أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-May-2017

لا سياحة من دون استقرار* عامر ذياب التميمي

الحياة-مثّل حادث الدهس والقتل قرب مقر البرلمان البريطاني في لندن تحدياً إرهابياً مهماً للأمن في لندن وبريطانيا، وربما للكثير من المدن الأوروبية الرئيسية. ولا شك في أن مثل هذا الحادث ستكون له آثار سلبية على اقتصادات السياحة، على رغم الإجراءات الأمنية الدقيقة والمُحكمة في بلد مثل بريطانيا. كما أن الأحداث الإرهابية في بلدان مثل فرنسا وبلجيكا وإسبانيا خلال السنوات الأخيرة، دفعت الحكومات في هذه البلدان وبلدان أخرى أوروبية وغيرها، إلى زيادة حرصها على إنجاز إجراءات واسعة النطاق للحؤول دون وقوع إحداث إرهابية جديدة. لكن البيانات الصادرة عن منظمة السياحة العالمية تشير إلى أن الإرهاب قد أحدث تراجعاً مهماً في تدفق السياح إلى بلدان عدة في العالم، ما أثر في إيراداتها من هذا القطاع. وأشار تقرير المنظمة الى أن بلداً مثل مصر واجه خلال السنوات 2010 - 2016 تراجعاً كبيراً في أعداد السياح تقدر نسبته بـ80 في المئة. فقد تراجعت الأعداد من 14 مليون زائر إلى 5 ملايين، في حين تراجعت العائدات من 140 بليون جنيه إلى 30 بليوناً، أو 1.6 بليون دولار. ولا شك في أن هذا التراجع ناتج عن التحولات السياسية وتفاقم الأوضاع الأمنية في البلاد منذ ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011.
 
لم تكن تركيا أحسن حالاً فإن الإرهاب ضرب مدناً كبيرةً مثل إسطنبول وغيرها من مدن وقرى تركية في جنوب وشرق البلاد وبعض المواقع الساحلية. ونتج عن هذه الأعمال الإرهابية وتزايد الأنشطة المعارضة للحكومة تراجع في أعداد السياح وكذلك إيرادات السياحة التي تدنت عام 2016 إلى 22 بليون دولار، بعد أن كانت تناهز 31 بليون دولار في أعوام سابقة. وربما لن تتمكن تركيا من تحسين جاذبيتها السياحية ما لم تتحسن علاقاتها السياسية بالبلدان الأوروبية، على رغم تحسن العلاقات مع روسيا التي مثلت مصدراً مهماً للسياح.
 
وتواجه تركيا تحديات أمنية من منظمات الإرهاب الإسلامية المتطرفة ومن تنامي الصراع مع الأكراد في مناطقهم جنوب شرق البلاد، وعدم تسوية النزاعات في شأن مطالبهم. كذلك هناك المعارضة المدنية لتوجهات «حزب العدالة والتنمية» ومحاولات تقليص نطاق الحريات والممارسات الديموقراطية. وتتمتع تركيا بجاذبية سياحية طبيعية وتمتلك مقومات مؤسسية وبنية تحتية شجعت الكثير من المستثمرين على توظيف الأموال في قطاع السياحة والقطاع العقاري. وقد أقدم مستثمرون من بلدان الخليج على شراء عقارات وتطوير مبانٍ وفنادق. وهناك تدفق سياحي مهم من بلدان الخليج إلى تركيا خلال السنوات الأخيرة، لكن هل يستمر هذا التدفق في ظل أوضاع سياسية مبهمة وتحديات أمنية واضحة؟
 
تظل السياحة قطاعاً اقتصادياً حيوياً حيث كانت مساهمة هذا القطاع عام 2016 نحو 7.2 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي. وخلق القطاع ما يربو على 284 مليون وظيفة، بما يعني وظيفة في هذا القطاع لكل 11 وظيفة في العالم. ويعني ذلك أيضاً أن قطاع السياحة يمثل 10 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي.
 
وغني عن البيان أن حيوية هذا القطاع في أي بلد في العالم تستلزم عناصر عدة من أهمها الأمن والاستقرار السياسي. لكن هناك عناصر أخرى تتمثل بتوافر بنية تحتية ملائمة مثل المطارات والموانىء والطرق الحديثة والخدمات الإرتكازية الأساسية. يضاف إلى ذلك أن اليد العاملة المؤهلة مهمة للعمل في هذا القطاع الخدمي وكذلك ضرورة التحلي بسمات الضيافة. ويمكن أن تتوافر في عدد من البلدان مواقع سياحية مهمة ومناظر طبيعية جذابة وفنادق مميزة وغير ذلك من أساسيات بنيوية، ولكنها تفتقر إلى يد عاملة مؤهلة ما ينتج عنه عزوف عن الزيارة. وما تواجهه مصر وتونس في الوقت الراهن تحديات مهمة تتطلب معالجات للأوضاع الأمنية بما يعزز تدفق السياح. ولكن هناك أيضاً ضرورة لمواجهة متطلبات الجذب الأخرى.
 
 
 
 كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية