مع الدولة المدنية وكاتب هذا المقال من دعاتها لكنها لا تحتمل التكييف على مقاس الأمزجة والغايات والأشخاص وحتى السلطة وإلا لمثلت قفزة في الهواء.

 

المراقبون والصحفيون في المقدمة كالوا المديح ل « ستايل» احتجاجات الدوار الرابع ووصفوه ب « الطريقة الأردنية» الجديدة للاحتجاجات فيها رومانسية و ممارسات أنيقة وترتيب ونظافة وفن وموسيقى في تغيير للأسلوب التقليدي المختلف عن باقي المواقع وكأنه تنظيم احتفالي راق لشركة متخصصة في العلاقات العامة.

 

هذا نمط جديد يستحق الإعجاب كما أنه يثير تساؤلات مشروعة عن الأهداف القريبة والبعيدة , لكنه إن كان بدأ بمطالب محددة تحقق معظمها كان يرفع سقف المطالب وينتقل من واحد لآخر , في ترتيب متناسق ومدروس وكأنه يخفي أهدافا غير معلنة يتركها لواقع الحال , وهو ما ليس لنا أي تحفظ حوله باستثناء ملاحظة وحيدة وهي الشفافية المطلوبة من المعارضة كما هي مطلوبة من الحكومة ومؤسسات الدولة.

 

حتى أن شخصية بوزن عمر الرزاز يصنف بإعتباره إصلاحيا لن يكون مقبولا ما لم تتضمن تشكيلته الوزارية عناصر شبابية من التحالف أو من المتعاطفين معه وأن يمتلك توجها واضحا لإعادة الولاية العامة للحكومة.

 

مثال آخر أن مطالب إحتجاجات الدوار الرابع كان قد لخصها التحالف المدني قبل وأثناء الإحتجاجات وهي كما بدت في الشعارات الأنيقة التي حملتها الملصقات واليافطات بالالوان اللافتة ومنها أن الأزمة الحالية أكبر من موضوع قانون الضريبة وأكبر من موضوع رفع أسعار المحروقات وهي تتلخص بأزمة الثقة بين الدولة والمواطن وهذا ينسحب على استمرار الإحتجاجات رغم رحيل الحكومة وهو المطلب الثاني للاحتجاجات بعد سحب مشروع قانون الضريبة ويشرحه التحالف كالآتي وفيقول إن تغيير الحكومة بحد ذاته لا يقدم ولا يؤخر، المطلوب إرادة سياسية واضحة لمراجعة شاملة وتغيير نهج إدارة البلاد , ومن ذلك إعادة الولاية العامة للحكومة وسيادتها الكاملة على قراراتها، ومسؤوليتها أمام البرلمان..

 

لا أحد يختلف مع هذه المطالب حتى الملك تحدث فيها بالتفصيل في ورقته النقاشية وفي آخر حديث له , وهي مطلوبة لكن على أن لا تمثل قفزة في الهواء باستعجال قطف ثمار يعتقد خطأ بأن الإحتجاجات ستنضجها بسرعة.