أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2018

سيطرة روسيا على غاز المتوسط*عدنان كريمة

 الحياة-على رغم إجراءات المقاطعة منذ أزمة أوكرانيا في عام 2014، قفزت صادرات شركة «غاز بروم» الروسية 8 في المئة العام الماضي، إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق لتبلغ 194 بليون متر مكعب، بفضل زيادة الطلب وانخفاض الأسعار. وسجلت حصتها رقماً قياسياً بلغت نسبته 35 في المئة. وتتوقع الشركة، وهي أكبر منتج ومصدر للغاز أن ينعكس «التخلف عن مواكبة التطورات المتسارعة سلباً على أداء القطاع السياحي والفندقي على مستوى المنطقة في العالم، وأن يرتفع الرقم إلى أكثر من 40 في المئة، بمرور الوقت، مع ارتفاع طلب أوروبا وانخفاض الإنتاج في هولندا وبريطانيا، والتباطؤ المحتمل لنمو إنتاج النروج.

 
وبما أن إمدادات الغاز الروسي لأوروبا أصبحت مسألة سياسية، والغرب يتهم روسيا باستخدام هذه المادة كسلاح «استراتيجي»، فإن موسكو بدورها ترد الاتهام على الغرب، في وقف مشاريعها الجديدة لإنشاء خطوط أنابيب، لأسباب سياسية واقتصادية. وفي الوقت ذاته حذرت أوروبا من السعي إلى الاعتماد على واردات الغاز الأميركي لتغطية الطلب المتزايد، بدلاً من زيادة مشترياتها من روسيا، خصوصاً أن إدارة الرئيس ترامب تنوي تحقيق العدالة والتوازن في أسواق الطاقة، بعرض غاز أميركي على أوروبا وآسيا، بهدف تقليص ما أطلقت عليه «القوة المشوهة للسوق»، لجهات فاعلة مثل روسيا ودول «أوبك».
 
تأتي هذه التطورات في وقت سجلت موسكو إنجازات إيجابية في الصراع الدولي والإقليمي على أسواق الغاز العالمي، لا فقط على غاز المتوسط، مستفيدة من نفوذها المتزايد في المنطقة العربية، وتطورات مصالحها السياسية والاقتصادية مع تركيا، فضلاً عن تحالفها الكبير والمتين جداً مع الصين.
 
ينطلق الاهتمام الروسي من أن القرن التاسع عشر كان «قرن الفحم»، وجاء بعده «النفط» في القرن العشرين، ونعيش حالياً في القرن الحادي والعشرين، حيث يشكل الغاز مادة الطاقة الرئيسة، سواء لجهة البديل الطاقوي نتيجة تراجع احتياط النفط عالمياً، أو لجهة أهمية الطاقة النظيفة. ولذلك فإن السيطرة على مناطق احتياط الغاز في العالم، يعد بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.
 
وبما أن حوض البحر المتوسط هو بين المناطق «الأغنى» في العالم بالغاز، ومن يملك سورية، يملك الشرق الأوسط، وبوابة آسيا، ومفتاح بيت روسيا (بحسب كاترين الثانية)، وأول طريق الحرير (بحسب استراتيجية الصين)، فهو يستطيع أن يتحكم بالنظام الاقتصادي العالمي. ومن هنا يمكن معرفة الأسباب الحقيقية لتمسك روسيا بوجودها في سورية والذي قد يمتد إلى أكثر من 100 سنة، بموجب اتفاقات وقعتها مع نظام بشار الأسد، وهي مستعدة لخوض حرب عالمية من أجل استمرار نفوذها والحفاظ على مصالحها في هذه المنطقة الحيوية.
 
منذ نحو 27 سنة، وبالتحديد بدءاً من تسعينات القرن الماضي، تسارعت وتيرة استكشاف النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، انطلاقاً من حوض النيل في المنطقة الاقتصادية المصرية الخالصة، إلى حوض المشرق، أو كما سماه جغرافيو العرب بـ «حوض الشام»، ويغطي مياه غزة وفلسطين وشرق قبرص وسورية ولبنان. واستناداً إلى نتائج أعمال هذه الاكتشافات، بخاصة تلك التي أجرتها المؤسسة الأميركية للمسح الجيولوجي والتي شملت مساحة 83000 كيلومتر مربع، تم تقدير متوسط موجودات الغاز الطبيعي بنحو 122 تريليون قدم مكعبة، والسوائل بنحو 1.7 بليون برميل.
 
لم تتوقف أعمال الاستكشافات عند نتائج الجانب الأميركي، فقامت دول المشرق وحوض النيل بإجراء مسوحات جيوفيزيائية لعشرات آلاف الكيلومترات المربعة، وحفر عشرات آبار الاستكشاف والإنتاج، توج آخرها باكتشافات تتجاوز 32 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في حقل «ظهر» من رقعة شروق الواقعة شمال حوض النيل المصري. وتقوم شركة «إيني» الإيطالية بتطوير هذا الحقل الذي يتوقع أن يبدأ الإنتاج في 2019، ليصبح مركزاً إقليمياً للغاز في شرق المتوسط. وهي تخطط لاستخدام منصة وأنابيب عند الحقل لتصبح محور الصادرات بعد ربطه بحقول قريبة وذات احتياطات محدودة نسبياً، ولا تملك الجدوى الاقتصادية الكافية للتصدير إلى أوروبا. ونظراً إلى أهمية هذا المشروع وانسجاماً مع أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، وقعت شركة «روسنفت» أخيراً صفقة مع الشركة الإيطالية بشراء نسبة 30 في المئة منه، ببليون و250 مليون دولار. أما بالنسبة للبنان فقد دخلت شركة «نوفاتك» الروسية بشراكة بنسبة 20 في المئة، في مقابل 40 في المئة لكل من شركي «إيني» الإيطالية و «توتال» الفرنسية، للتنقيب واستثمار للرقعتين رقم 4 في الشمال ورقم 9 في الجنوب.
 
وبما أن الهدف الاستراتيجي هو تصدير الغاز عبر الأنابيب إلى أوروبا، برزت تركيا عقدة الحل في المعادلة، خصوصاً أنها تضغط لتكون جزءاً من الاتحاد الأوروبي، وورقة الطاقة بيدها وهي متحمسة جداً للإمساك بالأمن «الطاقوي» الأوروبي. وقد تسارعت الخطوات بتوقيع الاتفاقات بين موسكو وأنقرة، وكذلك الخطوات التنفيذية، حيث تم إنجاز نحو 170 كيلومتراً من أنابيب خط «السيل التركي» جرى مدها تحت مياه البحر الأسود. ويتكون المشروع من خطين، يخصص أحدهما لنقل الغاز إلى تركيا لتلبية حاجاتها والثاني لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.