أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Apr-2017

بداية متواضعة للزراعة المائية في لبنان

...لمواجهة نقص الأراضي وشحة المياه
 
 الأناضول: تعتبر تقنية «الزراعة المائية المعلقة» من الأنظمة الزراعية الحديثة ذات الفاعلية في ظروف صعبة، فهي لا تحتاج إلى اسثمار كبير ولا طاقة كبيرة لتنفيذها، وتوفر أطعمة صحية ورخيصة. كما أنها أكثر إنتاجية مقارنة بالزراعة العادية، بفضل استثمار مساحة أقل في زراعة عدد أكبر من النباتات. 
كما هو معروف بيولوجيا يحتاج النبات إلى ماء ومغذيات بكميات متفاوتة، إضافة إلى ضوء الشمس، وإذا تم التوصل إلى حاجة النبات، فيمكن توفيرها له في أي وسط زراعي، وهذا ما بدأ يظهر مؤخرا في لبنان. 
بهذه النظرية بدأت وازدهرت «الزراعة المائية»، وهي محاولة لاستثمار بعض الأماكن في غياب تربة صالحة للزراعة، مثل أسطح المنازل في المدن، أو في حال تعذر استخدام التربة لارتفاع ملوحتها، كما في المناطق الصحراوية. 
وبات عدد كبير من دول العالم، لا سيّما تلك التي تعاني من قلّة مياه، يلجأ إلى هذه التقنية. ومؤخرا بدأ البعض يستخدمونها في لبنان الصغير بمساحته والفقير في موارده المائية، بسكانه البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، عدا عن مليون ونصف المليون من اللاحئين السوريين وحوالي 500 ألف مهجّر عراقي، وعدد كبير من العمال الآسيويين والأفارقة، ما يعني أن المياه ليست متوفرة بالشكل المطلوب. 
ووفق دراسة لـ»المعهد العالمي للموارد» نشرت في أغسطس/آب 2015، ستعاني 33 دولة بحلول عام 2040 من نقص حاد في المياه وجفاف كبير، منها 16 دولة عربية، بينها لبنان، الذي يواجه استهلاكا مرتفعا وهدرا كبيرا للمياه، فضلا عن مشلكة التصحر المتفاقمة. 
في ظل هذه الظروف، أطلق اللبناني وليد سويسي (من مدينة طرابلس) «مبادرة طرابلس للتنمية المستدامة»، وهي مشروع للزراعة المائية. 
يقول سويسي «المشروع يستخدم الطاقة الكهربائية والطاقات البديلة لتمرير الماء على النباتات، وبإمكانه إنتاج أنواع كثيرة من الخضروات، كالخس والبندورة (الطماطم) والخيار، وغيرهما».
ومضى قائلا إن هذا «المشروع يساعد العائلات في زيادة مدخولها الشهري، ويخلق فرصا عديدة للعاطلين عن العمل في المدن التي تفتقر أصلا إلى الأراضي الزراعية».
وأضاف «من خلال هذه المبادرة نحاول خلق مشاريع ومبادرات لتصنيف طرابلس كمدينة (تنموية) مستدامة بحلول عام 2022».
عن بداية ظهور هذه الفكرة قال مؤسس المبادرة»بحثت عبر شبكة الإنترنت عن حلول لموضوع الزراعة وسط طرابلس، وكيف يمكننا أن ندعم هذا القطاع بشكل يتناسب مع طبيعة المدن والعمران، ومع انعدام مقومات الزراعةبمفهومها التقليدي». وأردف «وجدت طريقة مثالية، وهي الزراعة المائية، التي تعمل على الطاقة الكهربائية، وكذلك على الطاقات البديلة، مثل الرياح الشمس، فالزراعة المائية ليست بحاجة إلى تربة، وتساعد في زرع أنواع كثيرة من الخضروات، خاصة التي تنتج فوق الأرض، مثل الخس والبندورة والخيار».
وحسب سويسي فإن هذه التقنية «تعتمد على وجود مستوعبات (عُلب) كبيرة تحتوي على مغذّيات يمكن شرائها جاهزة أو تصنيعها من بقايا نباتات أخرى».
وزاد بأن «هذا النظام يتفاعل على عملية دائرية مع الماء، الذي يصعد ويعود لينزل على المزروعات لتغذيتها بشكل مستمر، فضلا عن وجود نظام لمراقبة الحرارة، بما يتناسب مع طبيعة وشكل المزروعات».
وتتراوح تكلفة النموذج الواحد من هذا التصميم الهندسي الزراعي بين 300 و350 دولار أمريكي. بدء هذا المشروع في مدينة طرابلس برره مؤسس «مبادرة طرابلس للتنمية المستدامة» بما «تعانيه هذه المدينة العريقة التاريخية من حالات فقر، واستضافة لاجئين من الجارة سوريا يعاني الكثير منهم أوضاعا معيشية صعبة.
ولمواجهة هذه الأوضاع قرر سويسي ومساعدوه أن يخدم مشروعهم الفئة الفقيرة لتوفير فرص عمل تسمح لهم أولا بالحصول على بعض قوتهم اليومي، مشددا على أنه «رغم أنّ المشروع لا يسد حاجاتهم بشكل كامل، لكنه يعيلهم قليلا».
فكرة المشروع «كانت في البداية عبارة عن زراعة على شرفات المنازل والأسطح.. فكرنا حينها بالنازحين، الذين لا يملكون مساكن ويعانون نقص طعام، فقررنا القيام بعمل ما من أجلهم يكون مفيدا وفي الوقت ذاته يكون متنقلا يحملوه معهم أينما ذهبوا.
وتابع القول «في شهر رمضان الفائت قمنا بحملة لجمع تبرعات مالية من أبناء المنطقة لدعم هذا المشروع، وفعلا حصلنا على أموال تغطي تكاليف قرابة الـ500 وحدة (للزراعة المائية)، ووزعناها على فقراء في طرابلس، فوفر المشروع قرابة 70 دولارا أمريكيا في الشهر من حاجات كل منهم الغذائية من الخضار».
يذكر ان «الزراعة المائية» ليست ابتداعا حديثا إذ رأت النور عام 1937 على يد د. جيريكيه في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو صاحب مصطلح «هايدروبونيك» (الزراعة المائية)، لكن يرجح أن تكون حدائق بابل المعلّقة، قبل نحو 4 آلاف سنة، هي أول تجربة لتلك التقنية، إضافة إلى حدائق الأزتيك العائمة في أمريكا الجنوبية.
ورغم الاهتمام الضئيل بهذه التقنية الزراعة، إلا أنها تطوّرت وشهدت طفرة في الولايات المتحدة الأمريكية، مع ازدياد عدد الدفيئات (الصوبات) الزراعية التجارية، ويزداد الاهتمام بها هذه الأيام في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأنها تعاني من مشاكل نقص المياه وانعدام الأمن الغذائي.