أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Jun-2018

حكومة الرزاز والعقد الاجتماعي الجديد *د. عدلي قندح

 الراي-الاجماع على شخص رئيس الوزراء المكلف الدكتور عمر الرزاز منقطع النظير منذ سنين طويلة خلت. فالرزاز يحظى باحترام واسع بين كافة شرائح المجتمع ومكوناته ، سواء مواطنين افراد أم شركات أم مؤسسات مجتمع مدني أم طبقة سياسية أم فعاليات اقتصادية او اجتماعية. هذا الاجماع يُحمله مسؤولية كبيرة. وقُرب الرزاز من الشعب والشباب بشكل خاص يمكنه من الاستماع الى أوجاعهم وآرائهم بانفتاح وقبول واسعين.

 
ما يحتاجه الوطن في هذه المرحلة حكومة قريبة من الشعب تسمع لصوت العقل والمنطق والتحليل العلمي الدقيق والصحيح، وبنفس الوقت تسمعأنين ووجع عامة الناس في مختلف المناطق والمحافظات وخاصة شريحة الطبقة الفقيرة التي لسعتها تبعات السياسات الحكومية وخاصة الاقتصادية منها. حكومة تسمع لصوت الطبقة المتوسطة التي لها الدور الاكبر في تحريك عجلة الاقتصاد اذا ما حسن المحافظة عليها وليس كسر شوكتها والضغط عليها.
 
لا شك أن طروحات وروئ كتاب التكليف تلاقت وتطابقت بشكل كبير ومباشر مع طروحات ومطالب الحراك الشعبي وطروحات مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات. فالمطلوب، بعد مضي مائة عام على تأسيس الدولة، هو اطلاق عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمواطنين، مبني على أسس سياسية مدنية ونظام اقتصادي انتاجي، وذلك من خلال اطلاق مشروع نهضة وطني شامل يرتكز على تمكين كافة الاردنيين من خلال تحفيز طاقاتهم الكامنة، وهذا يبدأ من المنزل والحضانة والمدرسة ويستمر في الجامعة ومكان العمل عن طريق تجميع الطاقات المكتشفة واعادة صهرها واكتشاف الطاقات غير الظاهرة وابرازها. وهذا الامر يقع على عاتق الجميع من هيئات ووزارات ومؤسسات مجتمع مدني.
 
هناك توافق عام أن مفتاح الحل للمعضلات التي يواجهها الشباب هو النمو الاقتصادي، لذلك فان أولى أولويات هذه الحكومة تحفيز النمو الاقتصادي الذي يخلق فرص عمل حقيقية للشباب في مختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة غير التقليدية منها، أي تلك التي استحدثتها الثورة الصناعية الرابعة.
 
ان النهضة الوطنية الشاملة لا يمكن أن تتحقق دون أن تعصف بالكثير من المسلمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة، على أن يكون العصف بتلك المسلمات وفقا لتوافق وطني شامل، وهذا يتطلب اجراء حوار وطني شامل، تبدأ بعده انطلاقة المملكة من جديد بعد مأئة عام على تأسيسها.
 
وحتى تكون النهضة حقيقية وتقوم على أسس متينة يجب أن يكون نتاج الحوار الوطني الشامل مرتكز على اجراء مراجعة شاملة لبعض مواد الدستور التي تفتح المجال واسعاً للتغيير الشامل وللانطلاقة الجديدة للمملكة، ويليها مراجعة شاملة لقوانين الانتخاب الاحزاب ولمجمل القوانين الاقتصادية وخاصة تلك التي تمس حياة وجيب المواطن مباشرة، مثل قوانين الضريبة والجمارك والشركات. ولا بد أيضا من مراجعة منظومة العمل الاداري الحكومي ودور المؤسسات الوطنية من خلال دمج بعضها والغاء بعضها الاخر. ولا يجوز أن يكون هناك تمييز بين مناطق المملكة فنعطي اعفاء لشركة داخل سور وحرمان نفس الاعفاء عن شركة أخرى كونها خارج ذلك السور لحجة أو لأخرى.
 
المنظومة الضريبية في المملكة يجب أن تتصف بالعدالة فتنصف جميع الاطراف التي تتأثر بها من خزينة وقطاعات عمل وعمال ومواطنين، بحيث لا تتغول مصالح جهة على أخرى.
 
أساس النهضة يجب أن يكون بالانتقال من مفهوم الدولة الريعية التي تعتمد على المساعدات والمنح والهبات من القطاع العام، الى الدولة الانتاجية التي يقودها قطاع خاص كفؤ لا يعتمد على علاقة زبائنية مع الدولة تعزز الفساد. ولتحقيق ذلك لا بد من تكبير حجم القطاع الخاص في الاقتصاد وتقليص حجم ودور القطاع العام في الاقتصاد من مستويات تصل الان الى حوالي 40 بالمئة من الاقتصاد الاردني الى مستويات لا تتجاوز 15 بالمئة، تمكنه للقيام بدوره الصحيح. فهذا من شأنه تخفيف العبء عن خزينة الدولة والالقاء بالحمل والمسؤولية على القطاع الخاص. وحتى يقوم القطاع الخاص بدوره في الاقتصاد لا بد أن يلقى كافة أشكال التحفيز والتشجيع والاستقطاب ليقدم منتجات وخدمات جديدة باسعار منافسة ليس فقط على المستوى المحلي وانما الاقليمي والعالمي،فتنعكس ايجابيا على كافة شرائح المواطنين. على أن يتصاحب ذلك بخلق شبكة امان اجتماعي تكون من مسؤولية الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني تحمي شريحة المجتمع الضعيفة. وبذلك فنحن نتحدث عن اقتصاد سوق اجتماعي انتاجي فعال.
 
الشعب الاردني نزل للشارع وأرسل اشارات مباشرة وغير مباشرة، ورأس الدولة، الملك عبدالله الثاني، كان فخوراً بذلك، وأخذ المبادرة فاقال الحكومة وكلف رئيساً يحظى بقبول واسع وخبرة واسعة. فاذا نجح الرئيس المكلف في تشكيل حكومته بعناصر تؤمن بالتغيير يبقى الجانب الاخر الذي يحتاج الى اصلاح والتشرهو بعض جوانب التشريع الذي يمكن المملكة من ايجاد عدد قليل وفعال من الاحزاب بقوانين انتخاب واحزاب عصرية. الفرصة كبيرة والجميع متهيء للتغيير المستدام الذي طال انتظاره. والكل يعرف ماذا يحتاج الاردن بهذه المرحلة: عقد سياسي واجتماعي واقتصادي جديد. اطلق الشعب الاردني صفارة الانذار وكانت البداية للعمل الجاد والجدي في التغيير المستدام باقالة الحكومة وتكليف رئيس مؤمن بالتغيير.
 
الشعب يريد التغيير، والملك يريد التغيير، والرئيس المكلف يؤمن بالتغيير، فلا بد للتشكيلة الحكومية أن تكون مقتنعة بالتغيير وأن تقوده وأن تكون قادرة عليه. حمى الله الاردن وقيادته وشعبه العظيم.