أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Feb-2015

أزمة القطاع الزراعي*احمد ذيبان

الراي-تشكل الطاقة والغذاء ،أهم رافعتين للحياة المعاصرة، وعندما كان الاتحاد السوفيتي في أوج قوته السياسية والعسكرية،كانت نقطة ضعفه الرئيسية،أنه يستورد الغذاء لإطعام شعبه ،وبخاصة مادة القمح من خصمه السياسي الولايات المتحدة الاميركية، والمفارقة أن موسكو كانت تبيع السلاح لتشتري بثمنه الغذاء ،وكانت مشكلة الاتحاد السوفيتي في حقل الزراعة ادارية وتقنية، رغم توفر مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية ،وكميات وفيرة من المياه وفائض في الأيدي العاملة.
هناك العديد من الدول، التي تتميز بتوفر العناصر الاساسية للزراعة ، مثل الأراضي الخصبة والمياه والقوى العاملة، لكنها تعاني من المجاعة بسبب الصراعات الاهلية والفوضى الأمنية ، وفقدان الاستقرار السياسي ،والتخلف الاداري والتقني ،وضعف البنية التحتية وعدم توفر الاستثمارات ، مثل السودان والصومال الذي اشتهر بـ «الموز».
نحن في الأردن ، تشكل الزراعة نظريا على الأقل ،أحد المقومات الأساسية للاقتصاد الوطني، لكن الشكوى دائمة من قبل العاملين في هذا القطاع، وهي شكوى ليست ترفية ،وتبدو أحيانا للمراقب وكأنها «أحجية» ،ذلك ان الأرقام الرسمية التي تنشر بين فترة وأخرى ،تتحدث عن ارتفاع كميات الخضار والفواكه المصدرة الى الخارج، ويبدو ذلك مفارقة غريبة للمزارع الذي يشكو من الخسارة، والمستهلك الذي يشكو من ارتفاع الأسعار.
كانت أحدث شكوى تتعلق بـ «الكارثة» ،التي سببها الصقيع الذي خلفته العاصفة «الثلجية» بالقطاع الزراعي ، وتكبدت منطقة الاغوار الحصة الاكبر من الخسائر،حيث ألحقت أضرارا فادحة بالعديد من المحاصيل ،خاصة الكوسا والبطاطا، وخلال زيارتي قبل اسبوع لمنطقة الاغوار ،لفتني أن مزرعة بطاطا لم يضربها الصقيع، رغم أن المزارع القريبة منها أصيبت،وعندما سألت،قيل لي أنه الحظ و«الأرض تختلف بالشبر».
والواقع ان ملف القطاع الزراعي واسع ،وأزعم أنني متابع له وكتبت فيه الكثير، وأعرف أن وزيرالزراعة الدكتور عاكف الزعبي متخصص ،ومنخرط في هذا القطاع منذ عشرات السنين ،وكذلك الأمين العام الدكتور راضي الطراونة، ويدركان جيدا التحديات التي تواجه هذا القطاع ، ولا حاجة لتكرار الحديث حول أزمة التسويق المستعصية وعلاقتها بالتدريج والتصنيف، وارتفاع أسعار مدخلات الانتاج،ونقص المياه ،ومشكلة العمالة الوافدة، والخسائر التي تحدث فجأة بسبب ظروف جوية طارئة ،أو انتشار الأمراض الفتاكة بسبب الحشرات، القادمة أحيانا من الطرف الاسرائيلي.
صحيح أن وزارة الزراعة، نبهت المزارعين الى ضرورة توخي الحيطة بسبب موجة الصقيع قبل وقوعها، ونصحت بري المزروعات والتدخين،لكن الصحيح أيضا ان هذه النصائح ربما تحمي المحصول بنسبة قليلة، وأذكر في فترة سابقة ان المزارعين كانوا بخبرتهم الذاتية ،عندما تأتي المنخفضات الجوية ، وكان مصدرها واحد « دائرة الارصاد الجوية» يقومون برش مزروعاتهم بمادة «الزينب» لوقايتها من الصقيع،أما اليوم فقد اختفى «الزينب»، وتوسعت المزروعات وزاد وعي المزارعين وتراكمت خبراتهم، وتطورت أساليب الزراعة وصارت مشجعة للاستثمار، واحتلت البيوت البلاستيكية مساحات واسعة من الأراضي ، وتضاعف الانتاج ،لكن رافق ذلك زيادة التعقيدات والمشكلات ،وتفاقمت معاناة صغار المزارعين.
المشكلة الآنية المطروحة،هي المطالبة بتعويض المزارعين الذين تضرروا من موجة الصقيع،وفي هذا الصدد يتكرر الحديث عن إحياء صندوق المخاطر الزراعية، الذي ألغاه مجلس النواب عام 2013 ضمن إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وهو مطلب أصبح ضروريا ، كأحد الوسائل لتعويض المزارعين من الكوارث الطبيعية وفق آلية واضحة ،على غرار «التأمين ضد الغير» ، وقبل ذلك التركيز على اتباع الوسائل الحديثة لتقليل المخاطر الزراعية، وتطوير تقنيات السيطرة عليها للحد من الخسائر الناجمة عنها ،على أن تكون المساهمة بموازنته تشاركية تكافلية ،يساهم فيها المزارع والحكومة والجهات المعنية بالقطاع الزراعي ،كالبلديات والشركات ونقابة المهندسين الزراعيين والمؤسسة التعاونية ومؤسسة الاقراض الزراعي، وأي جهة أخرى مستفيدة.