أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2019

«اختراق اقتصادي مثمّن» - د. محمود عبابنة

الراي -  كما يسجل على حكومة الرزاز مآخذ وانتقادات قد تكون مبررة أو غير مبررة، فللموضوعية والانصاف علينا أن نسجل لها اختراقها لأسوار حصار المخرجات الراهنة غير العادية لحالة الإقليم غير المستقر والتي أحاطت بالاقتصاد الأردني. ومن هنا فإن التوجه نحو العراق والخروج في مشروع تعاون اقتصادي متعدد الأبعاد والفوائد يعد فتحاً جديداً ومغادرة لحالة المراوحة والتجاذبات المتفاوتة التي خيمت على جهود التعاون بين الدولتين الشقيقتين والتي شابها جو من التحفظات والمجاملات من الجانب العراقي ولذلك بقي الحال على ما هو عليه وبقيت الاتفاقيات شبه المجمدة التي انتهى مفعولها الإعلامي لتستقر مع ما تضمنته من دراسات ومذكرات منسية في الأدراج.

في هذه المرة نجحت حكومة الرزاز ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة، وزيرها المثابر الذي عمل جاهداً على هندسة الاطار العام لهذا التعاون العربي المشترك واستطاع تحفيز الجانب العراقي للانخراط في عملية تعاون اقتصادي وسياسي مع ظهيره العربي الأردني في عدة مجالات حيوية تكاد شرارتها أن تنطلق، وتنفيذها أن يبدأ، بعكس المرات السابقة، ومما لا شك فيه أن الزيارات المتكررة والمتبادلة بين الجانبين العراقي والأردني التي توجت بزيارة جلالة الملك أعطت هذه الجهود مزيداً من الزخم والجدية ولاقت تقديراً كبيراً من الحكومة العراقية والتي اعتبرتها دليلاً على حالة الاستقرار الأمني والحكومي في العراق الشقيق، وأدرك العراق أن الأردن هو عمقه ورئته البحرية والاقتصادية، فإعفاء الواردات العراقية الواردة لميناء العقبة من 75 % من الرسوم هي بادرة أردنية لإخوتنا العراقيين بأن ثمار هذه الاتفاقيات متبادلة وتنم عن حسن نيّة، كما أن هذه الخطوة تعطي ميناء العقبة وقطاع النقل جرعة حياة وشحنة استنهاض لهذا القطاع ولمساهمته في تخفيض نسبة البطالة وربما يكون تنشيط قطاع النقل من أول الثمار التي سنشهدها في المدى القريب.
ما أثلج صدر الأردنيين وعلى رأسهم أصحاب وعمال مئات المصانع الأردنية المتوقفة، أو التي انخفضت وتيرة انتاجها والتي كانت تعتمد على السوق العراقية هو السماح بإدخال أكثر من 340 سلعة إلى العراق معفاة من الرسوم الجمركية. وعلى صعيد الطاقة فإن الحصول على عشرة آلاف برميل نفط يومياً بأسعار تفضيلية ومن الممكن زيادتها، يخفف الحرج عن ملف الطاقة المقلق.
المشروع الأهم الذي أفرج عنه من دائرة التحفظ والمعاندة من جهات عراقية غير متحمسة لمد جسور التعاون مع الأردن هو مشروع ناقل النفط من البصرة إلى العقبة الذي سيأخذ حيز التنفيذ بعد أن ركن لفترة من الزمن في خانة الشكّ والتردد من جانب الحكومات العراقية السابقة.
الجهود الأردنية المتميزة هذه المرة ترجمت وعوداً و آمالاً بأن النية والعزيمة متوفرة وأنها قد تعطي أكلها عندما تتسلح بالمصداقية والعمل الجاد وتستثمر السمعة الطيبة للأردن الذي بقي متصالحاً مع الآخرين في عالم التشنج العربي الذي نشهده، كما أن هذه الحكومة لا زالت تتكئ وتحظى بالدعم الملكي الذي أسهم في ترطيب الأجواء وخلق الثقة بين الأردن والعراق والخروج بهذه الاتفاقيات الاقتصادية الحيوية لما فيه مصلحة الشعبين اقتصادياً واجتماعياً، وهو ما قد يعزز الثقة بالحكومات ويحفزها للبحث عن منافذ يمكن للأردن المراهنة عليها للخروج من الأزمة بدلاً من البحث عن القروض والمساعدات التي قد تؤثر على قراراتنا وتسلب ارادتنا.