أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Jan-2019

آفاق وتحديات سياحية 2019

 الغد-م.عوني قعوار

بدأ العام 2019 وهو يحمل معه في الآفاق أملا وتفاؤلا بموسم سياحي أفضل من الأعوام السابقة، التي تراجعت خلالها صناعة السياحة بسبب الظروف السياسية التي عصفت بدول الجوار منذ العام 2011، الأمر الذي خلّف الكثير من الآثار السلبية.
فأعداد السياح تراجعت بشكل كبير وملموس، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد كبير من المنشآت السياحية خاصة في مدينة البترا الوردية التي تعتمد على السياحة الثقافية وسياحة المغامرات بشكل رئيس، والذي كانت نتيجته الحتمية انخفاض معدل الدخل القومي الذي يسهم به قطاع السياحة، وتسريح عدد كبير من الموظفين، مما أدى إلى زيادة نسبة البطالة.
إلا أنه خلال الأشهر الأخيرة من العام 2018، فقد بدأت بشائر الخير بموسم سياحي أفضل تحلق في الأجواء، وذلك يعود إلى العديد من الأسباب، على رأسها الاستقرار النسبي للأوضاع السياسية في الدول المجاورة، ما سيؤدي إلى زيادة الحركة البرية مع البلدان المجاورة وبالتالي تشجيع السياحة البينية.
كذلك قامت وزارة السياحة، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، بالسماح لبعض الجنسيات المقيدة بزيارة المملكة، وذلك عن طريق رفع القيود عنها، ما أدى إلى استقطاب عدد أكبر من السياح وفتح أسواق جديدة، وزيادة عدد المؤتمرات المنعقدة في الأردن وبخاصة في منطقة البحر الميت وفي العاصمة عمان، مما أدى إلى نمو سياحة المؤتمرات والأعمال والتي أهم ما يميزها ارتفاع القوة الشرائية لسياح هذا النمط السياحي.
بالإضافة إلى قيام هيئة تنشيط السياحة التي تعد الذراع التسويقية الرئيسة بتكثيف حملاتها التسويقية خلال العام 2018 في بلدان كثيرة منها الخليج العربي وغيرها بغية فتح أسواق جدبدة.
أما فيما يتعلق بسياحة البواخر، فقد شهدت نمواً ملحوظاً في العام 2018؛ إذ بلغت هذه النسبة حوالي 49 % عالمياً، أما حصة الأردن منها فكانت 21 رحلة في شهر نيسان (ابريل) و12 رحلة في شهر تشرين الأول (أكتوبر) للعام 2018.
ومن المتوقع زيادة عدد البواخر لتصل حصيلتها إلى 65 باخرة في العام 2019، كذلك الحال بالنسبة لسياحة الطائرات العارضة التي شهدت نموا ملحوظا بسبب إعادة النظر في بعض القوانين والأنظمة وتعديلها لاستقطاب عدد أكبر من هذه الطائرات وبالتالي زيادة عدد السياح.
ولن ننسى ازدهار السياحة العلاجية، خاصة بتوفر مستشفيات مزودة بأحدث المعدات الطبية وكوادر طبية عالية الكفاءة.
بالنظر إلى ما ذكر سابقاً، نجد أن صناعة السياحة ستنتعش من جديد وتثبت الأردن على خريطة السياحة العالمية كما كانت في سابق عهدها.
بالرغم من ذلك، إلا أن هذا الانتعاش أدى إلى ظهور تحديات جديدة لهذا القطاع تتمثل في نواح عدة؛ أبرزها:
 
قطاع النقل السياحي: الذي يعاني من نقص في عدد الحافلات السياحية الحديثة، التي تتماشى مع قوانين السلامة العامة من حيث النوعية والعمر التشغيلي، لضمان والحفاظ على سلامة السياح الوافدين؛ حيث يكمن الحل فيما يسمى “الاستحداث التبديلي لتلك الحافلات”.
ارتفاع رسوم الدخول إلى المواقع السياحية خاصة رسوم الدخول الى مدينة البترا، المغطس، جرش.
سوية الخدمات السياحية المتدنية في المواقع المختلفة، على سبيل المثال، المحافظة على نظافتها وتوفير حمامات تخدم السائح في تلك المواقع، وهذه يمكن حلها بواسطة طرح عطاءات لشركات خاصة لترفع سوية هذه الخدمات.
عدم معاملة صناعة السياحة كغيرها من الصناعات التصديرية من ناحية كلفة الكهرباء والمياه والضرائب المفروضة على القطاع سواء كضريبة المبيعات، والتي يجب إعادة النظر فيها وخفضها، الأمر الذي يؤدي إلى خفض الكلفة التشغيلية وخفض تكلفة البرامج السياحية، وبالتالي جذب عدد أكبر من السياح وزيادة تنافسية المنتج.
غياب إعادة النظر بوجود بعض القوانين والأنظمة المشروعة التي تم وضعها منذ سنوات طويلة والتي يجب فيها من قبل الحكومة خاصة بعد إدراكها لأهمية السياحة وتعديل تلك القوانين والأنظمة بما يتماشى مع المتطلبات الحديثة وتشجيع الاستثمارات السياحية.
نقص في عدد الأدلاء الذين يتقنون لغات أخرى غير الانجليزية، خاصة في ظل وجود أسواق جديدة.
عدم إدراك أهمية السياحة الدينية في الأردن وعدم الاستفادة القصوى من الزيارات التي قام بها كل من قداسة البابا بينيدكتوس السادس عشر في شهر أيار (مايو) 2009 والتي تم وضع الأردن فيها على خريطة الحج المسيحي، كذلك زيارة قداسة البابا فرنسيس الأول في أيار (مايو) 2014 التي تم فيها تأكيد مواقع الحج المسيحي في الأردن، ما كان من شأنه زيادة أعداد الحجاج المسيحيين.
تركيبة مجلس إدارة هيئة تنشيط السياحة الذي يكمن بوجود مقعد واحد لتمثيل قطاع السياحة الوافدة التي تمثل المصدر الرئيس لدر العملات الأجنبية ولزيادة الدخل القومي الذي يجب أن لا يقل عن ثلاثة مقاعد كحد أدنى.
عدم وجود قوانين تضمن المنافسة المشروعة بين مكاتب السياحة الوافدة كذلك، وجود عدد من المكاتب غير المرخصة، بالإضافة إلى وجود بعض الأشخاص الذين يقومون بالتعامل مع مكاتب السياحة في الخارج من بيوتهم، مما يجعلهم بمعزل عن أي التزامات مالية فلا يترتب عليهم دفع ضرائب للحكومة أو غيرها، فيقومون ببيع برامج سياحية بأقل من الكلفة الحقيقية، وهذا ضد المصلحة الوطنية.
عدم توفر مراكز مؤتمرات في مناطق أخرى غير منطقة البحر الميت، فإقامة مراكز مؤتمرات في مناطق مختلفة كالبترا، على سبيل المثال، من شأنها أن تستقطب عددا أكبر من هذا النمط السياحي، مما يضمن عائدات مالية أفضل للمجتمعات المحلية في تلك المناطق.
لتحيقيق هذه الآمال وانتهاز الفرصة الذهبية بعد أن هدأت الأوضاع السياسية في الدول المجاورة، يجب على جميع الجهات الحكومية المعنية وذات العلاقة أن تدعم كلا من وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة ووكلاء السياحة الوافدة وشركات النقل السياحي والمنشآت السياحية وأن يعمل الجميع يداً بيد لإيجاد أنجع الطرق للحد من هذه التحديات ووضع أنظمة وقوانين تتصف بالسلاسة والمرونة، للنهوض بهذا القطاع العتيد الذي من شأنه دفع عجلة الاقتصاد في وطننا الحبيب.
*خبير في القطاع السياحي