أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Sep-2021

محافظ المركزي الأفغاني السابق: أحلام الرخاء تصطدم بخيارات طالبان السياسية والاقتصادية

 نيويورك/إسطنبول – وكالات الأنباء: بعد أسابيع على انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، والإطاحة بحكومة الرئيس الأفغاني الهارب أشرف غني، وسيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية، أعلنت الحركة أمس الأربعاء اسماء حكومتها الانتقالية، في ظل بعض التوقعات المتفائلة التي ترى وجود فرصة لاندماج أفغانستان في الاقتصاد العالمي رغم صعود طالبان وانسحاب الولايات المتحدة.

وأشار عدد من المحللين إلى أن الصين، التي أعتبرتها حركة طالبان حليفا قويا، يمكن أن تصبح الداعم الاقتصادي الرئيسي لأفغانستان وقد تساعدها في البقاء كجزء من النظام العالمي.
ولكن أجمال أحمدي، محافظ البنك المركزي الأفغاني السابق، له رؤية مختلفة حيث قال، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، ٍأن هذه التحليلات غير واقعية، لآنها تتجاهل نظام العقوبات الدولية المفروضة على حركة طالبان على سبيل المثال. خاصةً وأن العقوبات تشمل ليس فقط التعاملات المالية وإنما التعاملات التجارية والاقتصادية أيضاً. ذلك لأن كل الشركات وليس فقط البنوك يجب أن تلتزم بإطار العمل الرامي إلى منع تمويل الإرهاب وعمليات غسل الأموال.
ويقول أحمدي أن البنك المركزي الأفغاني، الذي كان يرأسه حتى دخول طالبان كابول، كان يعمل مع الشركاء الدوليين لمنع مثل هذه التعاملات غير المشروعة. ولكن من المحتمل معاملة البنك المركزي الأفغاني تحت سيطرة طالبان باعتباره مؤسسة خاضعة للعقوبات الدولية من جانب باقي دول العالم.
 
تداعيات سلبية
 
وإلى جانب التداعيات المالية، يرى أحمدي ثلاث تداعيات إضافية للموقف الراهن. أولى هذه التداعيات حدوث نقص في العملات النقدية المحلية المتاحة في السوق الأفغانية، لآن البنك المركزي لا يطبع العملة المحلية للبلاد وإنما تقوم بذلك شركات أجنبية.
وكان البنك يتوقع الحصول على ملياري أفغاني، وهو اسم العملة المحلية، في صورة أوراق نقدية من الفئات الصغيرة من إحدي شركات العملات البولندية خلال آب/أغسطس الماضي. كما وقع البنك عقدا مع شركة فرنسية لتوريد 100 مليار أفغاني أخرى خلال العام المقبل.
أما ثانية التداعيات، فتتمثل في احتمال توقف مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين تركمانستان والهند، والذي يمر بكل من أفغانستان وباكستان وتقدر تكلفته بسبعة مليارات دولار.
فهذا الخط سينقل 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقل جالكينيش، ثاني أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم، إلى كل من باكستان والهند عبر الأراضي الأفغانية، حيث ستحصل أفغانستان على مئات الملايين من الدولارات كرسوم عبور.
ويقول أحمدي أنه يعرف هذا الموضوع جيدا لأنه ظل لخمس سنوات ممثلاً لأفغانستان في مجلس إدارة المشروع. كما ساهم في تحويله من مجرد فكرة غامضة في فترة حكم طالبان الأولى خلال تسعينيات القرن العشرين إلى مشروع حقيقي.
وقد تم الانتهاء من الأعمال الهندسية وتوقيع الاتفاقيات الثنائية الخاصة به وبدأت عملية الاستحواذ على الأراضي المطلوبة لتنفيذه. وقد زار وفد من طالبان دولة تركمانستان في وقت سابق من العام الحالي للتأكيد على حماية الخط.
ويقول أحمدي أنه يتذكر هذه الزيارة جيداً لأنها تزامنت مع انفجار قنبلة في سيارة مدير المشروع في كابول، ولكنه لحسن الحظ نجا من الموت.
وبغض النظر عن التطمينات والضمانات التي ستقدمها طالبان، من غير المحتمل أن تواصل الشركات الأوروبية توفير المعدات والتمويل اللازم للمشروع في ظل العقوبات الدولية والمخاوف الأمنية المحيطة بسلطة طالبان في أففانستان.
وأخيرا فإن الآمال في الاستفادة من الموارد المعدنية الكثيرة للبلاد ستتراجع أو ستختفى، بما في ذلك الآمال في الاستفادة من منجم أيناك للنحاس، أحد أكبر احتياطيات النحاس غير المستغلة في العالم والتي حصلت شركة «ميتالورجيكال كوربورشن» الصينية على حقوق استغلاله في 2008.
وكذلك الحال بالنسبة لمنجم هاجيجاك لخام الحديد، أحد أكبر مناجم خام الحديد في العالم، والذي وقعت إحدى الشركات الهندية عقداً لاستغلاله. وهناك حقل نفط أمو داريا الذي حصلت شركة «تشاينا ناشيونال بتروليوم كوربورشن» على حق التنقيب فيه.
كل هذه المشروعات قد لا تجد التمويل الدولي اللازم لإنجازها. ومن غير المحتمل أن تتورط أي شركة عالمية لها سمعتها في مثل هذه المشروعات التي تنطوي على مخاطرة كبيرة.
 
باكستان ليست خياراً مضموناً
 
علاوة على ذلك من المنتظر إلغاء برامج دعم التجارة والتي ساهمت في زيادة صادرات أفغانستان بأكثر من 100 مليون دولار سنوياً، حيث صدرت أفغانستان حبات الصنوبر إلى الصين والفواكه الطازجة إلى الهند والسجاد إلى إيران والمنتجات اليدوية إلى أوروبا، بفضل برنامج حكومي لدعم النقل الجوي للصادرات الأفغانية.
وفي حين يرى بعض المحللين إمكانية لجوء طالبان إلى باكستان للحصول على دعم اقتصادي منها، فإنهم يتجاهلون حقيقة أن الاقتصاد الباكستاني في حالة سيئة، ولا يزيد احتياطي النقد الأجنبي لدى باكستان عن 20 مليار دولار. كما أن معدل الدَين العام الباكستاني يبلغ 90% من إجمالي الناتج المحلي وهو رقم كبير بالنسبة لدولة نامية.
ويقول أحمدي إنه يمكن أخيرا القول إن حكم طالبان سيواجه التحديات الاقتصادية نفسها التي واجهها نظام الحكم السابق، ولكن في ظل العقوبات الدولية وتراجع الدعم المالي الدولي، سيكون الموقف أسوأ.
وعلى حكام أفغانستان الجدد مواجهة الواقع، وتشكيل حكومة ممثلة لمختلف أطياف المجتمع الأفغاني والالتزام بالمعايير الدولية، وإلا فإنهم سيسقطون ومعهم الشعب الأفغاني في المزيد من الفقر.
على صعيد آخر حذر خبراء من أن قطع المساعدات الدولية عن أفغانستان من شأنه إحداث أزمات اجتماعية كبيرة وينجم عنه تداعيات كارثية في البلاد.
وفي تصريحات حديثة قال كل من البروفيسور سزائي أوزتشليك، عضو هيئة التدريس في قسم العلاقات الدولية في كلية العلوم الاقتصادية والإدارية في جامعة قاراتكين، والباحث والكاتب الأفغاني أسد الله أوغوز، إن هناك أزمة إنسانية كبيرة تنتظر الشعب الأفغاني، في حال انقطاع المساعدات الدولية للبلاد بعد سيطرة طالبان عليها.
وأفادأوزتشليك أن أفغانستان تحتل المرتبة 172 في مؤشر التنمية البشرية، وأنها تأتي في مقدمة الدول التي تتلقى مساعدات دولية، مضيفاً أن مليارات الدولارات من المساعدات المقدمة لأفغانستان تذهب هباءءاً وتختفي دون أن تصل إلى مستحقيها بسبب الفساد.
وأشار إلى أن الدول تقدم مساعداتها لأفغانستان مشروطة وعبر شركاتها الخاصة، لذلك فإن هذه المساعدات الدولية لم يكن لها الأثر المنشود على البلاد.
ولفت إلى أن الدول المانحة تعهدت في جنيف في نهاية عام 2020 بتقديم 12 مليار دولار مساعدات لأفغانستان على مدار 4 سنوات، وأن البنك الدولي قدم تعهدات بقيمة 5.3 مليار دولار لمشاريع إعادة إعمار البُنية التحتية الموجودة في البلاد منذ 2002، مؤكداً أن أفغانستان ستواجه مشاكل كبيرة في حال توقف تلك المساعدات.
وأوضح أوزتشليك أن موقف طالبان من المساعدات التي تُقدم لأفغانستان في مجالي التعليم والصحة، وكذلك كيفية استخدامها لهذه المساعدات، لا زال أمراً مجهولاً، كما أن قيام واشنطن بتجميد احتياطات النقد الأجنبي والذهب المملوك لأفغانستان والموجود معظمه في البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفِدرالي) سيضع إدارة طالبان في مأزق اقتصادي كبير.
وشدد أوزتشليك على ضرورة مواصلة المنظمات الدولية أنشطتها في أفغانستان، خاصة في ظل استمرار تداعيات وباء كوفيد-19، وقال أنه يجب الضغط على إدارة طالبان فيما يخص حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة، مشيراً إلى أن كلًا من الإمارات العربية المتحدة، وباكستان، وإيران، وروسيا، والصين يمكنها القيام بدور مهم في هذا الصدد.
وأكد أن على الرأي العام الدولي ألا يضر بالشعب الأفغاني بينما يضغط على حركة طالبان، وأن على منظمات الإغاثة الدولية أن تتعاون مع إدارة طالبان، مشيراً أنه لا بد من تخفيف العقوبات المفروضة على طالبان فيما يخص المساعدات الإنسانية.
وذكر أن إغلاق مطار كابول منع وصول 500 ألف طن من الإمدادات الطبية، أرسلتها منظمة الصحة العالمية إلى النساء والأطفال.
وتابع أن حوالي 18.5 مليون أفغاني يعيشون على المساعدات الدولية. وفي حال أسفر استخدام المساعدات الإنسانية كجزء من سياسة «العصا والجزرة» مع طالبان إلى نتيجة عكسية، فإن ذلك سيتسبب في مشاكل للشعب الأفغاني قد تؤدي إلى أزمات اجتماعية خطيرة.
وأضاف أوزتشليك أن تحويلات الأفغان في الخارج تمثل مصدر دخل مهم للشعب الأفغاني، إذ تمثل التحويلات المالية التي يرسلونها إلى عائلاتهم حوالي 4% من اقتصاد البلاد.
وأضاف أنه في حال لم تتمكن طالبان من إدارة أفغانستان، مع توقف المساعدات الدولية والتحويلات الخارجية فإن الاقتصاد الأفغاني سينهار وسيترتب على هذا، انهيار الهيكل السياسي والاجتماعي والثقافي للبلاد.
وقال أوزتشليك أنه من المؤكد أن ملايين اللاجئين الأفغان الذين فقدوا الثقة في المستقبل سيلجأون إلى أبواب تركيا وأوروبا، وأن على دول الجوار وخاصة باكستان أن تقود الطريق لمواصلة إرسال المساعدات الدولية إلى أفغانستان.
 
المطلوب مساعدات إنسانية وليست تنموية
 
وشدد على أن الوقت الحالي يتطلب التركيز على المساعدات الإنسانية لأفغانستان، بدلاً من مساعدات تطوير البُنية التحتية.
وأردف قائلاً «إدارة طالبان ليست قريبة من تركيا، إلا أنه يمكن لتركيا التركيز حاليا على المساعدات الإنسانية عبر مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الهلال الأحمر التركي بدلاً من انتظار إقامة علاقات جيدة».
وأضاف أن إدارة تركيا لمطار كابل، الذي يعد بوابة وصول المساعدات الدولية لأفغانستان، ستلعب دوراً حيوياً في إيقاف هذه الأزمة الإنسانية وخلال فترة قصيرة.
– إيقاف المساعدات الدولية سيؤدي لأزمات اجتماعية
من ناحية أخرى، أشار الباحث والكاتب الأفغاني أسد الله أوغوز إلى تصريحات الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن حدوث كارثة محتملة في أفغانستان.
وقال أوغوز أن قطع المساعدات المالية عن أفغانستان يمكن أن يؤدي إلى مأساة إنسانية، خاصة وأن أفغانستان تعيش على المساعدات الخارجية على مدار العشرين عاماً الأخيرة.
وحذر من أن الوباء والجفاف وتغير الحكومة وقطع المساعدات الدولية سيجر أفغانستان إلى كارثة اقتصادية، وأن هذا الوضع يمكن أن يفجر أزمات اجتماعية خطيرة.
وأوضح أوغوز أن بعض الدول أعلنت عزمها على قطع المساعدات لأفغانستان مثل ألمانيا وهولندا وبلجيكا، وإن البنك الآسيوي للتنمية لديه بعض المشاريع الحالية في أفغانستان.
وأكد أن قطع المساعدات، وتوقف هذه المشاريع سيتسبب في وصول الأزمة في أفغانستان إلى أبعاد كارثية وسيؤدي إلى حدوث مأساة إنسانية، لأن الدولة تعتمد تماماً على المساعدات الخارجية، ولذلك فعلى المنظمات الإغاثية الدولية التوصل إلى اتفاق مع طالبان فيما يخص المساعدات.
وأردف أوغوز أن حركة طالبان تقاتل في الجبال منذ 20 عاماً وليس لديها الخبرة لإدارة دولة حديثة أو الكوادر التي تساعدها على هذا، خاصة في ظل هروب ما يقرب من 20 ألف أفغاني من ذوي الياقات البيضاء كالأطباء ومطوري البرمجيات والمهندسين وغيرهم إلى أوروبا خلال الشهر الماضي.