أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Sep-2017

هدوء الأسواق الظاهري يخفي ازدياد مشاعر اللبس والهشاشة
فايننشال تايمز - 
 
في الظروف العادية، سوق سندات الخزانة الأمريكية تبدو مملة كالمياه الراكدة. هذه الزاوية من التمويل الحكومي من المفترض أنها آمنة للغاية؛ إنها حيث يضع مديرو الأصول المملون نقودهم.
لكن هذه الأيام قليل هو الذي يبدو "طبيعياً" بالكامل في الأسواق - على الأقل حين يكون دونالد ترمب في البيت الأبيض. في وقت سابق من الأسبوع الماضي، العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل أربعة أسابيع ارتفعت فجأة نحو 1.3 في المائة، وهي خطوة مثيرة لم نشهدها منذ عام 2008.
ما أثار هذا هي المخاوف من أن إدارة ترمب ربما تفشل في تمديد سقف الدين الأمريكي البالغ 19.8 تريليون دولار، ما يؤدي إلى نفاد السيولة من وزارة الخزانة الأمريكية بحلول أوائل تشرين الأول (أكتوبر).
في الواقع، القلق كان مرتفعاً لدرجة أن صندوق فيديريتد إنفسترز، خامس أكبر صندوق للأموال المشتركة في أمريكا، أخبر "فاينانشيال تايمز" أنه يشعر بالقلق من شراء سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأمد، التي تكون مستحقة في منطقة الخطر، على الرغم من أنه عادةً ما يلتهمها. لكن بعدها توقفت مشاعر القلق بعد أن عقد ترمب صفقة مفاجئة مع زعماء من الحزب الديمقراطي لتمديد سقف الديون. عوائد سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأمد تراجعت كما ينبغي بما يزيد على 17 نقطة أساس، ما أعادها إلى مستويات شهدناها قبل شهر.
في بعض النواحي، هذا خبر سار. أثبتت أحداث الأسبوع الماضي للمستثمرين، مرة أخرى، أن إجراءات ترمب أضعف بكثير من تصريحاته (أو تغريداته). ناهيك عن حقيقة أن الرئيس أعلن في وقت سابق أنه يُمكن رفع سقف الديون فقط إذا موّل الكونجرس جداره على الحدود المكسيكية. هذا، كما يبدو، أصبح طي النسيان الآن.
لكن على مستوى آخر، ما حدث الأسبوع الماضي هو أيضاً مُقلق للغاية. عندما اندلعت أزمات سقف الديون في عامي 2011 و2013 لم تتأرجح سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأمد على هذا النحو. في الواقع آخر مرة شهدنا فيها تقلب سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأمد كان خلال الأزمة المالية.
لحسن الحظ لا يوجد شيء من هذا القبيل يحدث الآن. لكن ما حدث الأسبوع الماضي يكشف نقطة حاسمة: اليوم، كما هي الحال في عام 2008، تعترك الأسواق مع لعنة العيش في عالم "أليس في بلاد العجائب"، وهو مكان حيث من الصعب على نحو متزايد تسعير المخاطر لأن القواعد العادية يتم تمزيقها.
لنفكر في الأمر. في عام 2008، عندما اندلعت أزمة القروض العقارية لضعاف الملاءة، انقلبت افتراضات المستثمرين عن التمويل رأسا على عقب: المصارف "الآمنة" انهارت، والأسواق التي من المفترض أنها سائلة تجمدت، والأدوات ذات التقييم الائتماني العالي منيت بخسائر كبيرة. بعد ذلك في عام 2010، هذا الشعور بـ "عالم أليس في بلاد العجائب" انتشر إلى الاقتصاد، في الوقت الذي تحوّلت فيه أسعار الفائدة إلى سلبية. ولم يعرف أحد أين تكمُن الحدود.
الآن، هناك صدى لهذا يحدث في السياسة. ما لا شك فيه أن أجزاء من واشنطن لا تزال تبدو "طبيعية": كثير من المؤسسات تبقى قوية، وهناك أشخاص صارمون في البيت الأبيض يحاولون تعزيز الإصلاح الاقتصادي، وسياسة خارجية ثابتة، ويقول الرئيس إنه مُصمم على تجنّب العجز في الديون، أننا "دائماً سنوافق على زيادة سقف الديون" - حتى وإن كان هذا يعني إبرام صفقات مع الديمقراطيين.
لكن الرئيس أيضاً يتصرف بطرق تبدو متقلبة، ولا يُمكن التنبؤ بها، وضارة، على نحو متزايد. الأسبوع الماضي كان من المفترض أن يكون لحظة الرئيس لتأييد الإصلاح الضريبي. لكنه استحوذ بشكل غير متوقع على العناوين الرئيسة من خلال التركيز على الهجرة. في الشهر الماضي كان من المفترض أن يدعو الرئيس إلى مؤتمر صحافي للحديث عن إصلاح البنية التحتية. لكن هذا أبطلته تعليقاته عن الأحداث في شارلوتسفيل.
الآن يطلب فريق ترمب من الكونجرس الاستعداد لإقرار مشروع قانون ضريبي. لكن الرئيس طلب أيضاً من الكونجرس تقديم مشروع قانون للهجرة في غضون ستة أشهر، ما يُمكن أن يُعرقل كل شيء. في الوقت نفسه، أزمة كوريا الشمالية تُقدّم اضطرابات جديدة لترمب، والتحقيقات تتكثف في تعاملاته مع روسيا.
هذا يجعل من الصعب تماماً على المستثمرين تسعير المخاطر حول ما قد يحدث عندما تنتهي صفقة سقف الديون في 15 كانون الأول (ديسمبر)، أو في الواقع تسعير مخاطر رئاسة ترمب بمفهوم أوسع. موقع الرهانات "لادبروكس"، مثلا، يمنح حالياً فرصة بنسبة 50 في المائة أن تتم إدانة الرئيس، لكن أيضاً يُسمّيه المرشح المفضل للفوز بالانتخابات الأمريكية عام 2020. لم يعد المختصون يعلمون الأمور التي يمكن أن يستبعِدوا، أو أن يفترضوا حدوثها.
بالنظر إلى هذا، ليس من المستغرب أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأمد تأرجحت على نطاق واسع الأسبوع الماضي، وليس من المستغرب كذلك أن كثيرا من مديري الأصول يحوّطون محافظهم بهدوء، أو أن بعض رجال الأعمال الذين عملوا مع البيت الأبيض في وقت سابق من هذا العام يحاولون الآن حماية سمعتهم من خلال انتقاد الرئيس بشأن الهجرة. قد تبدو الأسواق هادئة ظاهريا، لكن مشاعر اللبس - والهشاشة – في ازدياد. سندات الخزانة التي ليست مملة إلى حد كبير هي النذير الذي يحذرنا من وجود خطر في البيت الأبيض.