أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Feb-2017

تعليقات ترامب عن النفط العراقي خطيرة

الغد-غريغوري أفتاندليان* –  (أراب ويكلي) 7/2/2017
 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
بالنسبة لترامب، يبدو كل شيء موضوعاً للصفقات والتبادل. وفي رأيه، إذا أنفقت الولايات المتحدة الكثير من المال في العراق، فسيكون من الطبيعي أن تأخذ النفط العراقي كجزء من الصفقة، وربما يحاول أن يبدو لطيفاً حين يقول: "سوف تكون لكم فرصة أخرى" لأخذ النفط العراقي في وقت ما في المستقبل.
*   *   *
خلال كلمته التي ألقاها في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه) في اليوم التالي لتنصيبه رئيساً، عرض دونالد ترامب جهلاً واسعاً بتاريخ الشرق الأوسط الحديث، وكشف عن الكيفية التي تستطيع بها تصريحات رئيس أميركي أن تغذي نظريات المؤامرة الخطيرة حول نوايا البلد.
وقال ترامب لجمهور من محترفي وكالة الاستخبارات المركزية إن الولايات المتحدة كان يجب أن تأخذ النفط العراقي عندما غزت البلد في العام 2003. واستشهد بالتعبير القديم "للمنتصر، تنتمي الغنائم"، وقال أنه يدافع عن هذه الفكرة "لأسباب اقتصادية".
وأضاف ترامب: "لو أننا احتفظنا بالنفط، فربما لم تكونوا ستشاهدون ‘الدولة الإسلامية’، لأن ذلك (النفط) هو الذي صنعوا منهم نقودهم في المقام الأول، ولذلك كان ينبغي أن نحتفظ بالنفط. ولكن، حسناً، ربما ستنالون فرصة أخرى".
وليست هذه هي المرة الأولى التي يدافع فيها ترامب عن مثل هذا الاستيلاء الاقتصادي، والذي يبدو مثل البدايات الإمبريالية للقرن العشرين. وكان قد قال الشيء نفسه فيما يدعى منتدى القائد العام في نيويورك في أيلول (سبتمبر) الماضي خلال ذروة الحملة الرئاسية في الولايات المتحدة.
بالنسبة لترامب، كل شيء تجاري وتبادلي. وفي رأيه، إذا كانت الولايات المتحدة قد أنفقت الكثير من الأموال في العراق، فإنه سيكون من الطبيعي أن تأخذ النفط كجزء من الصفقة، وربما كان يحاول أن يبدو لطيفاً بالقول: "سوف تنالون فرصة أخرى" لأخذ النفط العراقي في وقت ما في المستقبل.
تعكس هذه التعليقات جهل ترامب العميق بالتاريخ الحديث للشرق الأوسط، خاصة كيف دفع استغلال موارد النفط جزءاً كبيراً من الإمبريالية الأوروبية في المنطقة. ولا بد أن تكون هذه التعليقات قد جعلت محللي وكالة الاستخبارات المركزية يبدون مبتذلين ومثل الأطفال، وهم الذين يعتزون بفهمهم العميق لتاريخ وسياسات وثقافة بلد معين أو منطقة معينة.
قبل تأميم شركات النفط في الشرق الأوسط، كانت حصة الأسد من الأرباح تذهب إلى شركات النفط الغربية المدعومة من الحكومات الغربية. ويعرف أي شخص درس التواريخ الحديثة للعراق وإيران ودول الخليج الأخرى هذه الحقيقة جيداً.
كان النفط العراقي محتكراً لـ"شركة نفط العراق"، التي تشكلت في أواخر العشرينيات خلال زمن الانتداب البريطاني، وكانت تحت سيطرة شركات النفط البريطانية والفرنسية والهولندية والأميركية، بينما كانت الشركة الأنجلو-إيرانية (اليوم "بريتش بتروليوم") تمتلك احتكار النفط في إيران وكانت الحكومة البريطانية تمتلك 51 % منها.
وهكذا، استخدم القوميون والشيوعيون في العراق وإيران بفعالية قضية استغلال الموارد النفطية لإثارة مواطنيهم ضد الغرب. وكان الشعور بأن الغرب يأخذ النفط شائعاً جداً بين السكان.
ولذلك، فإن العودة إلى تلك الحقبة والقول بأن الولايات المتحدة كان ينبغي أن تنفذ استيلاء اقتصادياً لتأخذ نفط العراق ليس تصرفاً ساذجاً فحسب، وإنما ينطوي على حماقة سياسية كبيرة.
خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في العام 2003، كان هناك اعتقاد شائع جداً في المنطقة بأن هدف الولايات المتحدة كان الاستيلاء أو السيطرة على موارد العراق النفطية الكبيرة. وعلى الرغم من أن معظم الباحثين الذين درسوا تلك الحقبة في العمق خلصوا إلى أن عوامل أيديولوجية –الرغبة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط- كانت هي المهيمنة، أما النظرية عن استغلال النفط باعتباره السبب الحقيقي للغزو، فهي باقية ويستخدمها "داعش" و"القاعدة" كأدوات للتجنيد.
وبذلك، فإن وجود رئيس أميركي يقول بشكل أساسي أن الولايات المتحدة سوف تتأكد في المرة المقبلة من أنها سوف "تأخذ النفط"، يقوم بتغذية نظريات المؤامرة هذه ويرسم الولايات المتحدة بصورة سيئة للغاية.
على نحو لا يصدق، لم يتراجع فريق ترامب عن هذه التعليقات عندما أتيحت له الفرصة. وقال الناطق باسمه، سيان سبايسر، فقط إن ترامب "ملتزم بضمان أن أميركا، والشعب الأميركي، ودافع الضرائب الأميركي، سوف يرون بعض الفوائد، وضمان أن مصالحنا في الخارج ليست مجرد إرسال شيكات على بياض".
بعبارات أخرى، سوف يكون أخذ النفط من بلد آخر ببساطة مجرد صفقة تجارية مربحة مقابل تدخل الولايات المتحدة، من دون أي اعتبار للتداعيات السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، لم يأت ترامب وسبايسر على ذكر الكلف الهائلة التي سوف تكون متضمنة في احتلال بلد مثل العراق مرة أخرى من أجل أخذ النفط.
أثارت تعليقات ترامب انتقادات من المتخصصين في السياسة الخارجية من الجمهوريين. وقال جون نيغروبونتي، السفير الأميركي السابق في العراق والمدير السابق للاستخبارات الوطنية، إن الرئيس جورج دبليو بوش "عكف تقريباً في ذلك الوقت على عدم بذل جهد خاص لضمان وصول لنا إلى الموارد النفطية". لقد فهم بوش كم هي مسألة النفط بالغة الحساسية.
على نحو غير مستغرب، قال المتحدث باسم الرئيس السابق باراك أوباما في وزارة الدفاع، والذي غادر الحكومة الآن، إن على بيت ترامب الأبيض أن "يقول بوضوح إن الولايات المتحدة لن تأخذ نفط العراق. كل لحظة يستمر فيها ذلك التصريح يضع قواتنا هناك تحت خطر أكبر".
إن ما يهم حقاً هو كيف يتم النظر إلى تعليقات ترامب في العراق وفي المنطقة الأوسع. وقد قال عراقي من الطبقة الوسطى لوسائل الإعلام إن تعليقات ترامب "مخطئة بالكامل"، وهو شعور يتقاسمه معه، بلا شك، الملايين من مواطنيه.
 
*محاضر في كلية بارادي للدراسات العالمية في جامعة بوسطن، وهو محلل سابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Trump’s Comments about Iraqi Oil are Dangerous