أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2019

خبراء: مخاوف التغير المناخي قد تعكر أجواء الطرح الأولى لـ«أرامكو السعودية»

 رويترز: ربما يصبح النفط ،أكبر أصول شركة «أرامكو السعودية»، عبئا عليها.

فاحتياطيات النفط الهائلة التي تملكها الشركة، والتي يمكنها أن تحافظ على مستويات الإنتاج الحالية على مدار السنوات الخمسين المقبلة، تجعلها مُعَرَّضة أكثر من أي شركة أخرى لتأثيرات المد المتصاعد من مخاوف التغير المناخي، ومن حملات الدفاع عن البيئة، ومطالب التخلي عن أنواع الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز).
وفي السنوات الثلاث التي انقضت منذ اقترح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إدراج 5% من أسهم الشركة في البورصة مال بعض المستثمرين، لاسيما في أوروبا والولايات المتحدة، للنأي بأنفسهم عن قطاع النفط والغاز بسبب مخاوف التغير المناخي والتكنولوجيات الجديدة الصديقة للبيئة. وتشير بعض التقديرات إلى ان الاستثمارات في الطاقات المتجددة المستدامة تمثل أكثر من ربع كل الأصول المدارة على المستوى العالمي.
وتجادل «أرامكو» من جانبها بأن النفط والغاز سيظلان محورا أساسيا في مزيج الطاقة لعشرات السنين، وتقول ان مصادر الطاقة المتجددة والنووية لا يمكن أن تلبي الطلب العالمي المتزايد، وأن إنتاجها من النفط الخام يطلق قدرا أقل من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بمنافسيها.
 
فرص السعر المغري تتناقص
 
إلا أنه في ضوء تواصل الشركة من جديد مع البنوك لبحث طرح أولي عام، يقول بعض المستثمرين والمحامين ان فرصة تنفيذ عملية البيع بسعر مغر بدأت تتقلص، وأنه سيتعين على «أرامكو» ان توضح للمساهمين المحتملين وتقنعهم كيف تنوي تحقيق الربح في عالم يسعى لتقليل الانبعاثات الكربونية.
وقالت ناتاشا لاندل ميلز، في شركة «ساراسين أند كو» لإدارة الأصول في لندن، والمسؤولة عن دمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحَوكمة في الاستثمار «أرامكو السعودية اختبار مهم فعلا لما إذا كانت السوق تعمل بجدية على أخذ مخاطر الانتقال إلى أشكال جديدة من الطاقة في اعتبارات التسعير». وأضافت «كلما تأخر (الطرح الأولي العام) لفترة أطول قلت رغبة السوق في تقبل سعر مغر، لأن المستثمرين سيجدون أنفسهم مضطرين تدريجيا لطرح تساؤلات عن مدى قيمة هذه الاحتياطيات في عالم يحاول تقليل الانبعاثات الغازية الكربونية (الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري) إلى الصفر بحلول 2050».
 
المستثمرون الحريصون على البيئة لن يشتروا أسهما
 
وكان تقرير لرويترز ذكر في الثامن من الشهر الجاري أن الأمير محمد يصر على تقدير قيمة الشركة بمبلغ تريليوني دولار، وذلك رغم أن بعض المصرفيين والمطلعين على بواطن الأمور في الشركة يقولون ان على المملكة أن تقلل القيمة المستهدفة إلى 1.5 تريليون دولار.
ومن المحتمل أن يعوق فارق التقييم أى عملية بيع للأسهم. وسبق أن تحدد للطرح أن يتم في 2017 أو 2018، ثم تغير الموعد إلى 2020-2021 عندما فات الموعد الأول. وتقول «أرامكو» أنها جاهزة للطرح الأولي وأن التوقيت ستقرره الحكومة. كما تقول أنها تستثمر في أبحاث لصناعة سيارات أكثر كفاءة، وتعمل على تكنولوجيات جديدة لاستخدام الهيدروجين في السيارات، وتحويل المزيد من الوقود إلى كيميائيات، وتجميع ثاني أكسيد الكربون بحيث يمكن إعادة ضخه في المكامن النفطية لتحسين معدلات استخراج النفط.
وسيجادل البعض بأن كل هذا لا يكفي. إذ يعمد عدد متزايد من المستثمرين في مختلف أنحاء العالم إلى أخذ الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة في الحسبان، عند اتخاذ القرارات، وذلك رغم التباين الشديد في الدرجة التي قد يمتنع عندها البعض عن الاستثمار في «أرامكو».
فالبعض سيستبعد الشركة من حيث المبدأ بسبب أثرها الكربوني على العالم، بينما سيكون آخرون على استعداد للشراء، إذا كان السعر رخيصا بما يكفي لترجيح كفة الاستثمار على كفة المخاطر الظاهرة للاعتبارات البيئية والاجتماعية والحَوكمة، لاسيما أن شركات النفط توزع في كثير من الأحيان أرباحا وفيرة على المساهمين.
وإذا ما تحددت قيمة الشركة بواقع 1.5 تريلون دولار فستصبح «أرامكو» أكبر شركة مساهمة مدرجة في البورصات في العالم. وإذا ما أدرجت في مؤشرات أسهم رئيسية فستشتريها تلقائيا صناديق الاستثمار الخاملة، التي تتعقب حركة هذه المؤشرات، بغض النظر عن مصداقيتها فيما يتعلق بالاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وباعتبار «أرامكو» أكبر شركات العالم من حيث حجم الأرباح فسيتخاطف أسهمها كثيرون من المستثمرين النشطين.
وقد تجددت المحادثات بشأن بيع الأسهم هذا العام، بعد أن اجتذبت «أرامكو» إقبالا هائلا من المستثمرين على أول إصدار دولي لها من السندات. وقالت الشركة في نشرة الإصدار ان من المحتمل أن يكون للتغير المناخي أثر مادي سلبي على نشاطها.
وفي أي طرح عام أولي يحتاج المستثمرون المحتملون إلى المزيد من المعلومات عن المخاطر المحتملة، والكيفية التي تنوي الشركات التعامل معها، إذ أن مستثمري الأسهم يكونون أكثر عرضة من حملة السندات للخسارة إذا ما ساءت الأمور في الشركة. وقال نيك أودونيل، الشريك في إدارة الشركات في «بيكر ماكينزي» للاستشارات القانونية «الشركات بحاجة إلى تقديم الإجابات في النشرة وليس مجرد نشر فقرتين أو ثلاث فقرات تصف فيها المخاطر المحتملة من جراء المشاكل البيئية». وأضاف «تحتاج أي شركة للنفط والغاز إلى التفكير مُسبقا في الكيفية التي ستفسر بها الأمور على مدى السنوات العشرين المقبلة، وطرح ذلك في قسم خاص بدلا من إخفائها في طيات النشرة. ويتعين عليها أن تستخدمها كوسيلة للبيع. وكذلك بعد استكمال الطرح العام الأولي يتعين أن يتضمن كل تقرير سنوي قسما منفصلا للاعتبارات البيئية والاجتماعية والحَوكَمة».
وعلى خلاف غيرها من شركات النفط الكبرى، لا تنشر «أرامكو» تقريرا منفصلا يوضح كيف تتناول قضايا الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحَوكَمة. كما أنها أنها لا تنشر شيئا عن الانبعاثات الكربونية من المنتجات التي تبيعها.
 
اضطرار إلى مزيد من الإفصاح
 
ولعقود طويلة اعتادت أن تتكتم على المسائل المالية الخاصة بها حتى إصدار السندات هذا العام.
غير أن الشركة لديها إدارة لحماية البيئة، وترعى مبادرات هدفها الاستدامة. كما أنها عضو مؤسس في «مبادرة النفط والغاز المناخية»، التي تقودها 13 من كبريات شركات الطاقة وتهدف إلى خفض انبعاثات غاز الميثان، وهو من الغازات ذات الأثر القوي في الاحتباس الحراري.
وفي 12 أغسطس/آب الجاري نشرت «أرامكو «معلومات عن تأثير مزيجها من إنتاج النفط والغاز للمرة الأولى، وكشفت عن حجم غازات الاحتباس الحراري من كل برميل تنتجه.
وقال خالد الدباغ، النائب الأعلى للرئيس لشؤون المالية والإستراتيجية والتطوير في «أرامكو»، خلال مؤتمر عبر الهاتف هذا الشهر لمناقشة أرباح الشركة ان انبعاثاتها الكربونية من عمليات المنبع «الاستكشاف والإنتاج» هي الأقل بين نظيراتها من الشركات.
وتوصلت دراسة نشرتها مجلة «ساينس» العلمية العام الماضي إلى ان الانبعاثات الكربونية من إنتاج النفط السعودي تعادل ثاني أقل مستوياتها في العالم بعد الدنمرك، وذلك بفضل امتلاك عدد صغير من حقول النفط ذات الإنتاج العالي. تقول «أرامكو» ان النفط والغاز سيظلان عنصرين ضروريين في ضوء التوقعات القائلة إن حجم الاقتصاد العالمي سينمو إلى مثليه بحلول العام 2050. وقالت ردا على استفسار «أرامكو السعودية عازمة ليس على تلبية الطلب العالمي المتنامي على إمدادات كبيرة من الطاقة يعول عليها وفي المتناول فحسب، بل تلبية الطلب العالمي المتنامي على وقود أنقى كثيرا».
وأضافت «لا تزال البدائل تواجه عقبات كبيرة من حيث العوامل التكنولوجية والاقتصادية والبُنية التحتية، ويوضح تاريخ النقلات السابقة في الطاقة أن هذه التطورات تستغرق وقتا».
كما سعت الشركة إلى تنويع نشاطها في الغاز والكيميائيات. بل أنها تستخدم الطاقة المتجددة في منشآتها. ورغم ذلك فإن «أرامكو» تمثل في النهاية رهانا على سعر النفط. فقد حققت ربحا صافيا قدره 111 مليار دولار في 2018، أي بما يزيد على ثُلث الأرباح المجمعة لشركات النفط الخمس العملاقة «إكسون موبيل»، و«رويال داتش شل»، و«بي.بي»، و«شيفرون» و«توتال».
وفي 2016 عندما انخفض سعر النفط إلى أدنى مستوياته منذ 12 عاما بلغ صافي أرباح أرامكو 13 مليار دولار فقط، وفقا لما ورد في نشرة إصدار السندات التي كشفت فيها عن بياناتها المالية للمرة الأولى وذلك بأسعار الصرف الحالية.
وانخفضت أرباح الشركة بنسبة 12 في المئة في النصف الأول من 2019 لأسباب على رأسها انخفاض أسعار النفط. ويعاني قطاع النفط والغاز من أثر المخاوف على الطلب المستقبلي على الوقود الأحفوري. فمنذ عام 2016 عندما طرح الأمير محمد فكرة الطرح العام الأولي لـ»أرامكو»، انخفض معدل السعر الآجل لفترة 12 شهرا إلى الأرباح بالنسبة لأكبر خمس شركات مدرجة في البورصات في العام إلى 12 من 21 في المتوسط، وفقا لحسابات رويترز، متخلفا بذلك عن متوسطات شركات النفط والغاز على مؤشرات «فاينانشال تايمز100» و»ستوكس يوروب600.
وللمقارنة فإن الصناديق المُدرجة في بريطانيا التي تستثمر في البُنية التحتية للطاقة المتجددة مثل مزارع الرياح يجري تداولها بواحدة من أعلى العلاوات مقارنة بصافي قيمة الأصول.
 
استثمارات كبيرة في الطاقات المتجددة
 
وباستخدام مقياس واسع تُبين نشرة «غلوبل ساستينابل إنفستمنت» ان حجم الاستثمارات المستدامة العالمية بلغ 30.1 تريليون دولار في أسواق العالم الرئيسية الخمس في نهاية 2018 أي أكثر من ربع الأصول المدارة عالميا.
وفي 2016 بلغت تلك الاستثمارات 22.8 تريليون دولار. وقال جوزيف دي فرجيليو، مدير محافظ الأسهم العالمية لدى شركة «رومولوس» لإدارة الأصول، والتي تدير استثمارات قيمتها 900 مليون دولار، «في ضوء تدفق رأس المال على مجال الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحَوكَمة كان من الممكن أن يحقق الطرح العام الأولي لأرامكو انطلاقة أفضل قبل خمس أو عشر سنوات».
وأضاف «سيظل الطرح العام الأولي اليوم الأكبر من نوعه. غير أن مديري أصول كثيرين يركزون على الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحَوكَمة وحدها قد لا يشاركون فيه».
وقد تعرضت كبرى شركات النفط والغاز المُدرجة في البورصات على مستوى العالم لضغوط شديدة من مستثمرين والجماعات المدافعة عن المناخ في السنوات الأخيرة لتوضيح إستراتيجياتها الرامية لتقليص حجم بصمتها الكربونية.
واتفقت شركتا «شل» و»بي.بي» وغيرهما مع المساهمين على أهداف لخفض الانبعاثات الكربونية لبعض العمليات، وزيادة الإنفاق على موارد الطاقة المتجددة. لكن شركة «إكسون موبيل» الأمريكية العملاقة، وهي أكبر شركة مساهمة مُدرجة في البورصات على مستوى العام في مجال النفط والغاز، رفضت تبني أهداف مماثلة.
واستبعدت شركة «إل.جي.آي.إم»، وهي أكبر شركة في بريطانيا لإدارة الأصول، شركة «إكسون موبيل» من صناديقها المسماة «فيوتشر وورلد» (عالم المستقبل)، التي تبلغ قيمة أصولها خمسة مليارات جنيه إسترليني (6.3 مليار دولار)، بسبب ما وصفته بالتقاعس عن التصدي للتهديدات التي يفرضها التغير المناخي.
ولم ترد «إل.جي.آي.إم» على طلب للتعليق على ما إذا كانت ستشتري أسهما في الطرح العام الأولي المحتمل لـ»أرامكو».وقالت شركة «ساراسين أند كو» في يوليو/تموز الماضي أنها باعت ما يقرب من 20 في المئة مما كان لديهامن أسهم «شل»، مضيفة ان خططها للإنفاق لا تتفق مع الأهداف الدولية لمكافحة التغير المناخي. وأوضحت أن النسبة المتبقية من هذه الاستثمارات قيد الدراسة.
ولم تشارك تلك الشركة، التي تدير أصولا تقترب قيمتها من 14 مليار جنيه إسترليني، في إصدار «أرامكو» الأول من السندات. وقالت ناطقتها لاندل ميلز ان من المستبعد أن تستثمر الشركة في أي طرح عام أولي لـ»أرامكو».