أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Jul-2019

السراب الذي يصر مستثمرو سوق الأسهم على اللحاق به
أرقام - يعد "استثمار القيمة" أحد أكثر فلسفات الاستثمار شهرة في العالم، وذلك ربما لأن هذا المصطلح يتم استخدامه في وصف الاستراتيجية الاستثمارية التي ينتهجها عدد من أنجح المستثمرين في التاريخ، مثل "وارن بافيت" و"بيتر لينش".
 
نظرياً أو على الورق، تبدو الفلسفة الكامنة وراء استثمار القيمة بديهية جداً. فالمبدأ الأساسي الذي تقوم عليه فكرة استثمار القيمة هو شراء المستثمر للسهم بخصم على قيمته الجوهرية، مما يسمح له بتحقيق مكاسب بمجرد ارتداد القيمة الجوهرية إلى الأعلى لتتساوى مع السعر السوقي للسهم أو تتجاوزه.
 
 
ولكن المعضلة الأشهر التي تواجه الراغبين في تبني هذه الاستراتيجية هي كيفية تحديد القيمة الجوهرية للسهم. فبدون معرفة القيمة العادلة للسهم سيكون من المستحيل علينا تحديد ما إذا كان مقيماً بأعلى من قيمته الجوهرية أو دونها.
 
 
المعادلة السحرية
 
 
كمحاولة للتغلب على تلك المعضلة تم تطوير الكثير من المعادلات والصيغ الرياضية سواء من جانب أكاديميين أو مستثمرين غرضها تحديد القيمة الجوهرية للسهم. ولكن هذه المعادلات والصيغ أصبحت إشكالية لأنه ينظر إلى نتائجها من جانب الكثير من المستثمرين على إنها دقيقة بطبيعتها.
 
 
هذا الوضع هو السبب وراء اقتناع عدد كبير من المستثمرين بأن هناك صيغة أو معادلة ما سحرية بإمكانها أن تدلهم على أفضل الأسهم. فالطبيعة البشرية تدفعنا للبحث عن حلول بسيطة للمشاكل مهما كانت معقدة. وبالنظر إلى الطبيعة المعقدة لمجال الاستثمار، قد يكون من الطبيعي أن يشعر الناس أن الصيغة أو المعادلة فقط بإمكانها أن تؤدي إلى النجاح في الاستثمار.
 
تعتمد بعض المعادلات على التحليل الفني، حيث تحاول التنبؤ بالأسعار المستقبلية للأسهم استناداً إلى التحركات السعرية السابقة، وبعضها يعتمد على الأساسيات مثل مكرر الربحية ومضاعف القيمة الدفترية ومعدلات نمو الأرباح والمبيعات وعوائد الأرباح.
 
 
في كتابه الشهير "هامش الأمان" يشير "سيث كلارمن" إلى أنه على الرغم من الجهود الهائلة التي بذلت في وضع مثل هذه الصيغ إلا أنه لم يثبت نجاح أي منها.
 
 
التبسيط المخل
 
 
واحدة من أشهر الصيغ التي يستخدمها الكثير من المستثمرين هي "مكرر الربحية" أو حاصل قسمة سعر السهم على نصيبه من الأرباح. والشائع بين الناس هو أنه كلما قلت قيمة مكرر الربحية كلما كان ذلك أفضل لأن هذا يعني أن ذلك السهم رخيص.
 
 
مشكلة صيغة مثل مكرر الربحية هي أنها خادعة جداً، وتظهر عكس ما تبطن، بمعنى أنه لا يوجد ارتباط شرطي بين قيمة هذه النسبة وبين كون السهم رخيصاً أم لا. فعلى سبيل المثال قد يكون سبب ارتفاع قيمة مكرر الربحية لسهم ما هو ثقة السوق بإدارة الشركة، أو وجود توقعات إيجابية لديه حول الأرباح المستقبلية للشركة.
 
 
 سهم مثل هذا لا يمكن اعتباره غالياً حتى لو تجاوز مكرر الربحية الخاص به المتوسط الخاص بالصناعة.
 
 
 
 
 
من الصيغ الشائعة أيضاً في تحديد القيمة الجوهرية للسهم هو نموذج التدفقات النقدية المخصومة (DCF). وما يحاول هذا النموذج فعله بشكل أساسي هو تقييم الشركة بناءً على التدفقات النقدية المستقبلية المتوقع أن تولدها الشركة لمستثمريها أو بناءً على التدفقات النقدية الحالية بافتراض ثباتها في المستقبل.
 
 
للوهلة الأولى تبدو هذه طريقة منطقية جداً لتقييم الشركات. فبما أن المستثمر هو في الحقيقة مالك لجزء من الشركة فهو يحق له الحصول على حصة من تدفقاتها النقدية المولدة تناسب حجم ما يملكه من الشركة. وبالتالي فإن قيمة الشركة تساوي قيمة التدفقات النقدية التي تولدها للمستثمر.
 
 
وعلى الرغم من أن هذا النموذج من الممكن أن يكون مؤشراً جيداً على القيمة إلا أنه يحوي الكثير من العيوب التي يغفل عنها كثير من المستثمرين. وأهم هذه العيوب على الإطلاق هو أن مدخلاته هي في الحقيقة ليست سوى تقديرات نسبية لا يمكن الجزم بمدى دقتها مما يفتح مجالاً للأخطاء التي تقود إلى نتائج غير دقيقة.
 
 
 
 
 
الفكرة باختصار هي أن سوق الأسهم سوق معقد للغاية، ولا يمكن تبسيط عملية الاستثمار فيه إلى صيغة أو معادلة واحدة. وحتى لو افترضنا أنه خرج علينا أحدهم غداً بصيغة بإمكانها تحديد أفضل الفرص الاستثمارية فسرعان ما سيتم تطبيق تلك الصيغة من قبل الآخرين، ولن يطول الوقت قبل أن تفقد أي ميزة نسبية تمتلكها، ليبدأ البحث عن صيغة أخرى من جديد.
 
 
هذا ما يقوله حكيم سوق الأسهم
 
 
كل الصيغ والمعادلات الاستثمارية الموجودة في السوق مفيدة بشكل ما، ولكن المشكلة تبرز حين تتم معاملة هذه المعادلات وكأنها الخريطة التي سترشدك إلى الكنز المدفون.
 
 
وهذا بالضبط ما أكده "تشارلي مونجر" نائب رئيس شركة "بيركشاير هاثاواي" ورفيق درب "وارن بافيت" أثناء حديثه بالمؤتمر السنوي لمساهمي الشركة في عام 2018، حيث قال: "لقد أصبح من الصعب أن تجد بسهولة في السوق الأمريكي استثمارات ذات قيمة، وذلك لأن العالم أصبح أكثر تنافسية."
 
 
وتابع "مونجر" حديثه قائلاً "إن هناك الآن طرقًا مختلفة للبحث عن استثمارات ذات قيمة، مثلما توجد هناك أماكن مختلفة للصيد. لقد أصبحنا مضطرين للبحث في أماكن مختلفة وبوسائل أخرى، ولكننا في النهاية مستثمرو قيمة".
 
 
 
 
 
في ذات الاجتماع سُئل "مونجر" و"بافيت" من قبل أحد المستثمرين الفضوليين عما إذا كانا يستخدمان صيغة أو معادلة معينة لتقييم الشركات أو قياس مدى ربحية الاستثمارات، ليرد "مونجر" قائلاً "لا يمكنني أن أرشدك إلى صيغة أو معادلة معينة لأنني ببساطة لا أستخدمها. أنا فقط أخلط بين عوامل كثيرة، وإذا لم تكن الفجوة بين السعر والقيمة جذابة بما يكفي، أصرف النظر عن السهم".
 
 
ضرب "مونجر" مثالاً باستثماره في شركة التجزئة الأمريكية "كوستكو"، حيث أشار إلى أن ذلك السهم كان يباع مقابل مكرر ربحية قدره حوالي 12 أو 13 مرة.
 
 
يقول "مونجر" بالنسبة لي كان ذلك السهم رخيصاً لدرجة تبعث على السخرية، وذلك بالنظر إلى القوة التنافسية الصلبة للشركة، وكان من المرجح أن تستمر الشركة في التحسن باستمرار. هكذا استنتجت أن ذلك السهم رخيص واستثمرت به، ولا يمكنني أن أرشدك إلى معادلة تساعدك على استنتاج ذلك، لأنه لا توجد واحدة.
 
 
وربما أفضل ما نختم به هذا التقرير هي العبارة التي ختم بها "مونجر" إجابته عن ذلك السؤال، حيث قال: "إذا كنت تريد صيغة أو معادلة ترشدك إلى أفضل الاستثمارات فعليك العودة إلى الجامعة، فسوف يعطونك هناك الكثير من الصيغ والمعادلات التي لن تنجح".