أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2018

قصة اقتصاد وطني مهدد من قلة *رومان حداد

 الراي-يحتل الموضوع الاقتصادي بتفاصيله المختلفة من فقر وبطالة وارتفاع الأسعار مساحة واسعة من تفكير المواطن الأردني، وتحتل هذه التفاصيل المراتب الأولى على سلم أولوياته. ويبدو أن الأردنيين بمختلف أطيافهم أدركوا أن الأردن يواجه تحدياً اقتصادياً غير مسبوق، حيث لا يقف اليوم الأردن مسنوداً بدعم اقتصادي خارجي يتواءم مع احتياجاته المتغيرة، وأن ما كان يقال منذ منتصف ستينات القرن الماضي حول ضرورة بناء اقتصاد وطني يعتمد على ذاته وليس على المعونات والمساعدات الخارجية بات اليوم حقيقة أكثر منه ضرورة.

 
وتأخذ نظرية الاعتماد على الذات في الأردن اليوم مدى واسعاً كإحدى الوصفات الأساسية التي من الضروري اتباعها للخروج من عنق الزجاجة اقتصادياً، وهو ما يعني ضرورة تطوير بيئة الاستثمار بحيث تصبح جاذبة لاستثمارات كبرى وطنية وأجنبية، مما يوفر فرص عمل للعاطلين عن العمل ويقلل نسبة الفقر في عدد من المناطق التي تشكل جيوباً للفقر في الأردن، وهو ما يتطلب تضافر جهود عدة أطراف كي ينتقل الكلام من الحبر على ورق إلى فعل على أرض الواقع.
 
وتبرز اليوم تجربة جديدة تحمل في طياتها بذور النجاح، وفرصاً عدة، إذا ما تحققت، ستكون بوابة اعتماد الأردن على ذاته، وترسم طريقاً واضحة للخروج من المأزق الاقتصادي، هذه التجربة هي شركة تطوير وادي عربة، حيث تقوم هذه الشركة الحكومية على فكرة مفادها إدارة المناطق الواقعة تحت وصايتها القانونية، وفي ذات الوقت جذب الاستثمار الوطني والأجنبي للمنطقة بما تحمله من فرص استثمار حقيقية، تنهض بالمستوى المعيشي لسكان المنطقة وتصبح واجهة استثمارية ترفد الاقتصاد الوطني ككل.
 
الشركة حديثة الولادة، ومنذ ما يقارب العام وضعت تصورات عدة للاستفادة من منطقة وادي عربة بأفضل الصور الممكنة، وبدا وكأن المنطقة قد بدأت تجذب أنظار بعض المستثمرين، وبدأ الكلام جدياً حول مجموعة من المشاريع الاستثمارية التي ستوفر فرص عمل لسكان المنطقة، وكذلك ستحول المكان تدريجياً إلى وجهة استثمارية كبرى، فهناك مشروع لمصنع أسمدة، وآخر لتعليب وتغليف الخضروات والفواكه، وغيرهما الكثير.
 
ورغم ما تفتحه الشركة من فرص حقيقية للوصول إلى الاعتماد على الذات، وما يمكن أن تصبحه كقصة نجاح أردنية في مجال الاستثمار، إلا أن ما تواجهه الشركة من تحديات يفوق التوقع، حيث تبدو العوائق المركبة وكأنها ممنهجة لإفشال هذا المشروع، كما تم إفشال غيره، وهو ما يفتح باب السؤال على مصراعيه حول مدى جدية الدولة بإنجاح حالة الاعتماد على الذات اقتصادياً.
 
اليوم تواجه الشركة حالة من الضعف لدى أجهزة الدولة المختلفة في مواجهة مجموعة من المطالبات التي يتقدم بها بعض الأهالي معتقدين أن مطالباتهم تكتسب الشرعية بسبب علو الصوت والقدرة على تعطيل العمل وحالة السكوت المترافقة لسلوكهم من قبل الدولة، متناسين أن أي ضرر بهذه الفرص الاستثمارية سيرتد ليكون المجتمع المحلي هو الخاسر الأكبر.
 
وحين ننظر عن كثب إلى ما يحدث في وادي عربة، حيث يُطالب الأهالي بأراضٍ من الدولة، ويمنعون العاملين في المشاريع من الوصول إلى مقرات عملهم، ويمنعون المستثمرين من الوصول إلى بعض الأماكن التي يعتقدون أنها الملائمة لإقامة استثماراتهم ويعتدون عليهم، كل ذلك دون مواقف حاسمة من الدولة بأجهزتها المختلفة فإننا نتساءل عن السبب؟
 
هل فعلاً ما زال الأردنيون لا يثقون بوعود الاستثمار ذات الطابع الحكومي، لكثرة ما تم وعدهم به دون أن يروا شيئاً على أرض الواقع، وهل فعلاً ما زالت الدولة الأردنية تشعر بالضعف في مواجهة أهالٍ يدعون الغضب ويلوحون تهديداً في وجه الدولة، وهل فعلاً نحن قادرون على تحمل نتائج ضياع فرصة أخرى لجذب الاستثمار والانطلاق برحلة الاعتماد على الذات؟
 
على الدولة اليوم الانتصار لمشروعها، والعمل بصورة حقيقية لكل ما يحقق رؤيتها لجذب الاستثمار وتحقيق الاعتماد على الذات، واعتبار كل من يقف في وجه ذلك عدواً حقيقياً للدولة ويهدد مصالحها العليا، ويؤثر بصورة سلبية على مستقبل الأردن.