أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    04-Mar-2021

الشركات الحكومية التونسية تحتاج إلى خطة انقاذ عاجلة لمواجهة تراكم ديونها وخسائرها وسط غياب الاستقرار السياسي

 أ ف ب: تواجه الشركات الحكومية التونسية ومن بينها شركتا «الخطوط الجوية» و»فسفات قفصة» مصاعب بسبب تراكم الديون والخسائر وسط غياب الاستقرار السياسي في البلاد وأعباء التوظيف العشوائي، في أزمة فاقمها تفشي وباء كوفيد-19.

وتدير الحكومة التونسية 110 شركات تنشط في قطاعات النقل والصناعة والخدمات وغيرها. ولكن منذ عام 2011، لم يتماش الانتقال الاقتصادي مع الانتقال الديموقراطي في البلاد، بل تفاقمت أعباء هذه الشركات، خاصة «الخطوط الجوية» و»فسفات قفصة» اللتان كانتا مصدراً مهماً للعملات الصعبة لخزائن الدولة.
وقال وزير النقل معز شقشوق في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي «اليوم نتحدث عن مخططات لإنقاذ (هذه الشركات) وليس لإصلاحها فقط»
وتُشغِّل مجموعة «الخطوط الجوية» نحو 8 آلاف موظف وتسيّر الشركة 27 طائرة، سبع منها فقط في حالة استعمال. وفي خطوة للإصلاح واعادة الهيكلة، عرضت الحكومات المتعاقبة ثلاثة مخططات إصلاح على مجالس وزارية منذ 2012 ولم تنفذ.
وتراجع رقم معاملاتها في العام 2020 بنسبة 70 في المئة (حوالي 340 مليون يورو) بسبب الجائحة، كما نزل عدد المسافرين إلى مستوى مليون مسافر فقط وبذلك وصلت ديونها 955 مليون دينار (حوالي 292 مليون يورو).
من بين مقترحات الإصلاح تسريح 1200 موظف على دفعات، من مجموع ألفين تم انتدابهم خلال العشر سنوات الفائتة، بهدف التخفيف من أعباء كتلة الأجور التي ناهزت 200 مليون دينار (61 مليون يورو) في العام 2020.
إلى ذلك، لم تتمكن شركة «فسفات قفصة»المتخصصة في استخراج وتحويل مادة الفسفات وتصديرها، بلوغ مستوايات الإنتاج التي كانت تحققها ما قبل 2011 والتي ناهزت 8.2 مليون طن في العام 2010، وبلغت خلال العشر سنوات الفائتة نحو 4 ملايين طن كأقصى تقدير لعام 2017.
ويعود سبب التراجع أساسا إلى توقف عمليات استخراج الفسفاتفي منطقة الحوض المنجمي في محافظة قفصة (وسط-غرب) بسبب الاحتجاجات والاعتصامات المطـالبة بالتشـغيل.
والشلل الذي أصاب هذا القطاع لم يكلف الدولة خسائر مالية هامة فقط ،بل دفعها أيضا وفي سابقة إلى اللجوء إلى استيراد هذه المادة من الجزائر في سبتمبر/أيلول الفائت لأنها تستخدم كسماد أساسي في الزراعة.
يعتبر وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي، محسن حسن، أن التعيينات العشوائية التي تم إقرارها بعد الثورة عام 2011 في هذه المنشآت الحكومية تعكس «سوء حوكمة وسوء تصرف، وبذلك تزايدت المصاريف وتدحرجت ككرة الثلج من سنة إلى أخرى» في هاتين الشركتين.
وحاولت الحكومات المتعاقبة منذ العام 2011 ان تلبي أحد أهم مطالب الثورة المتمثلة في التشغيل، وفتحت باب التعيينات في المؤسسات الحكومية التي كانت رافعة لاقتصاد البلاد، لتضمن مقابل ذلك – ولو بشكل مؤقت – سلماً اجتماعياً.
ويضيف حسن «شهد قطاع الفسفات مساراً تراجيدياً خلال بضع سنوات، وتراجعت البلاد من التصنيف الخامس من بين أكبر الدول المنتجة إلى المركز 12 عالمياً وخسرت أسواقاً».
إلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي حكيم بن حمودة أن الشركات الحكومية «كانت تعاني حتى قبل 2011، وإثر ذلك ومن منطلق ان الحكومة حاولت شراء السلم الاجتماعي عبر التوظيف في هذه الشركات، تفاقمت مشاكلها».
يذكر أن البلاد شهدت على الصعيد السياسي مخاضاً متواصلاً، إذ تداولت تسع حكومات على السلطة، ولم تعرف استقرارا على مستوى التسيير، وظلت ملفات الإصلاح مفتوحة دون الشروع في خطوات التنفيذ.
يؤكد بن حمودة أن «غياب الاستمرارية في العمل الحكومي وعدم الاستقرار السياسي منذ الثورة من أهم العوامل التي تحول دون الإصلاح».
ومن بين أهم المؤشرات الدالة على تأزم الوضع داخل «الخطوط الجوية» انه لم يتم تعيين مدير عام لها ا منذ منتصف العام الفائت إلى حدود مطلع 2021، حين تولت أُلفة الحامدي المهمة ليتم بعد شهرين إقالتها اثر خلاف حاد مع «الاتحاد العام التونسي للشغل» وبعدما قامت شركة تركية-فرنسية بتجميد حسابات الشركة تبعا لقرار قضائي لأنها لم تسدد ديوناً متراكمة منذ مدة طويلة.
يقول المحللون أن لجوء الدولة إلى حلّ التوظيف في هذه المؤسسات لامتصاص غضب الشعب، سرعان ما قابلته دعوات متكررة من المانحين الدوليين بضرورة مراجعة هذه القرارات والاسراع بإصلاحات ضرورية للشركات.
وأمس الأول دعا كريس غيريغات، رئيس بعثة «صندوق النقد الدولي» إلى تونس، في مؤتمر صحافي السلطات التونسية إلى «تقليص تحويلات الدعم للمؤسسات العمومية والتي تدار بسوء تصرف» بالإضافة إلى «إعداد إستراتجية للإصلاح».
وأظهر تقرير تخفيض تصنيف ديون البلاد من قبل وكالة «موديز» مطلع الأسبوع الفائت، من «بي2» إلى :بي3» وبآفاق سلبية، أن الضمانات التي تمنحها الدولة للشركات العمومية، التي مثلت 15 في المئة من الناتج الداخلي الخام في العام 2020، تمثل «عامل خطر إضافي».
ويؤكد محسن حسن أن الخروج من الأزمة «يتـطلب عـقداً اجتماعـياً جديداً يحدد التوجهات الإسـتراتـجية والاقتـصادية للدولة ودورها للمحـافظة على هـذه المؤساسـات» بينما دعا بن حمودة إلى «اعلان حالة طوارئ اقتصـادية».
لكن الوضعية السياسية الشائكة التي تمر بها البلاد قد تحول دون ذلك، خاصة في ظل استمرار النزاع في قضية التعديل الحكومي المعلّق.