفتقد، من خلال فقرها إلى الطاقة، الى مجمل مكونات «الحياة الحديثة» من توسيع أفق الانسان نحو مجالات حديثة. لذا يشكل فقر الطاقة تحدياً أساساً لتحويل الدول النامية الى دول متقدمة. وما يلفت النظر في العالم اليوم هو احدى الفروقات الكبيرة ما بين المناطق الريفية والمدنية في الدول النامية والمتقدمة. فالريف في الدول النامية لا يزال يئن من التخلف والأمراض وفقدان مقومات الحداثة من مستشفيات ومعاهد تعليمية وتصنيع للزراعة ومؤسسات تجارية ناجحة لتسويق المنتجات الزراعية والحفاظ عليها وتغليفها بما هو مناسب لتسويقها في الأسواق المحلية والدولية. بمعنى آخر، كأن على الريف في الدول النامية الاستمرار في التخلف، ومن ثم اضطرار الشباب الى الهجرة للمدن المكتظة بالسكان والسيارات لعدم استيعاب الريف لسكانه وعدم توافر امكانات العمل للشباب. وبما ان الطاقة، وبخاصة الكهرباء، هي محور التقدم في القرن الحادي والعشرين، مقارنة بالقرن العشرين حيث هيمن قطاع المواصلات ووقود المواصلات. فهذا يعني أن الأمور ستزداد سوءاً، ان لم يتم توفير الطاقة الأحفورية أوالطاقات المستدامة للريف.
 
كيف تتم معالجة هذا الأمر؟ تدل التجارب أن من الأهمية بمكان معالجة فقر الطاقة من خلال التعاون المشترك للمؤسسات الاقتصادية. من ثم اهتمت صناديق التنمية العالمية بهذا الملف، وتعمل مشتركة وبالتعاون مع بعضها البعض في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، وضعت «أوفيد» هذا البند على قمة جدول أعمالها، ويتبوأ المدير العام والرئيس التنفيذي للصندوق سليمان الحربش، دوراً رائداً في هذا المجال على الصعيد الدولي، اما من خلال الترويج للفكرة او في التعاون مع أوسع عدد ممكن من صناديق التنمية لترويج مكافحة فقر الطاقة بحلول عام 2030. وتنفذ «أوفيد» هذه الدعوة بالفعل من خلال التعاون مع صناديق التنمية في دول «أوبك»، والمنظمات الدولية المعنية والبنك الدولي. وقد بادر الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز الى إطلاق فكرة مبادرة الطاقة للفقراء، مقترحاً خطوات فعالة لتنفيذ هذه المبادرة، منها تخصيص بليون دولار لهذا الغرض. ودفعت هذه المبادرة مؤتمر قمة «أوبك» في الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 الى تبني الفكرة. وأوصت «القمة» بأن تضع «أوفيد» هذه المبادرة في قمة أولوياتها، وأن تعمل على ترويج الفكرة ويتم هذا بالفعل، وطلب مؤتمر قمة «أوبك» من المجلس الوزاري لـ «أوفيد» توفير الأموال اللازمة للمبادرة. وتلعب «أوفيد» الآن دوراً ريادياً لتشجيع التزويد بالطاقة عالمياً بحلول عام 2030. وقد أعلن مجلس وزراء المنظمة في حزيران (يونيو) 2012 التزامه بتزويد «أوفيد» ببليون دولار لهذا الغرض. وبما أن المبادرة تتضمن مساعدات لمشاريع طاقة، فقد تمت الموافقة منذ اطلاق المبادرة على تمويلات قيمتها 955 مليون دولار لمشاريع الطاقة، تشمل دعم مشاريع عادية في القطاع أو في مجالات الطاقات المستدامة. كما تشمل أيضاً المشاركة في تمويل محطات كهرباء ضخمة وتوسيع شبكات الكهرباء. وقد تم أيضاً تمويل تحسين أنظمة الطاقة المستعملة في المساكن والمساعدة في توفير الحلول لتحسين استخداماتها المنزلية المتنوعة.